معركة الفلوجة ومعركة الرقة حميدي العبدالله
لا شكّ أنّ هناك رابطاً يجمع بين الحديث عن بدء عملية عسكرية لتحرير الفلوجة من سيطرة «داعش» والاستعدادات الأميركية لغزو مدينة الرقة السورية.
لا يكمن هذا الرابط فقط في كون القوات الأميركية هي الجهة التي تقود العمليات العسكرية في المنطقتين، بل يكمن أساساً في أنّ الهدف من فتح معركة الفلوجة في هذا التوقيت بالذات، وبعد أن صرّح أكثر من مسؤول عسكري أميركي في وقت سابق أنّ الأولوية لتحرير الموصل وليس الفلوجة، يكمن في أنّ فتح معركة الفلوجة من شأنه أن يولد ضغوطاً عسكرية على تنظيم «داعش» يرغمه على عدم حشد المزيد من القوات في الرقة لمواجهة الهجوم عليها من قبل ما يسمّى «قوات سورية الديمقراطية»، حيث أشارت التقارير إلى أنّ عديد هذه القوات الذي سوف يشارك في الهجوم على الرقة يقدّر بحوالي 12 ألف مسلح. بديهي أنّ هذا العدد ربما لا يكون كافياً، إلا إذا كان هناك تواطؤ بين «داعش» وبعض داعميه الإقليميين للانسحاب من الرقة من دون قتال، أو من خلال قتال مسرحي للتعمية وعدم كشف ارتباط «داعش» بالدول والجهات التي تشارك في الحرب على سورية.
توقيت بدء المعركة لتحرير الفلوجة، والسماح لقوات الحشد الشعبي بالمشاركة في المعركة، حيث أفادت التقارير بأنّ كتائب حزب الله قامت بقصف مواقع «داعش» في المدينة، لا ينطلق من قرار عراقي أميركي بإيلاء الفلوجة الأهمية التي تستحقها كون الفلوجة أقرب مدينة كبيرة يسيطر عليها «داعش» إلى بغداد، بل من حسابات لها صلة بالاستعدادات الأميركية للاستيلاء على مدينة الرقة، لما لهذه المدينة أولاً من رمزية، حيث يريد الرئيس أوباما بعث رسالة مفادها أنه قبل أن يترك البيت الأبيض وجّه ضربة قوية لتنظيم «داعش» في سورية والعراق، طبعاً هذا إضافة إلى أهداف أخرى تكمن وراء السيطرة على مدينة الرقة، وأبرزها الوصول إلى هذه المدينة قبل الجيش السوري وحلفائه، واستغلال سيطرة الأميركيين عليها لإطالة أمد الأزمة في سورية وابتزاز الحكومة السورية لقبول مبدأ تقاسم السلطة مع الجماعات السورية المرتبطة بالولايات المتحدة.
لا شك أنّ تحرير الفلوجة وسيطرة الأميركيين على الرقة، إذا ما سار المخطط وفق ما هو مرسوم له، سيدخل الصراع بين محور المقاومة والممانعة وحلفائه من جهة، والمحور الأميركي من جهة أخرى مرحلة جديدة.
(البناء)