الأسد والحرب على سورية
غالب قنديل
منذ انطلاق العدوان على سورية قبل خمس سنوات تميز الخطاب السياسي لقيادة الحملة الاستعمارية باستهداف الرئيس بشار الأسد وقدمت للشعب العربي السوري في الرواية الاستعمارية معادلة : إما رحيل الأسد او استمرار الحرب والتدمير بينما جرى حشد عصابات التكفير من كل انحاء العالم وشكلت غرف العمليات بقيادة اميركية وهذا ما ينطبق بدقة على جميع أطراف الحلف الدولي الإقليمي الذي لم يوفر قدرة او وسيلة في استنزاف الدولة السورية الوطنية العلمانية : الولايات المتحدة وحكومات الناتو وخصوصا فرنسا وبريطانيا ومعها بالطبع الأطراف الإقليمية المتورطة : السعودية وقطر وتركيا وإسرائيل.
مضمون الشعارات التي تناولت مكانة ودور الرئيس الأسد تأرجح تبعا لميزان القوى وتحرك من وهم “التنحي والإطاحة” إلى عبارة ” لا دور له في الحل ” وصولا إلى تبني متدرج لمنطق شرع يظهر مؤخرا ويمهد للرضوخ لاستمرار الرئيس الأسد في موقعه الدستوري واعتبار الانتخابات الرئاسية المقبلة هي المرجع في البت بما يسميه المستعمرون بصلافة ” مستقبل الرئيس السوري ودوره “.
دوافع التركيز الغربي على النيل من الأسد واضحة وأهمها طمس الدافع الحقيقي للحرب الاستعمارية التي تستهدف سورية فما يريده الغرب من تلك الحرب وما تطمح إليه إسرائيل من حصاد العدوان وما ترغب فيه دول العدوان الإقليمية هو نفسه، ومهما تعددت التعبيرات السياسية عن ذلك يلتقي جميع أعداء سورية على ضرب استقلالها الوطني وضرب وحدة ترابها وشعبها وإلحاقها بمنظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية بعد تدمير خيارها المقاوم والتحرري وإجبارها على الدخول في منظومة نقل النفط والغاز إلى أوروبا بالشراكة مع تركيا وإسرائيل .
الرئيس بشار الأسد ليس رئيسا عاديا دون شك فهو زعيم شعبي ورمز وطني لغالبية سورية وازنة تمثل الكتلة الصلبة التي استند إليها صمود الدولة السورية خلال السنوات الخمس الماضية وقد عبرت عن نفسها في محطات كثيرة تلاحقت بدءا من المسيرات الشعبية التي طافت بها ساحات سورية وصولا إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة والرئيس بشار الأسد هو القائد العام للجيش العربي السوري الذي كان صموده وتماسكه هو ميزة القدرة السورية العالية في التصدي لتحديات خطيرة ومعقدة في المجال العسكري اوجبت على الجيش تكيفا هيكليا وتقنيا واسعا قاده الرئيس بشار الأسد بصورة رفعت من قدرة الدولة السورية والشعب السوري على الصمود وإذا شاء المتفذلكون أيضا فإن هذا الرئيس هو الزعيم والقائد الذي نسج تحالفات وشراكات سورية إقليمية ودولية شكلت ضمانة الصمود السوري من خلال ما يقدمه الحلفاء من دعم ونتيجة الثقة العالية المتبادلة التي بناها الرئيس السوري وبفعل حرارة التضامن الذي مارسه عمليا مع حلفاء سورية في ظروف سابقة فإنه ضمن لبلاده شراكات تسهم اليوم في قلب التوازنات لصالح الجمهورية العربية السورية وللدفاع عنها ضد المعتدين وهذا يضاعف تحفيز الحملات عليه وعلى دوره لأن سورية باتت بصمودها محورا لصياغة المعادلات الدولية القاهرة.
بعض الكتاب المحسوبين على الخنادق الوطنية يروجون بسذاجة لكذبة استعمارية هي ان تمسك الرئيس بالمنصب هو محرك الحرب العالمية على سورية ويطمسون مضمون موقع الرئيس ودوره ومضمون العدوان وأهدافه فالقضية في سورية هي قضية استقلال وتحرر ومواجهة مع الإرهاب التكفيري وليست قضية تداول سلطة كما يزعم بلطجية الغرب وحكومات الاستبداد العثماني السعودي القطري منذ بدء العدوان الذي وضع بين أهدافه ضرب قدرات سورية الاقتصادية وتشتيت قواها البشرية المنتجة في متاهة النزوح وويلاته وشطب دورها السياسي الذي ازعج المستعمرين منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عندما تكفلت سورية بمنع الهيمنة الاستعمارية الصهيونية ومشروعها المحوري المتمثل بتصفية قضية فلسطين .
لائحة الدوافع القائمة والمحتملة في التصويب على الرئيس بشار الأسد طويلة جدا وهي مساحة تتلاقى عليها تل أبيب والرياض والدوحة واسطنبول وباريس ولندن بقيادة أميركية فلكل جهة من هذا الحلف نصيب من فشل تحمل مسؤوليته للرئيس بشار الأسد ولمواقفه وخياراته الاستراتيجية .
بعض الكتاب الذين لا نريد الجدال في نزاهة مواقفهم ونواياهم يساهمون في ترويج الكذبة الاستعمارية بدلا من تفكيكها ومن غير التدقيق في مضمون الصراع الجاري وتناقضاته المحركة لتمييز الرئيسي والثانوي في المشهد وفي علاقات القوى وتوازناتها الحاكمة على الرغم من التبلور الحاصل والمتقدم على غير صعيد بعد انزياح الكثيرمن الأضاليل وموجات التعمية وهؤلاء يحتمون في ترويجهم للكذبة الاستعمارية بضجيج التفجع على الضحايا وبلغو كثير عن عبثية العنف والدماء وكأن استقلال سورية خارج الصراع وكأن جماعات الإرهاب التكفيري ليست موجودة ويمكن التعامل معها كتعبير سياسي معارض للسلطة او كشريك في عملية سياسية مآلها صناديق الاقتراع بل وكأن الغرب الاستعماري يتصرف بناء على اجندة اهداف مسكونية رسولية لتعميم ثقافة حقوق الإنسان ولذلك لا يغوص احد من أصحابنا هؤلاء في خلفيات ساركوزي وكلامه الكاذب عن مساعدة الأسد عشية اندلاع العدوان ولا يدققون في اجندة أردوغان وتنظيم الأخوان المسلمين الذي كان منذ الولادة ذراعا للاستعمار البريطاني ولا يرون في جميع التصرفات والمواقف اجندة اميركية صهيونية معروفة الأهداف والبنود فهل هو الغباء والجهل ام التعامي المقصود لخدمة الرواية الاستعمارية الكاذبة؟!.