اللجان المشتركة تحصر النقاش بالمختلط… والعبرة بالمعيار محمد بلوط
لعلّ اول مفاعيل طرح مبادرة الرئيس نبيه بري الانقاذية على طاولة الحوار، هو انخراط الجميع في نقاش اكثر جدية حول امكانية انتاج قانون انتخابي في الصيف او اعادة استحضار القانون الحالي (الستين المعدل في الدوحة). وفي الحالتين صار الكلام عن تقصير ولاية المجلس الحالي واجراء انتخابات نيابية مبكرة حاضراً، ليس لانتاج مجلس جديد فحسب بل من أجل انتخاب رئيس للجمهورية ايضاً.
وما قاله الرئيس بري على طاولة الحوار خلق أجواء محفّزة للنواب في جلسة اللجان النيابية المشتركة امس التي تابعت مناقشة قوانين الانتخابات، لكن السؤال المطروح دائماً هل يعني ذلك ان هناك فرصة لكي تتوصل الى قواسم مشتركة تنتج قانوناً جديداً؟
الأجواء التي سادت في جلسة أمس أظهرت ان التباين مستمر حول طريقة التعاطي مع مناقشة قانون الانتخاب، وإن قرر المجتمعون حصر النقاش في الجلسة المقبلة باقتراحي القانون المختلط، الاول مقدم من النائب علي بزي بانتخاب 64 نائباً على النظام الاكثري و64 على النظام النسبي. والثاني كان مقدما من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية ويعتمد انتخاب 68 نائباً على الأكثري و60 على النسبي.
وتقول مصادر نيابية ان اللجان هي اليوم أمام الامتحان نفسه الذي واجهته لجنة التواصل النيابية سابقاً، حيث ادت الخلافات حول الدوائر والمعايير والتقسيم بين النسبي والاكثري للوصول الى حائط مسدود وان هناك حاجة اليوم لما يشبه المعجزة من اجل تضييق الخلاف والوصول الى صيغة واحدة، خصوصاً اذا ما اصر البعض على تغليب مصلحته السياسية في هذه الدائرة او تلك، وتجاوز المعيار الواحد.
وبرأي المصادر ان التركيز يجب ان يتمحور حول الانطلاق من معيار واحد يحكم تقسيم الدوائر بالتوازي مع اعطاء فرصة متساوية بين النظامين الاكثري والنسبي، وهذا ينطبق اكثر على اقتراح الرئيس بري المقدم بواسطة النائب بزي.
وتضيف المصادرا نه عندما نعتمد هذا التوجه يمكن الاخذ باقتراح رئيس المجلس، مع امكانية اجراء تحسينات او تعديلات طفيفة لصالح قانون اقرب الى العدالة والتوازن من الاقتراع الاخر.
وتعتقد المصادر النيابية ان الاقتراح المقدم من «المستقبل» و«الاشتراكي» و«القوات» لا ينطلق من معيار واحد اكان على مستوى تقسيم عدد من الدوائر او على مستوى المناصفة بين الاكثري والمختلط، وان هناك حاجة لاعادة تصحيح هذا التوجه بما يراعي مبدأ العدالة والمساواة في اي قانون يراد منه ان يكون الاقرب الى التمثيل الصحيح.
والى جانب ذلك تبرز حقيقة اخرى في وجه صيغة الاقتراح المذكور هي تخلي احد اركانه النائب جنبلاط عنه عمليا، واقراره في جلسة حوار سابقة ان المتغيرات والتحالفات السياسية تجاوزت صيغته.
ووفقا ايضا لاجواء جلسة اللجان امس فان هناك اطرافا ما تزال تعارض الاقتراحين كحزب الكتائب الذي يدعو الى الدوائر الصغرى والنظام الفردي، والتيار الوطني الحر الذي يشدد على الدوائر الخمس عشرة مع النظام النسبي او يعمل الى اعادة احياء القانون الارثوذكسي الموجود في الهيئة العامة.
ومما لا شك فيه ان النقاش الذي دار امس في اللجان عكس هذه التباينات لكنه في الوقت نفسه حمل ايجابيتين على وقع تحريك الرئيس بري لمياه قانون الانتخابات وهما: الرغبة في حسم هذا الموضوع في مهلة شهر او شهرين، والموافقة على تكثيف اجتماعات اللجان المشتركة بمعدل جلستين في الاسبوع اعتباراً من الشهر المقبل.
وهنا لا بد من تسجيل حقيقة اخرى هي ان قانون الستين الحالي المعدل في الدوحة عاد الى الواجهة بصورة مباشرة، ومن دون مواربة، وان ما قيل في الحوار واللجان وعلى جوانبهما يوحي بان خيار اجراء الانتخابات على اساسه بات خياراً حاضراً وربما راجحاً بانتظار جلاء مصير مبادرة الرئيس بري بكل بنودها.
ـ وقائع جلسة اللجان المشتركة ـ
وكانت لجان المال والموازنة، الادارة والعدل، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، الشؤون الخارجية والمغتربين، الاعلام والاتصالات قد عقدت امس جلسة مشتركة، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي اشار بعد الجلسة الى ان الاجتماع اختتم بتأكيد ما وصلت اليه مناقشات الجلسة السابقة على ان يبدأ البحث بالمشروع المقدم من الحكومة على ان يحصر النقاش في موضوعي الدوائر، من جهة، والنظام الانتخابي، من جهة ثانية. وبعد تلاوة المادة الاولى من مشروع قانون الحكومة، تكلم عدد كبير من السادة النواب وتركزت مناقشاتهم على اعطاء المجلس النيابي لجهة زيادة عدد الاعضاء ليشمل المغتربين اللبنانيين ومسألة التمثيل النسبي او الاكثري ووالانقسام واضح بين مؤيد للنظام النسبي او معارض له.
اضاف: «تم الاتفاق على ان ينحصر النقاش في اقتراح القانون المختلط من دون سواه في الجلسة المقبلة التي حددت في 26 أيار الحالي».
* واوضح النائب سامي الجميل «اننا طرحنا تكثيف الجلسات على ان تعقد جلستان في الاسبوع وليس جلسة واحدة. وعلى هذا الاساس ابتداء من حزيران، ستعقد جلسان في الاسبوع وليس جلسة واحدة. وأذكر بان قانون الستين هو مجزرة في حق التمثيل الصحيح».
* وقال الوزير جبران باسيل: «اريد فقط ان احصر كلامي كوزير للخارجية بموضوع نوقش في الجلسة هو موضوع اشراك المنتشرين في العملية الانتخابية. وفي مشروع الحكومة، اقترحنا ان يكون هناك تمثيل مباشر لنواب في الانتشار وعددهم 6 يتوزعون على القارات الست.
* وقال النائب أحمد فتفت: اعتقد ان تقدما كبيرا حصل اليوم في النقاش لأنه حتى الان كان هناك طرفان حاولا العمل في اتجاه التسوية لاقتراح الرئيس بري المختلط والاقتراح المشترك «القوات اللبنانية»، «المستقبل» والمسيحيين المستقلين والتقدمي الاشتراكي للمختلط. وبالتالي بعد جهد كبير في اللجان المشتركة تم التوافق اليوم على ان ينحصر النقاش في الاقتراحين نحن لسنا مستعدين في ظل الظروف الحالية ان نقبل بقانون نسبي شامل غير وارد بأي شكل من الاشكال».
* واسف النائب علي فياض «ان نستمع الى هذا الهجوم على هذا النظام الانتخابي النسبي وتصويره وكأنه كارثة تصيب الواقع التمثيلي السياسي في لبنان. بصراحة النسبية ليست اقتراحا لبنانيا او فئويا او حزبيا. النسبية اخترعت ووضعت في العالم من اجل المجتمعات التعددية المشابهة تماما للمجتمع اللبناني، والذي يرفض النسبية انما يريد ان يستمر في سياسة الاستئثار على المستوى التمثيلي في ما يتعلق بطائفته او مذهبيته او مناطقه».
* ورأى النائب قاسم هاشم «ان النظام النسبي هو الاقرب الى العدالة ويعبر عن صحة التمثيل. وهذا طرح اكثرية اللبنانيين وطموحنا على المستوى السياسي».
* وقال النائب جورج عدوان: اعتقد انه بعد جدل طويل دخلنا اليوم بالعمل الذي يمكن ان ينتج قانون انتخابات جديدا وهو البحث في المختلط لأنه يشكل المساحة المشتركة بين الجميع، لذلك آمل من الجميع أخذ هذا الموضوع بكثير من الجدية بعدما كثرت كثيرا نغمة العودة الى قانون الستين الذي يعني بشكل واضح وصريح رفض التمثيل الصحيح لكل اللبنانيين».
ودعا «كل اللبنانيين الى تشكيل كتلة ضغط كبيرة رأيناهم ورأينا المجتمع المدني في مناسبات يقول ان لديه معركة كبيرة مع الفساد ومع المحاسبة. ومن أجل تطوير النظام وفقا للسبل الديموقراطية قانون الانتخاب هو المدخل لكل هذه الامور ».
* وقال النائب ابراهيم كنعان: «قانون الانتخاب ليس امرا يركب في تسوية او صفقة او في عملية محاباة. قانون الانتخاب الذي اصبح له 26 عاما بعيدا من الدستور والميثاق المطلوب اصلاحه. والاصلاحات التي اتمنى ان يحكى عنها بشكل اساسي في اللجان المشتركة هي التي تسمح بمراقبة المال الانتخابي ووضع حد للفساد الذي كان يحصل في كثير من الانتخابات والعمليات الانتخابية».
* من ناحيته اسف النائب آلان عون «ان اقول ان اللجان دخلت في مرحلة مراوحة او كسب وقت او انتظار انضاج مسار طاولة الحوار حول مبادرة الرئيس بري. المعضلة اليوم ليست اذا كان هناك قانون انتخابات جديد ام لا بل هل تجري الانتخابات بشكل مبكر او في موعدها لان مسار الامور كما هو ذاهب ليس مسارا ينتج قانون انتخاب، اليوم عمليا من يريد ان يسهل انتاج تسوية حول قانون الانتخابات لا يزيدها تعقيدا ولا يعيد انتاج قوانين تعيدنا 4 أعوام الى الوراء».
واضاف: «قانون الستين سيتسبب بمشكلة على كل تفصيل لها. نحن اليوم نريد انتخابات جديدة لان اعادة اجراء انتخابات على اساس قانون الستين يبشرّ بأزمات مستمرة. ولكن اذا لم يكن هناك من حل الا بانتخابات او تمديد سيكون مع انتخابات على عللها وفق اي قانون كان افضل من التمديد وسيئاته».
* وقال النائب نعمة الله أبي نصر: «في هذه اللجان اليوم موضوع تمثيل الاغتراب وأخذ وقتا كافيا ونقاشا مستفيضا. وان شاء الله مبدأ تمثيل الاغتراب ضروري سواء اعتمد النظام الاكثري او الستين او المختلط او حتى الارثوذكسي. لا يجوز ان تدفع الطوائف المسيحية عبر نظام انتخاب اكثري ثمن انتشارها على كل الارض اللبنانية وثمن انفتاحها وتعاونها مع كل الطوائف والمجتمعات اللبنانية ورفضها التقوقع ضمن منطقة جغرافية معينة، لأنها عبر التاريخ كانت مثالا للعيش المشترك، من هنا تحفظنا على قانون 1960».
(الديار)