صادق خان: شهادة احترام لقيم الغرب: يوسي بيلين
إن انتخاب صادق خان رئيسا لبلدية لندن في يوم الخميس الماضي كان حدثا تاريخيا. فقد كانت العملية واضحة. منذ عشرين سنة يتحدثون في اوروبا عن المنافسة بين بريطانيا وفرنسا. في أي واحدة سيتم تعيين أول رئيس حكومة مسلم. وهذا لم يحدث بعد، لكن لا شك أن المشاركة السياسية للمواطنين من اصل باكستاني في بريطانيا ومواطنين من أصل شمال افريقي في فرنسا سيؤدي إلى ذلك عاجلا أم آجلا.
لكن ما الذي تعنيه هذه الظاهرة؟ من يخشى منها فهو يزرع الشعور أن هذه ضربة قاسية لقيم الغرب في اطار «صراع الحضارات» لصموئيل هنتنغتون. فهم يعتبرون ذلك جزءا من زوال الغرب وتراجع الحضارة والعودة إلى عالم مظلم بدائي لا يعترف بحقوق الانسان التي نطبقها. كل حالة لوصول المسلمين إلى أدوار رفيعة في الغرب هو بالنسبة لهم تراجع آخر عن التقدم والحرية.
هذا خطأ، يمكن بالطبع أن ينتخب شخص ويفشل، ويمكن أن مرشحا مسلما قد لا يناسب المنصب، وأن المرشح اليهودي زاك غولدسمث كان يمكنه أن يكون رئيسا للبلدية افضل منه. ولكن مثلما أن غولدسميث لم يكن ليبادر إلى ارسال اليهود إلى إسرائيل أو اقامة دزينة كنس جديدة في مدينته، ايضا يمكن الاعتقاد أن صادق خان لن يتوجه إلى نساء لندن ويقترح عليهن لبس الحجاب. أعتقد أن الهدف الرئيس بالنسبة له هو أن يكون رئيس بلدية جيد، والهدف الثاني هو أن يتم انتخابه مجددا. اوباما هو مثال لافت: يمكن انتقاد سياسته، لكن من ينتقد سياسية فهو ينتقد حقيقة أنه أراد أخذ قيم الغرب حتى النهاية: سواء بالنسبة لحقوق الانسان والمساواة أو فيما يتعلق بعدم استخدام القوة إلا عندما تنفد الخيارات الاخرى، وايضا بسبب ايمانه بالانسان. لم تكن هناك علاقة بين معتقداته الإسلامية وبين سلوكه السياسي، تماما مثلما أن يهودية هنري كيسنجر لم تؤثر على السياسة الخارجية للولايات المتحدة في السبعينيات.
الحديث يدور عن خطوة عكسية: إنه انتصار كبير لروح الغرب وقدرته على استيعاب الكثير من المهاجرين من ارجاء العالم الثالث وتحويلهم إلى جزء من الثقافة الغربية. حقيقة أن اليهود (من بارني ساندرس في الولايات المتحدة وحتى الاخوة مليفند من بريطانيا) وصلوا إلى القمة أو سيصلون اليها، لا تعني ضعف الغرب، بل قوته وقدرته على ادماج الآخرين في الاغلبية. إن انتصار هذه الاغلبية ـ حتى لو تحولت إلى أقلية رقمية ـ هو القدرة على استيعاب مباديء الديمقراطية والعمال البريطانيالية في كل المجتمع.
يجب علينا أن نتذكر ـ الحساب التاريخي للشعب اليهودي هو مع ابناء ديانة اخرى. من المضحك النظر إلى الوضع الذي يقلق فيه اليهود من انتصار سياسي للمسلمين، وعدم القلق عندما يكون الحديث عن المسيحيين.
إسرائيل اليوم