اسرائيل وحماس لا تريدان المواجهة: يوسي ملمان
لأول مرة منذ الجرف الصامد، قبل نحو 21 شهرا، انكشف نفق حفرته حماس إلى داخل الاراضي الاسرائيلية. وقد انكشف اساسا بمعونة منظومة تكنولوجية جديدة أدخلتها وزارة الدفاع والجيش الاسرائيلي إلى قيد الاستخدام منذ الجرف الصامد. المنظومة لا تزال في مرحلة التطوير والتجارب، والتفاصيل عنها محظورة النشر.
منذ اكتشاف النفق، قبل نحو اسبوعين، يعمل الجيش الاسرائيلي على دراسة مبنى النفق، تفرعاته ومساره والوسائل التي حفر بها، كي يستخلص منها المعلومات ويتعرف على قدرات حماس في هذا الموضوع.
ويشهد اكتشاف النفق على أن الوسائل التكنولوجية، رغم التعقيدات في تطويرها واستخدامها، تتبين ناجعة. فلا يزال العلم التكنولوجي ليس كافيا، ولا شك انه حفرت وتحفر انفاقا اخرى تتغلغل في الاراضي الاسرائيلية ولم تنكشف بعد.
مسار النفق، بعمق نحو 30 مترا في الاراضي الاسرائيلية، سد، وهكذا يكون حيد. ولكن ليس لدى الجيش الاسرائيلي حتى الان معلومات عن متى حفر النفق ـ فهل كان هذا قبل الحرب الاخيرة ام بعدها وهل كان الحفر في عشرات الامتار في الاراضي الاسرائيلية تم في الفترة الاخيرة. كما أنه ليس واضحا للجيش الاسرائيلي ما هو طول النفق واين بدايته. وحقيقة أن أمر الكشف لم يرفع إلى علم الجمهور منذ اسبوعين تدل على المسؤولية التي يبديها الصحافيون، الذين كان الكثيرون منهم في سر الامر، وذلك بناء على طلب محافل جهاز الامن، التي استعانت بالرقابة العسكرية خوفا من أن يكون من شأن النشر المبكر أن يعرض أعمال الجنود في الميدان للخطر.
يقف هذا السلوك على نقيض بارز من رئيس الوزراء، الوزراء، النواب والموظفين الكبار، الذين يثرثرون في كل مناسبة ويكشفون اسرارا استراتيجية أو عملياتية.
ومع ذلك، فان التعتيم الذي فرض بفضل تعليمات الرقابة ايضا، تسبب بصناعة شائعات انتشرت في ارجاء الدولة وبالاساس اثارت القلق في اوساط سكان بلدات غلاف غزة، لدرجة أن قائد المنطقة الجنوبية اضطر لان يلتقي برؤساء السلطات والناطق بلسان الجيش الاسرائيلي ونقل رسائل مهدئة لهم. واضح، مثلما يعلن قادة حماس، بان استخدام الانفاق هو من ناحية التنظيم اداة استراتيجية في الصراع ضد اسرائيل، أثبتت نفسها في الحرب الاخيرة في غزة. تفهم حماس بانه بسبب دونيتها العسكرية في مواجهة اسرائيل، فان حفر الانفاق هو أحد الوسائل المركزية التي يمكنها من خلالها ان تحقق انجازات استعراضية تكتيكية في حالة المواجهة.
وحسب كل التقديرات في الجيش الاسرائيلي، فمع اندلاع جولة حربية رابعة، تحاول حماس العمل من خلال الانفاق كيف تسيطر على احدى البلدات وتحتفظ بها ـ حتى وان كان لفترة زمنية قصيرة للغاية، ومحاولة اخذ رهائن. وفي كل الاحوال، واضح أيضا حسب تقديرات الجيش الاسرائيلي بان حماس ستوظف جهودا عديدة لقصف البلدات في خط الحدود، وذلك لدفع السكان إلى هجر البلدات، الامر الذي سيكون من ناحيتها انجازا عظيما.
ترى اسرائيل في حفر النفق في اراضيها خطوة تعني خرقا لسيادتها، ولكن ليس في نيتها الرد على ذلك بعملية عسكرية أو بحملة غايتها الرد والعقاب.
رغم كل الدراما، التعتيم والسرية، ليس في الكشف ما يغير التقدير الشامل لدى الجيش الاسرائيلي بان حماس في هذه المرحلة ليست معنية بجولة حربية جديدة، مثلما هي اسرائيل غير معنية بذلك. من هذه الناحية، فان الردع الاسرائيلي الذي تحقق في الحرب الاخيرة وفي اعقابها يواصل الوجود. والى جانب ذلك، يواصل الخوف من أنه كنتيجة لاعتبارات مغلوطة، او ما يسمى «سوء التقدير» من شأن كل حدث صغير ان يتصاعد إلى مواجهة كبرى، تخرج عن نطاق السيطرة. هذا هو الخطر الاكبر في الوضع الهش حيال غزة، ولا سيما على خلفية الضائقة الاقتصادية للسكان والعزلة السياسية والضعف العسكري النسبي لحماس.
معاريف