اختبار ليبرمان الأول: اليكس فيشمان
يمكن منذ الان التخمين بالشعار الانتخابي التالي لافيغدور ليبرمان لرئاسة الوزراء: قوي في الامن، مرن في السلام. ثمة أكثر من تلميح على أنه يوجد بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع الجديد توافق على مواصلة المسار لتسوية إسرائيلية ـ فلسطينية، كجزء من تسوية شاملة مع العالم العربي بقيادة مصر.
صحيح أن التعهد الذي قطعه نتنياهو للرئيس المصري السيسي كي يشرع علنا بهذه الخطوة مع العالم العربي، كانت مفصلة على قياس المعسكر الصهيوني، ولكن يتبين أن المسار ـ على الاقل في مستوى النوايا ـ يبقى على حاله. ليبرمان في الداخل، يمكن مواصلة الدحرجة، وعلى الاقل الحديث عن التسوية.
في منتصف الاسبوع الماضي نقل المصريون تحفظاتهم على تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع. ويوم الجمعة الماضي هاتف نتنياهو السيسي لتهدئة روعه: المبادرة السياسية التي اعدها توني بلير في الاشهر الاخيرة بالتعاون مع مندوب رئيس الوزراء، المحامي اسحق مولكو، مستمرة كما كان مخططا.
وحسب مصادر مصرية، كرر نتنياهو في الحديث الالتزامات الإسرائيلية التي قطعت للرئيس المصري عشية كلمته العلنية في 17 ايار، والتي دعا فيها إسرائيل والفلسطينيين إلى اللقاء في مؤتمر يبحث في التسوية السلمية، بل وتعهد بأنه فور اداء الوزراء الجدد في حكومته الموسعة اليمين القانونية سيعود ويصرح علنا عن تأييده للخطوة التي يقودها السيسي.
شخصيات في القيادة المصرية، قرأوا محضر الحديث بين الرجلين، اخذوا الانطباع بان نتنياهو يتحدث ايضا على لسان شريكه الجديد ـ ليبرمان. ولعله من أجل تعزيز هذا الاحساس، اعلن مقرب ليبرمان، موشيه ليئون، في بث اذاعي يوم الاحد، بان ليبرمان ملتزم بالمبادرة الاقليمية. والمبادرة الاقليمية الوحيدة الموجودة عمليا هي تلك التي يقودها السيسي. وبالمناسبة، زار في بداية الاسبوع مصر وفد رفيع المستوى من رجال وزارة الخارجية، ولكن خلافا لما نشر في إسرائيل فانه لم يكن جزء من الخطوة السياسية المخطط لها. فالموظفية في وزارة الخارجية لم تشرك بعد، وتكتفي في هذه الاثناء بالحوار الجاري بين وزارتي الخارجية. وهو انجاز جميل بحد ذاته.
لم ينبع القلق في مصر فقط من مجرد التغيير في مبنى الائتلاف في إسرائيل وانصراف المعسكر الصهيوني عن المفاوضات على الانضمام إلى الحكومة بل من الخوف من أن كمية الاصابع التي يجلبها ليبرمان معه لن تكفي لمنع فيتو البيت اليهودي على الخطوة.
عشية خطاب السيسي نقل توني بلير للرئيس المصري التزامين من نتنياهو، وفرا له في واقع الامر «ضوء أخضر» للعمل مع السعودية والامارات. الاول: بيان إسرائيلي يقبل مبادرة السلام السعودية، في ظل حقيقة ان لديها تحفظا ستبحث في اطار الحوار مع مندوبي العالم العربي. والثاني: تكرر إسرائيل علنا التزامها بالدولتين للشعبين، وبشكل غير علني تنفذ خطوات ما لمنح مصداقية لهذا التعهد، مما سيضع وزير الدفاع الجديد امام الاختبار السياسي الاكبر الاول له.
في لقاء اجراه في اواخر ولايته كوزير للخارجية مع طلاب في الكلية متعددة المجالات في هرتسيليا صرح ليبرمان قائلا: «تسوية شاملة مع العالم العربي المعتدل هي التي ستؤدي إلى حل المسألة الفلسطينية». وقال هناك انه في العصر الحالي توجد أمام إسرائيل فرصة كبرى للوصول إلى تسوية اقليمية، علاقات دبلوماسية وعلاقات تجارية: «تصوروا ان تتمكنوا من أخذ طائرة مباشرة من تل أبيب إلى الدوحة أو إلى الرياض. هذا واقع جديد، مختلف تماما. فالقدرة التكنولوجية لإسرائيل والقدرة والعظمة المالية للعالم العربي المعتدل سيغيران واقع الشرق الاوسط والعالم كله». وبرأي ليبرمان، فان التسوية مع الفلسطينيين هي نتيجة جانبية للمسيرة. وقال: «اذا عرفنا كيف نصل إلى مثل هذا الوضع، لن نضطر إلى الرباعية أو غيرها». وبزعمه السلطة الفلسطينية خائفة، ولا يمكنها ان تصل إلى التسوية وحدها مع إسرائيل. وضمن امور اخرى تخاف من اغراق مئات الاف اللاجئين ممن يصلون إلى الضفة ولن تتمكن من توفير مصدر رزق لهم. وعليه فتسوية شاملة فقط ستؤدي إلى حل المسألة الفلسطينية.
وها هو ليبرمان يدخل إلى الحكومة، فيما انه توجد على الطاولة مبادرة مصرية لحل شامل. والان هذا ايضا في يديه. الان سنرى كيف ستخضع تصريحاته عن التسوية الشاملة لاختبار ثمن البطاقة الذي سيكون مطالبا بان يدفعه للعالم العربي كي يدخل إلى المسيرة. فهو سيكون مطالبا، منذ الان، باتخاذ قرارات مصيرية فيها مرونة وحتى تنازلات للفلسطينيين على حساب المستوطنين.
يديعوت