اليمن: حوار الكويت هل يقود إلى الحلّ؟ حميدي العبدالله
بدأت في الكويت جولة جديدة من الحوار بين الأطراف اليمنية بهدف التوصل إلى حلّ يُنهي الحرب الطاحنة الدائرة في اليمن. هذه الجولة من الحوار ليست الأولى، فقد سبقتها جولة أخرى ولكنها وصلت إلى طريق مسدود. فهل تلاقي الجولة الحالية المصير ذاته، وتعود المواجهة إلى وضعها السابق، وربما أشدّ عنفاً؟
لا شك أنّ ثمة متغيّرات تجعل فرص التوصل إلى وقف إطلاق النار، وإن كان بشكلٍ جزئي، وإفساح المجال أمام الحوار والمفاوضات، أعلى هذه المرة، من تلك التي رافقت جولة الحوار السابقة التي فشلت فشلاً ذريعاً. ومن أبرز هذه المتغيرات:
أولاً، عدم قدرة أي طرف من الطرفين على تحقيق المزيد من المكاسب عن طريق استمرار المواجهة العسكرية المفتوحة، وقد استقرت الجبهات، على الأقلّ في الأشهر الثلاثة الماضية، وتحول القتال إلى كرّ وفرّ من دون حصول أي تغيير ميداني كبير لصالح أي فريق من الفريقين المتصارعين.
ثانياً، كلفة الحرب البشرية والمالية باتت تضغط على الأطراف المتحاربة. فالجيش اليمني وحركة أنصار الله، وبسبب الحصار وتعطل الاقتصاد يواجهان وضعاً صعباً، و«التحالف العربي» بقيادة السعودية، بات هو الآخر يعاني من قلة الموارد في ضوء ارتفاع كلفة الحرب، لا سيما أنّ اندلاع هذه الحرب تزامن مع الانخفاض الكبير في أسعار النفط، كما أنّ الكلفة البشرية باتت تضغط بقوة على الدول المشاركة في الحرب، خصوصاً الدول الخليجية التي تواجه وضعاً دقيقاً وحسّاساً لجهة الموارد البشرية.
ثالثاً, دخل على خط الصراع طرف ثالث ممثلاً بتنظيم القاعدة الذي يسيطر على مناطق واسعة في المحافظات الجنوبية, وبات يشكل تهديداً جدياً لقوات الرئيس عبد ربه منصور هادي وقوات «التحالف العربي» المنتشرة في عدن، حيث يقوم بتوجيه سلسلة من الضربات لهذه القوات، ويُخشى أن يزداد مثل هذا الخطر ويضع قوات «التحالف العربي» بين نارين: نار تنظيم القاعدة ونار الجيش اليمني واللجان الشعبية. وإذا ما تطورت الأوضاع إلى هذا المستوى، وهو احتمال قوي وجدي، فإنّ ذلك يخلق وضعاً قد يخرج عن السيطرة ويحمل معه مخاطر كثيرة، وقد يدفع هذا العامل قوات التحالف العربي إلى تهدئة الجبهات مع الجيش اليمني واللجان الشعبية للتفرغ لمواجهة تنظيم القاعدة، ومن الصعب الحفاظ على مثل هذه التهدئة إن لم يكن هناك مسار تفاوضي.
في ضوء ذلك، فإنّ جولة الحوار الجديدة إذا كانت غير قادرة على إنتاج حلٍّ ينهي الحرب، فالأرجح أنها ستقود إلى تكريس شكل من أشكال تهدئة القتال.
(البناء)