شؤون بيئية ومجتمع مدني

قضية الطفلة سيلين ركان: معطيات خطيرة ينفيها الوالد

خلقت قضية مقتل الطفلة سيلين ركان قبل نحو عامين التباسا كبيرا، لم يتضح امس باستجواب محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضية هيلانة اسكندر وعضوية المستشارين القاضيين عماد سعيد وهاني عبد المنعم الحجار، المتهمة العاملة الاثيوبية بوزاي ، انما زاد من الغموض والشكوك حول هذه القضية مع تكشف معطيات جديدة واجهت بها المتهمة مخدومها المدعي ياسر ركان والد الطفلة.

ما رآه المدعي “من وضوح في القضية”، بعدما اعلن ان “استدعاء زوجتي للإدلاء بإفادتها امر مستحيل” مبررا ذلك بالقول انها خارج لبنان ووضعت طفلا مؤخرا لا يتجاوز عمره الثمانية أشهر فضلا عن انها مريضة”، لم ينسحب على هيئة المحكمة حيث اوضحت القاضية اسكندر للمدعي “بأن المتهم بريء حتى تثبت ادانته.

وشكّلت اعترافات بوزاي امام المحكمة امس مفاجأة كبيرة، كاشفة عن معطيات جديدة وخطيرة لم تسبق ان ادلت بها في كافة مراحل التحقيق معها زاعمة انها تعرضت للتهديد من قبل المدعي الذي ارسل لها فتاة قبيل بدء التحقيق معها حمّلها رسالة تهديد الى المتهمة للاعتراف بارتكابها الجريمة، مرفقة بـ”حبة دواء” تناولتها المتهمة قبل ان تعترف.

اليوم لم اعد خائفة من المستر”، قالت بوزاي ذلك وهي تحدق بمخدومها بكل جرأة، جرأةٌ تخطت الحدود بكشفها وعلى مسامعه وهيئة المحكمة ان “المستر كان يتحرش بي وينزع عني ثيابي.

ولم تقف جرأة المتهمة عند هذا الحد انما كشفت عن زواج سري للمدعي بامرأة “تعمل في الطائرة” وله منها طفلة”، كانت تحضر الى المنزل بغياب زوجته وتحوز مفتاح المنزل.

كانت بوزاي على علم بهذا الزواج، ولم تخبر”المدام” به ولا بتحرش الزوج بها “لان المدام كانت تحبه واولادها كثيرا واردت حمايتها منه لانه هددني بانه سيحرمها من ولديها اذا اخبرتها.

تلقّى المدعي هذه “القنابل” التي فجّرتها بوزاي بوجهه بنوبات من الاستهزاء تارة والضحك تارة اخرى منكرا جميع اقوالها بعد “تحصّنه” بكاميرات المراقبة التي كانت موزعة في المنزل والتي تثبت ارتكاب المتهمة جريمتها.

استعادت بوزاي يوم الحادثة في الثاني من تشرين الاول العام 2014، في ذلك اليوم الذي اعلن فيه الوالد عبر حسابه على “الفايسبوك” ان “طفلته توفيت بلقاح”، ليوضح امس امام المحكمة ان ما كتبه جاء نتيجة انهيار العائلة التي بات افرادها مدمّرين. وتوجه الى المتهمة باكيا: “انت دمّرتينا” فردت عليه: “انت دمّرتني وانا الان ضميري مرتاح.

في المحصلة، فان الوالد المدعي يتهم العاملة بالقتل من دون توضيح الاسباب، على الاقل بالنسبة الى المحكمة، فيما تعتبر بوزاي ان سيلين” التي احبها كثيرا كانت مريضة وما حدا قتلها.

وعلى مدى ساعتين ونصف استجوبت المحكمة المتهمة بحضور وكيلتها المحامية حسنا عبد الرضا والمدعي ووكيله المحامي بطرس واكد وبحضور مترجم من السفارة الاثيوبية الذي لم تستعن به المحكمة بعد حلفه اليمين لان بوزاي تتحدث العربية بطلاقة.

وبعد تلاوة القرار الاتهامي سئلت المتهمة عما اسند اليها فقالت: “المستر هددني وسيلين خضعت لثلاث عمليات، وانا كنت اعلم ان لديه زوجة ثانية والمدام لا تعرف بذلك ولديه منها طفلة.

وبسؤالها قالت ان الزوجة الثانية للمدعي طلبت منها اخبار زوجته عن زواجه الثاني لكن بوزاي رفضت ذلك “لانني لا اريد ان اخرب بيتها خصوصا وان سيلين كانت مريضة، وابلغتني بانها تراقب ما اقوم به وان المستر سيفعل بي شيئا“.

وعن سبب عدم ادلائها بهذه الوقائع سابقا اجابت:” لم يسمحوا لي بالكلام وانا احب سيلين كثيرا” وتحدثت عن واقعة رؤيتها لصورة تجمع المدعي بزوجته الثانية الامر الذي اثار غضبه وضربها.

وهل تلك المرأة قتلت سيلين اجابت: “ان زوجته الثانية تكره سيلين وانا اقول ان سيلين مريضة ولم يقتلها احد.

واشارت الى ان المدعي نزع كاميرات من المنزل، موضحة انها قطعت الكهرباء عن المنزل لتبديل لمبة وهي تفعل ذلك عادة كلما كانت تقوم بتنظيف حمامات المنزل لانه سبق لها ان تعرضت لاحتكاك كهربائي.

وسئلت هل ان قطعها للكهرباء كان لاخفائها حزاما سرقته اجابت: “هو قال لي ان اذكر ذلك” قاصدة المدعي. وردا على سؤال قالت: “انا لم اضع يدي على فم سيلين انما يوم الحادثة كانت حرارتها مرتفعة وكنت اضع لها ضمادات واتصلت بالناطور اولا لاعتقادي في البدء ان المدام حضرت وهذا هو سبب اقترابي من النافذة بهدف معرفة ما اذا كانت سيارة المدام امام المبنى وليس بسبب نيتي في الانتحار بعد الحادثة لانني انا لم اكن اعلم ان سيلين قد توفيت”. واضافت بعد عرض صور عليها اثناء تنفيذها الجريمة: “كان (الوالد) يشدّني من كتفي عندما حضرت الشرطة لاقول ما هو يريده وهو الذي علّمني كيف امثّل الجريمة”. ولماذا لم تعلمي الشرطة بذلك اجابت: “انا خفت وهو هددني وممنوع ان احكي”. واكدت بان باب المنزل كان مفتوحا يوم الحادثة ولم تذكر ذلك لانها كانت خائفة.

وبعدما ذكرت ان المدعي كان يضربها سألها بتعجب”انا” فردت: “انا الان لست خائفة وانت عذّبتني”. واضافت: “اذا انا قتلتها فلماذا لم يجر لها فحوص وسافر الى كندا وابنته مقتولة، انا بدّي احكي كل شي”. وتابعت تقول: “لم يكن يحب ابنته كولديه الاخرين.

وبعدما كررت بوزاي اكثر من مرة انها لم تخبر “المدام” بزواج المدعي الثاني لانها لا تريد ان “تخرب بيتها”، سألها ممثل النيابة العامة القاضي كمال ابو جوده: ايهما افضل لك بين ان تخبري زوجته او تعترفي بالجريمة فاجابت: “انا ما قتلتها، ما بدي اخرب البيت.

وبسؤال المدعي عن زواجه الثاني كما تدعي المتهمة اجاب: “اعوذ بالله ما عندي مرا تانيي”، لتعود بوزاي وتؤكد من جهتها ان تلك المرأة كانت تملك مفتاح المنزل وكانت تحضر بغياب “المدام“.

وسألها المدعي عن سبب تبديلها ثياب الطفلة بعد الحادث، نفت بوزاي ذلك واوضحت بانها البستها ثيابا فوق ثيابها لانها كانت مبلله من العرق نتيجة الحرارة المرتفعة”. وازاء جواب المتهمة قال المدعي ان لديه الدليل على عدم صحة اقوالها في جهاز الـ”اللابتوب” الذي احضره معه مدعّما اقواله بصور التقطتها كاميرات المراقبة.وتدخلت وكيلة المتهمة التي لمست جوا ضاغطا بحضور المدعي متمنية على رئاسة المحكمة ان يطرح المدعي اسئلته بعد انتهاء المحكمة من استجواب موكلتها.

وعادت المتهمة لتصرّ على اقوالها في عدم تبديل ملابس الطفلة، موضحة ردا على سؤال ما اذا فقدت وعيها وعندما استيقظت رأت نفسها على الطفلة وقد كمّ فاها بيدها، بأن “هذا كله كذب ومن ورا هوّي” ودلّت على المدعي. واشارت الى انه بعد جنازة الطفلة اخبرها المدعي انهم سيعودون الى بيروت “لان الدكتور قتلها» ثم عاد واعتذر من الاخير” وانا لم اكن اعلم بانه سيلبسني الجريمة”. وقالت انها كانت ستنتقل للعمل لدى شقيقة طالمدام” بعد سفر العائلة الى كندا وانما “زوجته الثانية هددتني اذا عملت لديها”. واوضحت انها كانت ترى تلك المرأة تدخل الى غرفة نوم “المدام” ورأتها مرة وهي حامل. وقالت: “انا قلت له اذا فليّت بدي خبّر المدام “، وقد نفى المدعي هذه الاقوال لدى استيضاحه قائلا:” هذا كله غير صحيح”. واكد ردا على سؤال لابو جوده عن صحة ابنته :” كانت صحتها متل الحديد وقد اجرينا لها فحصا مخبريا باهظ الثمن للتأكد من صحتها، انما لديها مشكلة بسيطة في رجليها واعلمنا الطبيب انها تزول مع الوقت، كما اننا قمنا باجراء عملية “اللحمية وترتيب اسنانها ليس اكثر”. وبعدما نفى ان يكون لديه طفلة من امرأة ثانية، تدخلت المتهمة “يحكي الحق.

وبسؤالها قالت: “لم اخبر المدام عن الزوجة الثانية بعد وفاة سيلين انما قلت لها الا تصدق انني قتلتها فانا احبها كثيرا، وهو هددني بانه سيحرم زوجته من ولديها”. وقال المدعي من جهته “انا كنت كالمجنون وقلت لها انت قتلتي سيلين وسألتها عن سبب اطفائها الكاميرات فقالت لي حينها بانها قتلتها”. وردت المتهمة على هذه الاقوال:” انا اتحمل منذ سنتين وانا مريضة وقد تعرضت للاغتصاب في صغري كما ان والدتي توفيت حرقا امامي وانا اخبرته بذلك.

وهل حاول التحرش بك اجابت: “نعم”. وعن الفترة التي بقيت فيها فاقدة للوعي اجابت “لا اعرف”. وعما تقوله في افادتها السابقة انها تفقد وعيها كلما شاهدت صورة والدتها اجابت:” هذا الامر يحصل انما لا علاقة له فهو الذي طلب مني ان اقول ذلك.” واضافت بان الزوجة الثانية للمدعي كانت تقول لها دائما “اذا البنت صرلا شي رح يتهموكي إلك”. وسئل المتهم مجددا فاكد بانه يملك 12 جواز سفر ويمكث في الطائرة اكثر من منزله بحكم عمله، وعلقّت المتهمة مشيرة الى ان زوجته الثانية “تعمل في الطائرة“.

وماذا عن سرقتها مبلغ 50 الف ليرة فاوضحت انها وضعتها منذ فترة طويلة خلف صورة في الحائط ولم تسرقها. وروت واقعة حضور فتاة الى المكان الذي احتجزت فيه وابلغتها رسالة تهديد من المدعي وسلمتها “حبة دواء تناولتها قبيل التحقيق. واضافت بان تلك الفتاة اعلمتها ايضا ان المدعي سيرسل لشقيقها مبلغا من المال انما لم تتأكد من ذلك. واضافت: “انا مَن احمي، كنت احمي المدام كي لا يحرمها من الصبيان انما الان بدّي وصّل الحقيقة ولازم تعرف مين زوجها“.

وعاد المدعي واوضح بعد ان اصرت المتهمة على حضور زوجته الثانية الى المنزل، بانه يملك شقتين فلماذا يحضرها الى المنزل فردت المتهمة: “الشقتان مستأجرتان.

وسألها القاضي ابو جودة لماذا تريد ان تحمي المدام ولا تحمي نفسها بعد اتهامها فقالت: “لا شيء لدي لاخسره انما هي لديها ولدان وانا الان مرتاحة الضمير”. واوضحت بانها تفقد وعيها عندما ينزف انفها دما بسبب توتر ما تتعرض له. ولماذا نزفت يوم الحادثة وما سبب توترها اجابت: “انا مريضة واتناول دواء لانني اعمل كثيرا“.

وردا على اسئلة وكيل المدعي اوضحت المتهمة ان اتصالها بالناطور قبل والدة سيلين جاء نتيجة اعتقادها ان الاخيرة حضرت الى المنزل واتصلت به للتأكد من ذلك اما عن سبب اقفالها الستائر فردّت ذلك الى طلب المدعي باستمرار اقفالها اثناء وجوده في المنزل وحين كانت هي تخلع ملابسها كما ان الوالدة كانت تطلب منها عدم فتح النوافذ طالما ان سيلين موجودة في المنزل. وقالت عن واقعة ركض سيلين الى غرفتها واخفاء وجهها وهي خائفة: “كانت ترتجف من حرارتها المرتفعة وعندما خبأت وجهها بالحرام كانت تلعب معي وليس بسبب الخوف”. وعن سبب وفاة “عبودي” وهو ببغاء، قالت : “كان موضوعا في الصالون وتوفي وانا لم اقتله، شو بدّو يعملي الببغاء. وهنا اوضح المدعي ان المتهمة قطعت الكهرباء ثم قالت ان “عبودي” توفي. واوضحت المتهمة ان المدعي يملك كل شي من مجوهرات وغيرها وانا لو اردت سرقته لقتلت الفتاة وهربت بالمجوهرات. وبعدما افاد المدعي عن اختفاء “قداحتين” من الذهب، انكرت سرقتهما وقالت انه كان قد مضى على حضورها الى المنزل عام عندما فقدت اموالاً واتهمت بسرقتها ليتبين ان المبلغ كان في المحل العائد للمدعي. وبسؤالها عن نيتها بالانتحار بعد مقتل الفتاة نفت ذلك واوضحت ان الفتاة التي حضرت الى مكان توقيفها وبقيت يومين طلبت منها ان تقول بانها كانت تريد الانتحار. ولماذا قالت لابن المدعي داني انهم لن يسافروا الى كندا اجابت: “غير صحيح”. وعما كتبه على الفايسبوك اثر وفاة ابنته قال المدعي ان العائلة كانت بحالة انهيار فتدخلت المتهمة لتوضح ان الطفلة كان قد مضى 4 ايام من دون تناولها الطعام فعقب المدعي : قبل يوم من الحادثة كانت تأكل طبقا من البيض.

وبعد ان قررت المحكمة استدعاء زوجة المدعي والدة الطفلة اجاب: “مستحيل هي في الخارج ولديها طفل ومريضة” وأضاف “ان عائلتي مدمرة” وتوجه الى المتهمة باكيا: “انت دمّرتينا” فردت: انت دمرتني.

ورفعت المحكمة الجلسة الى 23 حزيران المقبل للاستماع الى ثلاثة شهود فيما طلبت جهة الدفاع الحصول على ملف الطفلة الطبي منذ تاريخ ولادتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى