تراجيديا ربيع 2016: الوف بن
المتفجرات التي فككت حكومة نتنياهو – يعلون كانت فيلم الاعدام في الخليل، ونشره دفع المسؤولين العسكريين والسياسيين إلى أخذ جانب وموقف: هل الجندي مطلق النار اليئور أزريا هو مجرم ام صديق؟ هل يستحق السجن او الوسام؟ لقد اختار رئيس الحكومة الجندي، واختار وزير الدفاع ضباطه وقادته، في تلك اللحظة تحركت العملية التي ادت إلى اقالة يعلون واستبداله بأفيغدور ليبرمان.
ان نشطاء «بتسيلم» لم يتخيلوا ان تكون للفيلم هذه النتائج. ولكن مثل الابطال في التراجيديا اليونانية او الشكسبيرية، فان شرههم دفعهم إلى الضياع. لا شك بان الكشف عن الاعدام كان الانجاز الاكبر لمنظمات حقوق الانسان في المناطق. ولكن بدلا من ان نشر الفيلم سيشجع تطبيق قوانين الحرب في المناطق، ومعاقبة «المتجاوزين» فان ما سيحصل هو العكس. مع وجود ليبرمان في وزارة الدفاع ستكون هناك افلام اخرى مثل فيلم الخليل.
ليس فقط «بتسيلم» تصرفت كبطل مأساوي في الازمة. يعلون هو الاخر، الذي سار حتى النهاية مع الصورة الذاتية والعامة لحارس الاخلاق والعدل. فمنصب وزير الدفاع هو لضمان سيطرة القيادة السياسية على الجيش، وليكون كبش فداء للعمليات والحروب. وقد فعل يعلون العكس: بدلا من أن يقرأ الاشارة من رئيس الوزراء ويسير على الخط معه، اشعل أجواء التمرد في الجيش. واذا كان ممكنا في قضية أزريا تبرير سلوكه في الاصرار على تنفيذ تعليمات فتح النار وصلاحيات القادة، والمرور عنها كيفما اتفق إلى جدول الاعمال، فان تأييده لنائب رئيس الاركان ضد نتنياهو ووزراء اليمين كان لا يغتفر. فخطاب يئير غولان عن اسرائيل اليوم وعن المانيا في حينه، لم ينفذ أي أمر او حاجة عملياتية. ومن اللحظة التي سانده فيها يعلون، فقد وقع هو نفسه على امر نقله من الكريا.
البطل المأساوي الثالث في القصة هو بالطبع اسحق هرتسوغ، الذي بذل جهودا عالمية لكي يعين الناطق الدولي بلسان نتنياهو. فقد حلم ببساطة بان يحتك بعظماء المعمورة ويتحدث في المواضيع السياسية الهامة، بل واظهر كفاءات دبلوماسية لا بأس بها في المفاوضات مع نتنياهو، التي أدخل اليها رئيسي فرنسا ومصر. ولكن هرتسوغ هو الاخر اراد تشريفات وحقق مصائب. وعلى أي حال فقد تبددت مصداقيته وانتهت حياته السياسية. الخسارة ليست كبيرة. ولكن خسارة انه منح حكومة اليمين شهادة التسويغ الداخلية والدولية بموافقته على تبني مواقفها (الدولة فلسطينية غير عملية ومحظور أن يظهر الانسان كـ «محب للعرب»).
البطل التالي، والاهم منهم جميعا هو رئيس الوزراء. فقد خرج نتنياهو وكأنه منتصر من الازمة: فقد اراد أن يوسع ائتلافه ونجح. وبعد لحظة ستقر الميزانية لسنتين، والهدوء سيعود إلى شارع بلفور حتى 2019. إذن هذا هو. بدلا من أن يتمتع بخدمات العلاقات العامة والمحامي الكفؤ مثل هرتسوغ، الذي اراد اجمالا مكتبا، بطاقة سفر وبعض الهذر غير الملزم بالمسيرة السياسية، من الان فصاعدا سيسيطر على نتنياهو الان اثنان من المدعين لكرسيه، ليبرمان ونفتالي بينيت. اراد قوة اخرى وحقق ضعفا: المفاوضات مع هرتسوغ كشفت النقاب عن أن نتنياهو غير قادر على أن يمرر أي خطوة سياسية في الليكود. دوره في القيادة السياسية سيتلخص من الان فصاعدا بتقليص الكوارث التي سيقترحها بينيت وليبرمان.
وأخيرا، المنتصر الاكبر ليبرمان، الذي انتظر على مدى سنة خارج الحكومة وحظي الان برفع المستوى. اعصابه القوية كانت مجدية فلم يغره البقاء في موقف عديم التأثير في وزارة الخارجية بعد ست سنوات من الفراغ من المضمون. كما أنه انقذ من المسؤولية الجماهيرية عن انتفاضة الافراد التي ستلقى من الان فصاعدا على يعلون المنحى. ولكن ليبرمان هو الاخر بطل مأساوي، فقط ان في حالته المأساة هي مأساتنا جميعا.
هآرتس