مع محمّد عفيف مستشار أمين عام حزب الله وإليه بقلم جورج عبيد
يلامس من عرف محمّد عفيف المستشار الإعلاميّ لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وجهًا مختلفًا بالشكل والمضمون عن معظم الوجوه المنغرسة في تربة العمل السياسيّ-الحزبيّ سواءً بشقّه الوطنيّ أو الإسلاميّ أو العربيّ، إذ يكتشف توًّا أمام رجل شفّاف عفيف للغاية وصادق مع نفسه ومع الآخرين، يستقبل الأصدقاء ويواجه الخصوم على السواء باحترام مطلق، مع الأولين يقف على خاطرهم بودّ ومحبة بلا محاباة ولا رياء ومع الآخرين بلا تجريح ولا تنكيل يترك الحقيقة تلامس شفاههم وعقولهم حتى يفيقوا من أيّ سبات ويعقلوا بعيدًا عن أيّ تغرّر أو غرور .
في عمله مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله دقيق للغاية، المسؤوليّة استثنائيّة مع شخصيّة تاريخيّة تعيش في قلب المواجهة طورًا مع الإسرائيليين وتارّة وفي الإزاء نفسه مع التكفيريين، وكلاهما وجهًا واحدًا، محمد عفيف بكلّ تلك المقاييس يعيش دقّة الموقع كما دقّة الموقف، يستنبط الأمور من جوهرها وينابيعها، يدرسها بعناوينها وخلفياتها ينغرس في قلب الحدث ويستشرف آفاقه ويبحر بها بالقراءات والنقاشات الهادئة والمتبحرة نحو معظم الاحتمالات المكوّنة لمستقبلات آتيات سلبًا وإيجابًا. فمن يكن في هذا الموقع يعش الهواجس بهدوء وقلق عقليّ وعاقل متحرّرًا من ايّ انفعال، ولا يتوحّل بوسخ التاريخ ويترجّس بنفاياته، فشتان ما بين ذهب التاريخ المكنون في قلب المقاومة نبضًا وفكرًا ومواجهة وقتالاً، وما بين وسخه المعشعش بالصفقات النتنة وما إليها، ومحمد عفيف كما أدركه خصومه قبل أصدقائه ينتمي إلى الأولى وإلاّ لما كان في موقع يشرّفه ويشرّف كثيرين، فيما كثيرون يطمحون إليه ليستوطنوه ويكونوا إلى جانب قائد تاريخيّ وفذّ كالسيد حسن نصرالله.
يعيش “الحاج محمّد” لحظات من الظلم الواضح، ليس ثمّة ما يبرّرها أو يبيحها. لم يفهم أحد من المتابعين أسبابها أو الدوافع إليها، فيما معظم الاتهامات المساقة بوجهه لا تحمل العناوين والدلالات بأدلّة ممهورة ومكشوفة للعلن. وبعيدًا من خصومات متوسَّلة لا يشاؤها أحد بين موقع وآخر أو بين وسيلة إعلامية وأخرى، فإنّ محمد عفيف وبالوقائع الواضحة لم يقف يومًا في موقع الحليف لتلفزيون المر MTV أو الخصم لتلفزيون الجديد NTV بل منفتح على الجميع بصداقات طيبة وتعاون حميد يجيدهما بطبعه التواصليّ الهادئ وتجرّد رصين مع معظم الإعلاميين أو أصحاب معظم الوسائل الإعلاميّة في لبنان ومديريها. وفي لحظة التضامن مع تلفزيون المنار وقفت كرمى خيّاط خطيبة مع سائر خطباء من طلال سلمان وآخرين متضامنين معه في قضيّة حجبه عن القمر الاصناعيّ عربسات. هنا وفي هذا الموقع يستوقف المراقبين سؤال لماذا يتوسّل تلفزيون الجديد خصومة مع محمد عفيف، وما هي أهدافها وهل يملك هذا التلفزيون وثائق تدين محمد عفيف أو أنّ المسألة تقف عند حدود حملة انفعالية سببها أن ميشال كبرييال المر كان جالسًا إلى جانبه ضمن مبدأ إكرام معظم الضيوف وما تم التمييز بينه وبين كرمى خياط على الإطلاق بل على العكس تمامًا برزت أهمية كرمى خياط بأنها كانت متكلمة وكلمتها حصدت إعجاب كثيرين وحملت الكثير من المعاني والدلالات في علاقة الإعلام بالدولة المترجرجة والفاقدة لكلّ سيادة ذاتية في جوهر العلاقة فضلاً عن عدم رعاية الدولة لسيادة الإعلام وحريته وكرامته. بمعنى أن موقفها كان مدويًّا وموضوعيًّا للغاية.
وإذا شئنا نقاشًا موضوعيًّا وببساطة كاملة، إن مسالة الكابلات غير الشرعيّة وفيها تغلغل وإيغال إسرائيليّ متعمّد في التجسس على لبنان وتلك أخطر مسالة يعيشها المجتمع اللبنانيّ، لا يمكن لأحد من حزب الله على الإطلاق إن يسلك خلسة أو جهارًا فيها، وهو ما انفكّ يقاتل إسرائيل صبحًا ومساءً على الحدود، في العقيدة، في اللفظ اليسير والتجسيد الكثير، بدماء شهادة كثيرين سقطوا سيبقى التاريخ ضاجًّا بأسمائهم كما كل شهداء الحق والحريّة والكرامة في لبنان، وعندما يتم اكتشاف أحد كادراته متورّطًا في مسائل التجسّس أو دعم خبراء فيها فإنّه توًّا يلفظ نفسه قبل أن تلفظه القيادة وتتم محاكمته بتهمة الخيانة لأنّ مسألة كهذه تبلغ حدود الخيانة.
اللافت في تلك المسألة بأنّ الحملة على محمد خالية من وقائع من معلومات وأدلّة، وقد ظهرت مجوّفة بسبب خلوّها منها. هي هكذا، بالمعاني النقديّة لسياق الحملة المتفلتة من حدود، والواضح بهذا الشأن بانّه لو ثبت ما تمّ الزعم به لما كان بقي لحظة واحدة في هذا الموقع عينًا، لكنّ السؤال المطروح لماذا تلك الحملة الشديدة عليه، وتاليًا لماذا التشديد على خلافات قائمة في داخل حزب الله بينه وبين النائب حسن فضل الله وقد ثبت العكس تمامًا بحسب ما أكّده محمد عفيف نفسه والعلاقة بينهما على أفضل حال؟
وتؤكّد مصادر مواكبة بأنّ الحزب وبخاصّة محمد عفيف والنائب حسن فضل الله وقفا غير مرّة إلى جانب تلفزيون الجديد في المظلومية التي وقعت عليه من جرّاء المحكمة الدوليّة ودافعا عنه في وقت كان هذا التلفزيون عينًا في موقع الهجوم على الحزب بسبب مواجهة كلامية بينه وبين نجل امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله. حزب الله وقف إلى جانب الجديد، وكرمى نفسها خطبت مرتين في وقفة التضامن مع المنار من هنا لا وجوب على الإطلاق لحملة كهذه.
وأخيرًا يبقى محمد عفيف وجهًا لائقًا ولبقًا ولطيفًا في توضيح الرؤى وشرحها، وصلبًا وعنيدًا في ما خصّ رؤى الحزب وإعلاناته. يملك عقلاً فريدًا في تحليل الأمور ودرسها، يصغي للجميع، يدرس كلّ كلمة بلا توظيف سطحيّ يملك ما يملك من معطيات دقيقة ويساهم في رسم استراتيجيّة الحزب إلى جانب قائده العظيم باحتدام فكر راق ونظرة ثاقبة للأمور. محمد عفيف نجل شيخ كبير وجليل هو عفيف النابلسيّ، عنوان للانفتاح والتواصل والودّ وقبول الراي الآخر، والرجاء في كلّ ذلك أن تكون وسائل الإعلام منائر للحق والخير والصلاح.