سورية بين الحسم العسكري وفرض الحلّ السياسي حميدي العبدالله
تتردّد مقولة أن لا حلّ للأزمة السورية غير الحلّ السياسي منذ عام 2013، وتحديداً بعد عزوف الولايات المتحدة عن الاستجابة لضغوط حلفائها وشركائها الفرنسيين والبريطانيين وكلّ من تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية عن توجيه ضربات عسكرية ضدّ سورية، وإقامة مناطق حظر جوي.
اليوم ليست الدولة السورية وحلفاؤها، وتحديداً روسيا وإيران، وحدهما اللذان يناديان بالحلّ السياسي، بل أيضاً الولايات المتحدة، ومع ذلك فهل صحيح أن لا حلّ للأزمة في سورية سوى الحلّ السياسي؟
من المعروف أنّ ثلاثة أطراف تشكل قوام الأطراف الفاعلة في سورية والتي تقرّر ماهية وطبيعة الحلّ. الطرف الأول، يضمّ سورية وروسيا وإيران، وفعلاً لهم مصلحة في الحلّ السياسي، إذا كان هذا الحلّ يستند إلى المسلمات التي نصّ عليها «جنيف ـ 1» وتفاهمات فيينا وقرار مجلس الأمن 2254، وتحديداً المسلمات التي تؤكد على وحدة وسيادة سورية، والحق الحصري للشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه عبر الحوار وعبر صناديق الاقتراع.
الطرفان الآخران هما الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة، وتحديداً السعودية وقطر وتركيا، ومن يرتبط بهما من تشكيلات مسلحة تنشط داخل سورية. والطرف الثاني، «تنظيم داعش» و»جبهة النصرة» اللذان يسيطران على أكثر من 90 من الأراضي السورية التي تقع خارج سيطرة الدولة السورية.
الطرف الأميركي وحلفاؤه لن يقبلا بتسهيل الوصول إلى حلّ سياسي، قبل أن تسلّم الدولة السورية وحلفاؤها بمبدأ تقاسم السلطة، بمعزل عن احترام حق الشعب السوري في أن يقرّر مصيره بنفسه وعبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، بل أنها تشترط وقف القتال بقبول سورية تقاسم السلطة مع السوريين الموالين للولايات المتحدة. وإذا لم تسلّم سورية بذلك فلن يبصر الحلّ السياسي النور. أما الطرف الأخير، أيّ «داعش» و»جبهة النصرة»، فهما بالأساس يرفضان مبدأ الحلّ السياسي، وقد رفضت «النصرة» حتى شكلياً فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة» لتسهيل اعتمادها علناً من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، وقرار مجلس الأمن 2254 وتفاهمات فيينا، تستثني هذه التشكيلات من وقف العمليات، الهجومية والدفاعية، وبالتالي لا حلّ سياسياً مع هذين التنظيمين اللذين يسيطران على أكثر من 90 من الأراضي السورية، الواقعة خارج سيطرة الدولة.
هذا الواقع يؤكد أنّ الحديث عن الحلّ السياسي، سواء من قبل سورية وحلفائها، أو من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ليس أكثر من مجرد حملة علاقات عامة، فالأزمة السورية لن تحلّ إلا طريق الحسم العسكري، وغير ذلك حراثة في البحر.
(البناء)