نتائج الانتخابات البلدية البريطانية حميدي العبدالله
نتائج الانتخابات البلدية في بريطانيا جاءت مغايرة لكثير من التوقعات، وحملت من المفاجآت ما يشبه المفاجأة التي سجلتها الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة التي تهدف إلى تحديد اسم مرشح الحزبين، الديمقراطي والجمهوري في الانتخابات التي ستجري مطلع شهر تشرين الثاني المقبل.
ما يجمع بين الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة والانتخابات البلدية في بريطانيا وجود حراك غير تقليدي داخل النخبة التي تناوبت على الحكم في البلدين منذ أكثر من مئتي عام.
وكما مثل ساندرز وترامب ظاهرة غير مألوفة في الانتخابات التمهيدية الأميركية، فإنّ فوز مسلم من أصول باكستانية في عمدة لندن كبرى المدن البريطانية شكّل هو الآخر ظاهرة غير مسبوقة.
التوقعات كانت تشير إلى انحسار شعبية حزب العمال البريطاني في ضوء وصول شخص إلى زعامة الحزب عرف عنه معارضته للسياسة التقليدية للحزب، ولا سيما لجهة التأييد البريطاني الأعمى للسياسات الأميركية والاشتراك إلى جانبها في كلّ حروبها. فمعروف أنّ زعيم حزب العمال الحالي جريمي كوربين هو من الذين عارضوا بقوة الحرب على العراق، وكذلك هو من أشدّ المؤيدين للشعب الفلسطيني، ومن المعارضين بقوة لسياسة الاحتلال الصهيوني.
وشنّت حملة إعلامية واسعة ضدّ زعامة حزب العمال الجديد، بل أكثر من ذلك أنّ الجماعات الموالية للكيان الصهيوني، نظمت حملة واسعة عشية الانتخابات البلدية تتهم زعامة حزب العمال بالإسلامية، ولهذا كانت التوقعات تشير إلى توجيه الناخبين البريطانيين ضربة قوية إلى حزب العمال، الأمر الذي قد يتسبّب بإطاحة قيادته الجديدة لكن نتائج الانتخابات البلدية، وتحديداً فوز مسلم من أصول باكستانية وعضو في حزب العمال في هذه الانتخابات وانتخابه رئيساً لبلدية لندن، جاء ليشكل مفاجأة خالفت كلّ التوقعات.
لا شك أنّ هذه النتائج تؤكد أنّ الشعوب الغربية لم تعد تؤمن بالنخبة الحاكمة، ولعلّ ما جرى في اليونان من قبل أكثر من عام، وما جرى في الولايات المتحدة الأميركية في الانتخابات التمهيدية، وما جرى من تحوّل داخل حزب العمال البريطاني، كلّ ذلك يؤكد أنّ النخبة الحاكمة التقليدية في الغرب تواجه تحديات غير مسبوقة، وربما أخطر من تلك التي واجهت في مرحلة انقسام العالم إلى معسكرين، الأول اشتراكي والثاني رأسمالي، لأنّ التحوّل يجري الآن من داخل النخبة الرأسمالية تحت ضغط الرأي العام، وتحت ضغط تأثير الأزمة الاقتصادية والناجمة عن انتقال ثقل التجارة من الغرب إلى الشرق. وبسبب عدم رشد أساليب الحكم لدى النخبة الرأسمالية التقليدية.
(البناء)