أزمة ثقة عميقة بين نتنياهو والقيادة الأمنية
برزت في الأسابيع الأخيرة خلافات كبيرة ومتناقضة في المواقف بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من جهة وبين كبار المسؤولين في جهاز الأمن، وبينهم وزير الأمن، موشيه يعلون، ورئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، ونائبه يائير غولان .
ويبدو بشكل واضح أن اختلاف مواقف نتنياهو عن قادة جهاز الأمن، جاءت بسبب سعي نتنياهو إلى مواصلة التعبير عن مواقف جمهور ناخبيه في اليمين الإسرائيلي واليمين المتطرف.
وظهرت هذه الخلافات بصورة جلية في قضية الجندي القاتل، الذي أعدم الشهيد عبد الفتاح الشريف في الخليل. فقد دان يعلون وآيزنكوت سلوك الجندي القاتل إليئور أزاريا، بينما هاتف نتنياهو والد الجندي القاتل وحاول طمأنته حيال محاكمته.
وبعد أن أطلق غولان تصريحات شبه من خلالها ممارسات في إسرائيل بممارسات في ألمانيا النازية، هاجمه نتنياهو بشدة.
حول اختلاف المواقف هذا، كتب المحلل العسكري في صحيفة ‘هآرتس’، عاموس هرئيل، اليوم الأربعاء، أن الهبة الشعبية الفلسطينية الحالية ‘هي التي سرعت تفجر هذه الخلافات المتعلقة كلها بنتائج الحكم الإسرائيلي المتواصل في المناطق’ أي في الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف أن هناك عوامل أخرى لاشتعال السجال داخل إسرائيل، بينها المعركة الانتخابية، العام الماضي، وكانت نتائجها متقاربة نسبيا، واستند نتنياهو خلالها إلى تفوهات عنصرية ضد الأقلية العربية الفلسطينية، وفي أعقابها تشكيله حكومة يمينية ضيقة، الأمر الذي قلص حيز المناورة السياسية لديه.
إلى جانب ذلك، بحسب هرئيل، فإن هناك إحباط في صفوف اليمين العقائدي نابع مما يعتقدون أنه انعدام قدرة لترجمة التفوق في صناديق الاقتراع من أجل وضع سياسة واضحة ومتشددة ضد الفلسطينيين ومعارضيهم السياسيين.
ورأى هرئيل أن اختلاف المواقف بين نتنياهو وبين القيادة الأمنية ‘يدل على وجود أزمة ثقة عميقة ومتعددة الطبقات. وقد تصدعت الثقة بين نتنياهو ويعلون’، على خلفية المواقف المتناقضة من الجندي القاتل، وأيضا من غولان، الذي عبر يعلون وآيزنكوت عن دعم كامل لنائب رئيس أركان الجيش بينما هاجمه نتنياهو، ومعه اليمين المتطرف، بشدة.
وأضاف هرئيل أن تتسع الفجوة بين مواقف هيئة الأركان العامة للجيش ‘وقيمها’ وبين الجمهور الإسرائيلي، وبرز ذلك بوضوح في الدعم الشعبي الواسع للجندي القاتل، وفقا لاستطلاعات نُشرت مؤخرا.
ورأى هرئيل أن الأمر الأهم في هذا السياق، هو أنه إذا كان الجنود يعكسون آراء ومواقف عائلاتهم، فإنه على الأرجح توجد لدى القيادة العليا للجيش مشكلة مع الجنود أنفسهم أيضا.
وأشار هرئيل إلى عقيدة مؤسس إسرائيل، دافيد بن غوريون، ببناء ‘جيش الشعب’، وكتب أن هذا الأمر لا يزال صحيح اليوم أيضا لكن ‘الشعب تغير قليلا’ بالانزياح نحو اليمين. ‘وبما يتلاءم مع ذلك، يبدو أنه جرى تعديل أفكاره حيال قيود ممارسة القوة’ ضد الفلسطينيين.
ولفت هرئيل إلى أنه ولّت الأيام التي كان الجيش يسيطر فيها على اتصالات جنوده مع العالم خارج الجيش.