العدو رقم واحد في سورية
غالب قنديل
كانت لافتة للانتباه مقالة الجنرال الصهيوني عاموس يادلين في يديعوت احرونوت وهو الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الصهيونية والمدير الحالي لمركز أبحاث الأمن القومي في الكيان الصهيوني ويمكن اعتباره أحد كبار مخططي السياسات الصهيونية في المنطقة.
بنيت المقالة التي نشرت مؤخرا على حلقة مركزية حاسمة هي مصلحة إسرائيل في العمل لإسقاط الرئيس بشار الأسد لأنه العدو رقم واحد للكيان الصهيوني في سورية وقد بات خطر انتصاره في الحرب التي تتعرض لها سورية تهديدا للكيان الصهيوني انطلاقا من نهج الأسد المبني على تعزيز التحالف السوري مع إيران وحزب الله وهو ما تعده الدوائر القيادية الصهيونية تهديدا كبيرا وتقود إلى التحذير منه جميع سيناريوات انكسار العدوان على سورية وقد سبق لقادة المخابرات العسكرية الصهيونية الجهاز الذي كان يرئسه يادلين سابقا ان عرضوا تقديراتهم عن التحديات والمخاطر وشرحوا خلفية التنبيه من نتائج انتصار الجمهورية العربية السورية كأفق تقود إليه الوقائع المتراكمة في سياق الحرب وتداعياتها السياسية والاستراتيجة وقد وردت تلك الاستنتاجات في مقالة يوآف ليمور الذي نشر أواخر الشهر الماضي ( صحيفة إسرائيل اليوم – 22 نيسان ) والذي نقل عن قادة الاستخبارات العسكرية اعترافهم برجحان كفة انتصار الأسد وبتفوق حزب الله كدرع حماية للبنان في وجه الكيان الصهيوني وبعجز إسرائيل عن الحد من الوجود الإيراني في سورية واضطرارها للتكيف مع نتائج الانخراط الروسي المباشر دعما للجيش العربي السوري وحلفائه ولخص المقال يومها محاضر جلسة تقدير موقف لقادة الاستخبارات العسكرية الصهيونية في لبنان وسورية وفلسطين والمنطقة والعالم .
الحقيقة التي يجاهر بها الجنرال يادلين مدركة عند العديد من المحللين والكتاب والقادة منذ انطلاق العدوان على سورية وحيث كان التدخل الصهيوني المباشر في سياق العدوان واضحا وأوضح منه كانت بالأصل حقيقة ان الحرب على سورية تخدم كيان العدو الذي تجندت لخدمة مصالحه ولتعويض هزائمه حكومات حلف العدوان بقيادة الولايات المتحدة وبشراكة مباشرة من جميع حكومات الناتو وحكومات إقليمية تتصدرها المملكة السعودية وقطر وتركيا كما بات معروفا.
فالقيادة الفعلية للحرب على سورية كما الأهداف الفعلية لكل ما لحق بسورية من تدمير وتخريب بواسطة عصابات التوحش والإرهاب التكفيري الأخواني وما دبر ضد سورية بواسطة جماعات العملاء المجندين في الخارج داخل واجهات المعارضة التابعة والمستتبعة ، كل ذلك كان وما يزال في خدمة إسرائيل ولمحاولة تعويض خسائرها الاستراتيجية واحتواء آثار ما لحق بها من هزائم منذ اندحارها امام المقاومة في لبنان عام 2000 عندما انطلق التخطيط والتآمر للتخلص من الرئيس السوري الذي تميز بعناد وصلابة في دعمه لحركات المقاومة في المنطقة ( لبنان وفلسطين والعراق ) وكذلك في دفاعه القوي عن استقلال بلاده ومصالحها الوطنية كما تميز بالتزامه برفضه لمنطق التنازلات امام الحلف الاستعماري الصهيوني وهو لم يساير معسكر الحكومات الرجعية العربية الساعية لتصفية قضية فلسطين والتخلص منها.
مشروع الخطة التي يقترحها عاموس يادلين على القيادة الصهيونية يأتي في وقت يشير الخط البياني للأحداث إلى تراجع الرهانات الأميركية والصهيونية على بلوغ الهدف المنشود في سورية بعد الهزائم المتلاحقة التي منيت بها عصابات التكفير المتوحشة ومتعددة الجنسيات على الأرض وبعدما اجبرت الولايات المتحدة وحكومات الغرب على مراجعة حساباتها واولوياتها نتيجة لعوامل ومتغيرات عديدة يرى فيها الصهاينة خطرا جديا يلوح في الأفق من خلال احتمال التكيف مع حقيقة انتصار الأسد وفشل العدوان على سورية الذي كان استهداف رئيسها حلقته المركزية وذلك الشعار وردده رؤساء ووزارء غربيون وعرب رحلوا تباعا وبقي الرئيس الأسد صامدا ولا يبدو ان باراك اوباما سيكون آخر الراحلين بخيبتهم في مطلع العام المقبل.
يدعو الجنرال يادلين إلى الانتقال لمرحلة جديدة من الانخراط العسكري الصهيوني المباشر في استهداف الجيش العربي السوري وحلفائه مع التركيز على جبهة الجولان حيث يعيد إحياء فكرة الشريط الحدودي العميل الذي يضعه في عهدة التعاون الصهيوني الأردني المباشر وبالتنسيق مع المملكة السعودية سياسيا وعسكريا والعمل معها لجذب القيادة المصرية إلى خطة تصعيد شاملة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد ولا يفوت الجنرال الصهيوني اقتراح العمل للتأثير على الموقف الروسي والسعي لتسويق فكرة الشريط تحت ذريعة الدواعي الأمنية الصهيونية على جبهة الجولان المحتل بعدما جرى التصدي لخطة نتنياهو حول تكريس ضم الهضبة بقرار من مجلس الأمن الدولي يؤكد هوية الجولان كأرض سورية محتلة وقد سبق لنتنياهو ان تحدث عن قرار الضم من البيت الأبيض خلال لقائه الأخيرمع اوباما.
يعلم الأميركيون والصهاينة ومعهم الحكومات المتورطة خلفهم في العدوان على سورية ان أي ضغوط لانتزاع تنازلات من الرئيس بشار الأسد حول مصير الجولان والموقف السوري من الكيان الصهيوني محكومة بالفشل مسبقا وكل ما وصف بالمطالبة بحصة إسرائيلية في أي تسوية تنهي الحرب على سورية لا مكان له في قاموس الأسد والدولة الوطنية السورية وفي وعي الشعب العربي السوري المتمسك بهويته وبحقوقه الوطنية والحد الأقصى المتاح واقعيا في هذا المجال قد يكون إعادة العمل باتفاق فصل القوات وإعادة نشر قوات الأندوف وكل مراوغة صهيونية ستراكم الكثير من الوقائع والتحولات التي ستكلف كيان العدو غاليا فما يخفيه عاموس يادلين وبينامين نتنياهو وسواهما من قادة العدو هو الخوف الجدي من كابوس نشوء بنية قتالية منظمة في الجولان لحركة مقاومة سورية تبلورت مؤخرا بعض انويتها في مسار يصعب وقفه او إلغاؤه كلما مر الزمن فكل شيء كبير كان من قبل صغيرا !!