نهاية التأييد الألماني؟: نحمان شاي
سياسة إسرائيل الخارجية تقف على قدمين دوليتين ـ الولايات المتحدة وألمانيا. هاتان الدولتان تحملان على اكتافهما في احيان كثيرة وزر الاخطاء والاخفاقات الإسرائيلية وتسمحان لها بالخروج منها بسلام. ولكننا اعتدنا على أنه اثناء ولاية الرئيس باراك أوباما، أن القدم الأمريكية ترتعد احيانا. ولم تعد إسرائيل ترى التأييد الأمريكي أمرا مفروغا منه. هذا حدث في الاتفاق مع إيران، التدخل الأمريكي في سوريا والموقف من مصر وغير ذلك. وفي المقابل، فيما يتعلق بأوروبا، كانت الفرضية هي أن ألمانيا ستؤيد إسرائيل دائما بالنار والماء. ولكن الامر لم يعد كذلك، حيث تبين في هذا الاسبوع أن القدم الثانية لألمانيا بدأت في الارتعاد. خلال اسابيع معدودة نشرت الصحف «بيلد» و«دير شبيغل» مقالات تحمل تساؤلات حول علاقة إسرائيل وألمانيا، وطرحت الشكوك حول التأييد التلقائي لإسرائيل.
منذ فترة طويلة، العلاقة بين المستشارة الألمانية انغيلا ميركل وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو باردة. ميركل الصديقة الأكبر لإسرائيل من بين قادة أوروبا «بطنها مليئة» على سياسة إسرائيل في المناطق وبسبب عدم التقدم في المفاوضات السلمية. هدم المنازل وخطط البناء والموجة الإرهابية الاخيرة تجعل ألمانيا مرة تلو الاخرى تنتقد إسرائيل. وكالعادة يقال هذا الانتقاد بأدب كبير، الامر الذي يسمح للمستمع الإسرائيلي بعدم الاستماع أو عدم الفهم. ولكن بين السطور يظهر عدم الرضا. نقطة انطلاق ميركل هي أن الاستمرار في السيطرة على المناطق يهدد أمن إسرائيل ويزيد عزلتها الدولية.
من ناحية، ألمانيا تلتزم بأمن ووجود إسرائيل بشكل قوي. ولم يأت بعد الرئيس الألماني الذي يتجرأ على زعزعة ذلك. والألمان يزيدون ايضا من شراء الوسائل الأمنية من إسرائيل ويساعدونها على شراء السفن السريعة من اجل الدفاع عن المياه الإقليمية. ايضا في المنصاتالأوروبية حيث تقوم ألمانيا بتخليص إسرائيل من المشكلات بشكل دائم، حتى الآونة الاخيرة. هذا حدث في موضوع «وسم المنتجات»، فقد رفعت ألمانيا يديها وهي لم تفرض ذلك على اراضيها لكنها سمحت لدول اخرى فعل ذلك.
من ناحية اخرى يؤكد الكثير من الألمان أنه لا يمكن تأييد إسرائيل إذا لم تبادر بنفسها من اجل حل الدولتين. الحل الذي تلتزم به ألمانيا. الجمود السياسي لا يفيد. حتى الآن قيلت الانتقادات في الغرف المغلقة وبدأت مؤخرا تخرج إلى الخارج. لذلك قالت ميركل إنها تفهم أبو مازن، وتفهم خيبة الأمل.
إن من يتابع الردود والتصريحات الألمانية سيلاحظ التصعيد نحونا. الألمان يفهمون أن اللحن هو الذي يصنع الموسيقى، وهم يغيرون اللحن. وليس صدفة أن هذا الامر يجد تعبيره في وسائل إعلام بارزة جدا في ألمانيا. هذه طريقة لوضع مرآة أمام إسرائيل كي ترى شكلها.
إسرائيل كعادتها تغلق أعينها. العلاقة مع ألمانيا، خلافا لباقي دول العالم، مبنية على تاريخ بشع يلزم ألمانيا بعد سبعين سنة على انتهاء الحرب العالمية الثانية. وأنا أوصي بعدم الاعتماد كثيرا على ذلك.
علاقة الرأي العام في ألمانيا ونظرته إلى إسرائيل أقل حميمية من المستوى القيادي. لدى الشبان البعيدين سنوات طويلة عن الكارثة ولهم تحفظات اخلاقية حول حكمة وعدالة احتلال شعب آخر ومصادرة حقوقه.
وكمن يقف على رأس مجموعة الصداقة البرلمانية، إسرائيل ـ ألمانيا، أنا أسمع ملاحظات انتقادية ايضا من اعضاء البوندستاج خاصة من الشبان. ملاحظات كهذه لا يمكن أن تمر دون الاستماع لها. في نهاية الشهر سيخرج وفد من الكنيست إلى ألمانيا من اجل النقاش مع نظرائنا في اطار ما يسمى «برلمان ـ برلمان». ومن الواضح أننا سنسمع ملاحظات كهذه. من يتوقع مثلنا من ألمانيا أن تدير علاقة خارجية تعتمد على الاخلاق، لا يسمح له منعها من استخدام هذه السياسة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. هذه لا يمكن أن تكون سياسة خارجية انتقائية.
مثل العلاقات التي تدهورت مع الولايات المتحدة، الحديث هو عن عملية، العمليات تستمر احيانا فترة طويلة ومن الصعب التنبؤ متى ستتحول إلى قرارات (ضدنا). نحن في هذه الطريق. وقد وصلتنا دعوة صحوة هذا الاسبوع: هل استيقظ أحد ما في القدس.
غلوبوس