غازي عينتاب مدينة الـ”دواعش” والجواسيس والنخاسة
نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرا يصف حال مدينة غازي عنتاب التركية الحدودية مع سوريا، والتي أضحت تجمع الـ”دواعش” واللاجئين الفارين من الحرب.
وروى مراسل الصحيفة البريطانية، دانيال بوفري، ما شاهده في المدينة التي تحدث فيها مع مجموعة من اللاجئين السوريين الذين يعانون من تبعات الأزمة في بلادهم وأجندات تنظيم “داعش” الإرهابي.
وحين سأل الصحفي لاجئا سوريا يدعى رامي الخطيب، جاء من حلب، إذا ما كان متفائلا حيال المستقبل؟ فنظر وهو يسحب أنفاسا من سيجارته، وعلت محياه ابتسامة ساخرة تبرق بالإحباط قائلا “هناك سؤالان لا ينبغي أن تطرحهما على أي سوري وهذا أحدهما”.
وأضاف الشاب السوري قائلا “أما السؤال الثاني فهو أين ترى نفسك بعد 5 سنوات؟”.
ويكمل رامي “كيف أكون متفائلا بالمستقبل وقد فقدت العديد من الأصدقاء وأفراد عائلتي مع وجود هذا الصراع الفوضوي والإبادة الجماعية التي تنفذها الجماعات الإرهابية”.
ويقول الخطيب إنه قلق جدا مما قد يحدث هنا، مشيرا إلى أن زوجته وهي صحفية أسترالية في سيدني، غادرت بعد اغتيال ناجي (الجرف) لأنها لم تعد تشعر بالأمان، مضيفا بأن على رفاقه أن يتخذوا الحيطة والحذر في كل لحظة، ولكن هذا غير ممكن مع اضطرار الموظفين لاستقبال العديد من الناس في مكاتبهم، حسبما جاء على لسانه.
الخطيب، يعمل مع 26 شخصا منهم 18 سوريا في مدينة غازي عنتاب جنوب شرق تركيا في أحد برامج التنمية الممولة من قبل بريطانيا، والبرنامج يدعى “تمكين”، وقد تم إطلاقه في العام 2013.
وهناك أكثر من 76 مواطنا سوريا يعملون لحساب البرنامج في 38 منطقة داخل سوريا، من بينها 4 مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة السورية في كل من إدلب وحلب ودرعا، وبعض مناطق ريف دمشق.
من جهتها، قالت فتاة سورية تعمل لدى إحدى منظمات الإغاثة، تدعى مروى بوكا: “نحن نتلافى التواجد في الأماكن العامة”.
كما أفادت مديرة برنامج “تمكين” ليلى كاتيك، بالقول: “نحن لا نستطيع الخروج أو الدخول إلى مناطق ريف دمشق لذلك فإننا لم نتمكن من رؤية أحد منهم ولكن نتواصل عبر سكايب”.
غازي عنتاب، المدينة التي تتميز بجمالها ومبانيها الممتدة ومآذن المساجد الكثيرة التي تملأ أفقها، شهدت اغتيال نشطاء صحفيين على يد عناصر تنظيم “داعش”، أبرزهم ناجي الجرف الذي قتل بوسط المدينة في شهر ديسمبر/كانون الأول 2015 لتصويره فيلمين عن تنظيم “داعش”، كما قتل مراسل قناة حلب اليوم محمد زاهر الشيرقاط، أشد منتقدي التنظيم المتطرف، في شهر أبريل/الماضي، بالقرب من الموقع الذي تم فيه اغتيال ناجي.
كما انفجرت الأسبوع الماضي إحدى السيارات المفخخة من قبل “داعش” مخلفة قتيلين والعشرات من المصابين من أفراد الشرطة على مقربة من أحد مراكز الأمن، علما بأنه قد تم اعتقال أكثر من 30 شخصا مشتبها به منذ ذلك الهجوم.
جدير بالذكر أن مدينة غازي عنتاب كانت قبل الحرب من المدن الشهيرة بصناعة حلويات “البقلاوة”، أما اليوم فتبدو محط أنظار الجواسيس واللاجئين وعمال الإغاثة، والأخطر من ذلك أعضاء خلايا “داعش” النائمة.
وفي غازي عنتاب يستعد مراهقون أوروبيون للانضمام لـ”داعش”، حيث تم العثور على العديد من المتفجرات وأحزمة الانتحاريين المتفجرة والقنابل اليدوية وبنادق الكلاشنكوف، مخبأة في إحدى الشقق.
وفي هذه المدينة أيضا، تم اعتقال ابراهيم الباقوري أحد الأخوين المتهمين بتنفيذ هجوم أدى إلى مقتل 32 شخصا في بروكسل في شهر مارس/آذار الماضي وتم ترحيله إلى هولندا فيما أصرت بلجيكا على عدم تورطه بالحادثة.
وبالغوص في أعماق غازي عنتاب، ينكشف العالم المخفي عالم النخاسة حيث يتم بيع زوجات وبنات الرجال الذين قتلهم تنظيم “داعش” لملء خزينة الخليفة بالأموال.
هناك بعض مظاهر التمدن في المدينة، مثل مقهى “ستاربكس” ومركزا تسوق فيهما العديد من الماركات العالمية، إلا أن المظهر العام للمدينة ينذر بالخطر، حيث يتم تحذير موظفي هيئات الإغاثة من التواجد في بعض الأماكن، مثل المحلات والمطاعم التي تبيع المشروبات الكحولية، فهناك شائعات تقول بأن العديد من عملاء “داعش” يدخلون المدينة بكثرة، والعديد من الجهاديين تغطي وجوههم اللحى الكثيفة، ويرتدون الجوارب الطويلة التي تصل إلى سراويلهم القصيرة، وهو اللباس الخاص بعناصر “داعش”، حيث يحظر عليهم ارتداء الملابس الطويلة، حسبما أفادت الصحيفة البريطانية.