المخلوق ونتنياهو: ايريس ليعال
هل المقاطعة التي تحمل طابع العقوبات الاقتصادية وعزلة دولية ستعيد شعب إسرائيل إلى إثنتين من أساطير الضياع الخاصة به- الانتحار الجماعي في «متسادا» والعملية الانتحارية لشمشون ـ أم ان ذلك سيؤدي لدولة كل مواطنيها برئاسة مروان البرغوثي كما يقول ألوف بن في سيناريو ما بعد الدمار الشامل («هآرتس» 28/4) أو كما يرد عليه جدعون ليفي 1/5) بان الروح المثالية لبداية الحاضرة تلاشت منذ زمن لصالح السعي المادي. وان المجتمع الإسرائيلي لن يتحمل التقشف لفترة طويلة من الوقت، وان الدولة الواحدة الديمقراطية برئاسة مروان برغوثي لا يجب ان تقلقنا؟
أمر واحد مؤكد: انتهى وقت «ادارة الصراع». هذا الامتياز، الذي رضعه نتنياهو في سنوات سلطته الطويلة لم يعد قائما. صوت الغضب من سياسة جر الارجل آخذ بالازياد، مع تحول الانسحاق في العلاقة بين إسرائيل وبين حليفاتها إلى أمر علني.
بأثر رجعي، يقول الناس بان النظام في جنوب افريقيا الغى مقاطعة ANC عند انهيار الاتحاد السوفييتي، ولم تعد الولايات المتحدة تعتبر نظام الابرتهايد حاجزا حيويا بوجه السيطرة السوفييتية على افريقيا.
ماذا سيحدث إذا توقفت إسرائيل في ديناميكية الشرق الاوسط الغير متوقعة، عن خدمة المصلحة الأمريكية، وان تجد يهودية أمريكا صعوبة في الاستمرار بتأييد السلوك الغير اخلاقي والغير عقلاني، وفي نفس الوقت تتخلص أوروبا وبالذات ألمانيا من مشاعر الذنب التاريخية، من أجل مطالبة إسرائيل بتنازلات حقيقية؟
لا شك انه في الوقت الغير بعيد، وحين ينتهي اذن الرفض لكل مبادرة سلام. وتقف حكومة إسرائيل امام اقتراح لا يمكن رفضه، فانها ستضطر إلى أن تحسم ما هي وجهتها.
صحيح ان نتنياهو ليس دي كليرك، ولكن حين تحين اللحظة سيفهم، مثل الزعيم الجنوب افريقي. انه لم يعد يحتكر القوة، وقد يجد نفسه امام مفارقة من صنع يديه: منذ اتفاقيات اوسلو وبالذات بعد مقتل اسحق رابين انقسم المجتمع الإسرائيلي إلى قبائل متصارعة. وفي سنوات سلطته قام برعاية المزج القاتل بين الهوس وبين الهجومية والتشاؤم. كيف سينجح في تغيير اتجاه الرياح السيئة التي أوجدها بنفسه واقناع الاغلبية اليمينية أنه يجب تقسيم البلاد دون أن يقوم الغول ويأكل صاحبه؟.
لم نعد نحن المجتمع المدني ما كنا عليه قبل بداية التسعينيات، والمجتمع الذي لا يعرف من هو، لا يستطيع التنبؤ كيف سيتصرف. لذلك فان كل سيناريو هو محتمل. يحتمل أن تتطور مجموعة من الناس مثل مئير دغان في النخبة الأمنية القديمة، وتقرر خطة انقاذ الدولة. واذا عملت، فهل سينضم الجيش من اجل انقاذ الدولة من جنون السياسيين؟ أم أن ثورة كهذه متوقعة من جهة القيادة اليمينية التي يمتليء أولادها بالطاقة ويدخلون إلى الوحدات الخاصة ويلعبون دورا أمنيا رفيعا أكثر من السابق؟.
نتنياهو مثل تشرتشل: كارثة كبيرة. وتأثيره بعيد المدى غير معروف. ولكن هناك شيئا واضحا: عندما يضطر إلى فعل شيء، سيكتشف أن المجتمع الذي أفسده قد شرب أفكاره، حيث أن هذا المجتمع يعتبر أن كل صانع للسلام هو عدو.
هآرتس