بقلم غالب قنديل

الانكشارية وموائد عوكر

غالب قنديل

استخدم السيد سعد الحريري تعبير الانكشارية في رده على خطاب قائد المقاومة السيد حسن نصرالله ومن خلال أسطوانته المستمرة عن ما يسميه “حروب حزب الله في المنطقة”.

إن كان البعض يلتمس عذرا للشيخ سعد في مدى معرفته الحديثة بمدلول المفردات فإن الحقيقة العلمية تقول إن حزب الله لا يشن حروبا هجومية في أي مكان فهو يقود مقاومة وطنية باسلة حررت الأرض وهي تدافع عن سيادة بلاده كما يقدم نموذجا تاريخيا في الدفاع عن المنطقة وشعوبها ضد التهديد الصهيوني العدواني وضد التوحش التكفيري الذي يهدد الجميع ونجاحات حزب الله في الجبهتين توفر الأمان والاستقرار النسبي الذي ينعم به اللبنانيون ومنهم الشيخ سعد الحريري وتياره السياسي الذي يشارك في الانتخابات البلدية مع سواه من القوى السياسية بحماية منظومة الردع ضد التهديدين الصهيوني والتكفيري التي يقيمها حزب الله بالشراكة مع الجيش ومن هنا دعوة السيد نصرالله للتمسك بثلاثية الشعب والجيش والمقاومة التي حررت الأرض وهي تحمي السيادة والوجود حتى اليوم رغم كل التنغيص والتنكيل الصادرين عن القوى المناوئة التي لا تنفك تطعن المقاومة في ظهرها كما هو الحال والمثال بتصريح الحريري وهي القوى التي لم تقصر في محاولاتها لشق الشعب بالفتنة ولإضعاف الجيش بالنيل من هيبته وبمنع تسليحه.

حزب الله طليعة شعبية مقاتلة مؤمنة بوطنها وبشعبها وتحمل رسالة حرية تقوم على الالتزام بحقوق وطنية سيادية وبثقافة التضحية في سبيل الوطن والشعب وهو لذلك يقدم الشهداء في حربه الدفاعية ضد انكشاريتين متوحشتين تستهدفان المنطقة بدعم من الولايات المتحدة الحليفة المحببة والملهمة لبعض القيادات اللبنانية. الإنكشارية الصهيونية تمثل التهديد المركزي الأول كما قال السيد نصرالله يوم امس وهو امر يكتسي اهمية مضاعفة ونوعية مع صعود أفيغدور ليبرمان إلى سدة وزارة الحرب في حكومة بينامين نتنياهو حيث يتوقع العديد من الخبراء انطلاق وتفعيل خطط التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني مع تثبيت هذا الثنائي الصهيوني لتعبير الدولة اليهودية في بيان الاتفاق بين حزبي الليكود وإسرئيل بيتنا.

وإلى جانب الإنكشارية الصهيونية تواجه المنطقة تهديدا وجوديا من الانكشارية التكفيرية انتجته الولايات المتحدة لتعويض هزائم الصهيونية المتراكمة منذ يوم التحرير قبل ستة عشر عاما يوم انتصار المقاومة اللبنانية بالشراكة مع الشعب والجيش وقد رعت واشنطن هذا الأخطبوط الإرهابي ودعمته بواسطة من يتبعها من حكومات المنطقة تتقدمها حكومات السعودية وقطر وتركيا والأردن التي توزعت محاور التسليح والتمويل والإسناد السياسي والإعلامي لداعش والقاعدة ومثيلاتها في سورية والعراق وليبيا ومصر وغيرها من الدول العربية المستهدفة.

الانكشارية العثمانية هي أصل المصطلح وكانت نتاج تجميع مرتزقة واستخدام أسرى في تنظيم فرق قتل دموية ارتكبت المذابح وخاضت الحروب ومارست القمع والتنكيل والإرهاب المتوحش في العديد من بلدان المنطقة ولاسيما في الشرق العربي خلال الاحتلال العثماني.

ينطبق الوصف الإنكشاري على المستعمرين الصهاينة الذين حشدوا من أربع جهات الأرض لاغتصاب أرض عربية ولإقامة كيان عنصري وممارسة أعتى صنوف التوحش في اقتلاع الشعب الفلسطيني وتشريده وشن الحروب العدوانية بدعم من الغرب والولايات المتحدة وبتآمر من الحكومات العربية التابعة لها ولم تشرع تلك الحلقة المفرغة تنكسر إلا بظهور مقاومة حزب الله التي راكمت قدرات التحرير والردع الاستراتيجي وسط تواطؤ لبناني وعربي ودولي لم ينقطع بل هو يتصاعد اليوم ويتخذ أشكالا جديدة ومعروفة كما ان التوصيف الإنكشاري مطابق وبشدة لبنية داعش وجبهة النصرة ومثيلاتهما حيث يحارب حشد من الإرهابيين والمرتزقة متعددي الجنسيات لتدمير الدول والمجتمعات العربية ولمحاولة سحقها تمهيدا لإخضاع المنطقة أمام فصل جديد من المشروع الصهيوني محوره اقتلاع من تبقى من الفلسطينيين في وطنهم وعلى امتداد الأرض المحتلة عامي 1948 و1967 وتشريدهم إلى الدول المجاورة لينضموا إلى ملايين اللاجئين الفلسطينين والنازحين السوريين.

سحقت المقاومة بنجاح خرافة العدو الذي لا يقهر وبرهنت على الطريق التاريخي لنزع زمام المبادرة من هذا العدو باعتراف الصهاينة وهي تطارد الانكشارية التكفيرية دفاعا عن لبنان وسورية وتقدم نموذجا خلاقا في التعامل مع قوى التوحش التي يستخدمها الأميركيون ويسعون اليوم للتذرع بوجودها وبخطرها لتوسيع رقعة تدخلاتهم ولاسترجاع بعض نفوذهم الذي خسروه في المنطقة خلال السنوات الماضية نتيجة حروب العدوان والاحتلال والتدمير التي شنوها مباشرة ام بالواسطة وصفق لها وانخرط فيها كثير ممن أسعدتهم “موائد عوكر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى