بقلم غالب قنديل

التوحش وحق السوريين في الحياة

غالب قنديل

مشاهد التوحش الآتية من طرطوس وجبلة تنبيء مرة جديدة بحجم الكارثة التي حضرتها دوائر التخطيط الغربية الصهيونية للنيل من إرادة الحياة ومن التمسك بالكرامة الوطنية والقومية لدى شعب لم يذله المستعمرون على مر العصور.

سألت غير مرة في دمشق عن عدد المواطنين الذين نزحوا إلى الساحل السوري واحتضنوا هناك وقيل لي إنهم ملايين وهو بالفعل ما تشير إليه تقارير وأرقام متداولة في الغرب .

كنت اكرر على مسامع الأصدقاء ان اهم مشهد سوري يدمر الرواية المعادية ويجهز على التضليل هو ما يجسده من حقائق الحياة والوحدة الوطنية مشهد مدن الساحل التي تحتضن الأهالي الوافدين من جميع المحافظات التي هددها الإرهابيون وغزتها عصابات التوحش التي يدعمها حلف العدوان الأميركي الصهيوني الرجعي .

في طرطوس وجبلة وسائر مدن الساحل السوري ملايين الناس الذي هجرتهم عصابات التوحش من مدنهم وقراهم في محافظات دير الزور والرقة وحلب وحمص وسواها من المناطق التي هزها الإرهاب وخلف أشلاءا ودمارا واوجاعا شتى وقد باتت تلك المدن مع دمشق خزانا لجموع شعبية ضخمة هجرتها الحرب فانتقلت إلى اماكن جديدة طلبا للأمان والعمل والحياة بكرامة في كنف الدولة السورية والجيش العربي السوري .

الدجالون الذين حاولوا في روايتهم الإعلامية توصيف الساحل بدمغة طائفية على جري عادتهم في التحريض المكمل لخطب داعش والقاعدة وزمرة الأخوان يطمسون حقيقة ان الساحل السوري هو مرآة سورية الحاضرة وحيث استقبل الناس بمحبة وسخاء اولئك الهاربين من الجحيم وفي كثير من الحالات قيل إن عائلات لمسلحين ومتورطين في القتل والذبح احتضنت في تلك المدن التي احتوت نبضا جديدا للحياة والإنتاج في زمن الحرب واتسعت قلوب أهلها وبيوتهم للقادمين بمحبة خالصة تكشف رسوخ الثقافة الوطنية والهوية الوطنية لدى المجتمع السوري بجميع نواحيه ومكوناته حيث تتوارى الطائفية الكريهة ويحل التسامح الديني ومنطق وحدة الانتماء الوطني عند الناس العاديين الذي صدوا محاولات تشويه التاريخ والثقافة والهوية ولهم تراث قديم في هذا النسق من الوعي جسدوه في خضات كثيرة شهدت محاولات لاستثارة النعرات وافتعال الصدامات الطائفية والدينية لكن تلك المناطق السورية المفاخرة بنسيجها الغني بتنوعه الديني تعتز بهويتها الوطنية قبل كل شيء .

دواعش القنوات الإعلامية المشاركة في الحرب لاقوا المفجرين بعبارات مفضوحة هي بضاعة كاسدة عند المهجرين والحاضنين على السواء فمن قدموا إلى الساحل هربوا من ذلك الوحش ومجازره وويلاته ومنهم من نقل معه معمله او ورشته الحرفية وهم مطمئنون في كنف اهلهم السوريين ودولتهم الوطنية وقواتهم المسلحة وكفى بتلك اللوحة ان تكون محفزا لعصابات التوحش التي ارتكبت المجزرة.

تضيق الخيارات في مراى الجثث المتفحمة والكتب المدرسية الممزقة وبقع الدم المتخثر في أماكن التفجيرات الآثمة ولا يبقى غير صوت النفير لمقاتلة الإرهاب وسحقه على أرض سورية ولا مجال أبدا لترف الكلام عن عملية سياسية تدور في حلقة مفرغة ولن تجد لها مكانا فعليا في ظل إصرار دول العدوان وعملائها على إدامة حلقة النزف بالحديد والنار وبالموت الجماعي الأعمى الذي يديره معتوهون دمويون في الخليج وتركيا والغرب.

سورية تقاتل في حربها الوطنية من اجل استقلالها ولحماية حق أهلها في العيش بامان وكرامة تلك هي المسألة وبكل بساطة ولذلك لا مجال للاختيار ولا لحشد الحجج في التنصل من الموقف في أي مكان من العالم حول ما تتعرض له سورية اليوم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى