حلقة التآمر والكراهية
غالب قنديل
من البديهي التساؤل عن الحصيلة التي يصل إليها أي تفكير منطقي او عقلاني لو أمعن اللبنانيون النظر في خلفيات الأمان النسبي الذي ينعمون به ويتمكنون بفضله من إجراء انتاخاباتهم البلدية وممارسة حرياتهم الإعلامية والتعبير عن مواقفهم وآرائهم والتصريح عن انفعالاتهم وردود أفعالهم اتجاه الأحداث دون قيود او مخاوف حتى عندما يمارسون ذلك بلغة أقرب إلى الشتيمة والعداء والكراهية في كلامهم عن حزب الله وقادته وكوادره.
من يردع إسرائيل عن تنفيذ تهديداتها بشن حرب عدوانية ساحقة ماحقة ضد لبنان ؟ ومن يردع عصابات التوحش التكفيري ومن وضع حدا لعملياتها الإجرامية ؟ أليس حزب الله الذي فرض معادلات قاهرة بدماء أبطاله المقاومين على جميع الجبهات ؟ أليست الشراكة العميقة القائمة بين المقاومة والجيش اللبناني والأمن العام وسائر الأجهزة الرسمية رغم محاولات التخريب السياسي المستمر لتلك الشراكة وللضغط عليها؟
إن أي تقدير مسؤول وواقعي لحالة الأمان النسبي التي ينعم بها جميع اللبنانيين بجميع تياراتهم وميولهم ومشاربهم يقضي برد الفضل إلى حزب الله وقياداته وكوادره ومجاهديه الذين يحرسون معادلات الردع ضد الكيان الصهيوني ويقدمون التضحيات في القتال ضد وحش الإرهاب التكفيري ويسهرون على حماية وطنهم وشعبهم .
هذه المقاومة البطلة التي هزمت الصهاينة وردعتهم والتي تحارب التوحش والإرهاب بكل بسالة وقوة وتميز هي حامية اللبنانيين وهي لم تنتظر من أحد يوما عرفانا بالجميل ولا حتى كلمة شكر بل أقصى ما طالبت به شركاء الوطن منذ ولادتها هو كف الشر والامتناع عن التآمر والطعن في الظهر وهذه المقاومة تمارس منذ انبثاقها التعالي على الجراح والطعنات التي تستهدفتها بأيد لبنانية من جانب اطراف واحزاب وتيارات وزعامات تتعيش عند مشغليها على مبدأ العداء لحزب الله وهو ما يمثل بالفعل مصدر ” أرزاق ” للكثير من القيادات اللبنانية عند الولايات المتحدة واللوبي الصهيوني الأميركي والمملكة السعودية وجميع اطراف الحلف الاستعماري الذي يكرس جهوده للنيل من المقاومة ولحماية الكيان الصهيوني بأي ثمن.
ما تغير بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري هو نجاح الاستثمار الأميركي الصهيوني والسعودي والفرنسي لتلك الجريمة في توليد التبرير والحافز لحملات الكراهية التي تستهدف المقاومة وسورية داخل لبنان ويقينا إن ذلك الاغتيال صمم لتلك الغاية قبل سواها عندما رفض الرئيس الراحل مغادرة لبنان إلى باريس بناء لطلب جاك شيراك قبل جلسة التمديد للرئيس إميل لحود ورفض مع ذلك الطلب قيادة الحملة الأميركية الفرنسية لإخراج القوات السورية ولنزع سلاح المقاومة التي انطلقت تحت ستار القرار 1559 الذي تولاه جيفري فيلتمان يوم امس رسميا وليس في تزامن تسعير الحملات على المقاومة وهذا التدبير الإداري ما يحتمل المصادفة على الرغم من عدائية تيري رود لارسن وولائه المعروف للصهيانة وهو ولاء مدفوع الأجر كما قالت وسائل إعلام اوروبية قبل عشرين عاما .
في يوم اغتيال القائد بدرالدين ومع انطلاق حملة أميركية شرسة لمحاصرة المقاومة ومحاولة النيل منها ومن قدراتها الرادعة ووسط تآمر جهات لبنانية عديدة سياسية ومصرفية على حزب الله جاء نقل ملف القرار 1559 إلى جيفري فيلتمان الذي يعرف جيدا التفاصيل السياسية اللبنانية وما زال يتدخل فيها وهو خبير معتمد في الشؤون اللبنانية استخباراتيا وسياسيا في صلب المؤسسة الأميركية الحاكمة وقد اختير بهذه الصفة لمنصبه في الأمم المتحدة وقد سبق له ان تولى إدارة حملات الشيطنة ضد حزب الله لسنوات كما قال امام الكونغرس وصرف للعملاء اللبنانيين نصف مليار دولار لهذه الغاية خلال سنوات خدمته في عوكر.
يمكن لنا اليوم النظر من تلك الزاوية بالذات إلى المواقف والتعبيرات الحاقدة والتحريضية والشامتة التي ظهرت بعد استشهاد القائد مصطفى بدرالدين كتعبير عن حجم العمالة والتآمر ضد المقاومة وليس فحسب كانعكاس لحالة متأصلة من الابتذال والسخافة والتفاهة السياسية والثقافية وللطلاق مع أبسط الأعراف الاجتماعية ولياقات التعامل مع الموت .
إنها آلة الشيطنة الأميركية سواء كان الراعي والوسيط عزمي بشارة ام مكتب الاتصال الأميركي ام شخص ما في الدوحة او الرياض او اسطنبول وربما في تل أبيب.
قدر المقاومين الأبطال في هذا الوطن الذي تحكمه طبقة رأسمالية فاجرة وعميلة وفاسدة كما تشله العصبيات وتخترقه جميع مخابرات العالم ان يلاقوا وعائلاتهم جحودا مؤلما ومؤذيا وحملات ظالمة ومسيئة ممن يتنكرون لأبسط معايير الكرامة الوطنية والشرف الوطني ويهللون ليل نهار لأسيادهم في الغرب والخليج بلغة الاستخذاء والعبودية الوقحة.