جلسة الرئاسة : رتابة وعودة الى نقطة الصفر محمد بلوط
لا يملك الرئيس الفرنسي عصا سحرية لحل لغز الرئاسة اللبنانية، ولا يعرف الطريقة المناسبة لانتخاب رئيس ماروني يحظى بالقدر الممكن من التوافق الذي يؤمن النصاب القانوني لجلسة الانتخاب.
ولانه أراد التأكيد على خصوصية العلاقة الفرنسية ـ اللبنانية في المنطقة ضم لبنان الى جولته التي تشمل مصر والاردن، آملاً بتحقيق الحدّ الادنى من النتائج في ثلاثة ملفات لبنانية مهمة هي:
ـ تجديد الدعم المعنوي وحث اللبنانيين على انجاز الاستحقاق الرئاسي في اسرع وقت ممكن.
ـ تقدم الدعم والمساعدة للبنان في مواجهة اعباء النزوح السوري الكبير.
ـ تجديد الالتزام بمساهمة فرنسا في دعم وتعزيز قدرات الجيش اللبناني.
ووفقا للمعلومات التي توافرت عن اجواء لقاءاته مع كبار المسؤولين والقيادات السياسية، حرص الرئيس هولاند على عدم الخوض في تفاصيل الحرب الدائرة في سوريا، متجنباً تكرار الموقف الرسمي الفرنسي المناهض للنظام والمؤيد لما يسمى بـ«المعارضة المعتدلة».
ويبدو ان التحضير السريع لزيارة لبنان لحظ هذه النقطة، فكان الحرص واضحاً لجهة عدم الغوص في مثل هذا الموضوع الشائك الذي يشكل مساحة خلاف لبناني ـ لبناني. وبذلك يكون الرئيس الفرنسي قد راعى كل الاطراف اللبنانية ووقف على مسافة واحدة منها قدر المستطاع.
وغداة انتهاء الزيارة صودف موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، حيث ارجئت كالعادة بسبب عدم اكتمال النصاب. وتميزت برتابة اقرب الى «رفع العتب» وبتناقص عدد الحضور الى 53 نائباً بعد موجة النشاط التي سجلت في الجلستين السابقتين.
ولوحظ ان الرئيس سعد الحريري لم يحضر جلسة الامس كما فعل منذ عودته الى لبنان، وفضّل ممارسة نشاطه السياسي العادي في بيت الوسط دلالة على تراجع همّته في السعي الى انتخاب الرئيس بعد ترشيحه النائب سليمان فرنجية.
ووفقاً لاجواء النواب الذين حضروا الى ساحة النجمة فان بعض التفاؤل، الذي كان قد ساد بعد هذا الترشيح، قد تبدد الى حدّ التلاشي، وعادت الامور الى نقطة الصفر في ظل انعدام فرصة التوافق الداخلي.
ويقول أحد النواب ان هناك نوعا من التسليم بالأمر الواقع حتى اشعار آخر، ما يعني انه لا يوجد افق لانتخاب الرئيس في المدى المنظور إلا اذا حصلت معجزة تخرجنا من هذه المراوحة.
وبرأيه ان العالم منشغل بقضايا وملفات اكبر بكثير من الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وانه لا يتطلع الى لبنان إلاّ من خلال قضية النازحين السوريين وتداعياتها، كون هذه القضية مرتبطة بأزمة النازحين التي دقّت ابواب اوروبا وتحولت الى هاجس دائم عند الاوروبيين.
ويسود الاعتقاد لدى الاوساط النيابية بأن السبل والوسائل التي اتبعت على المستوى الداخلي لانجاز الاستحقاق الرئاسي قد استنفذت، ولم يعد هناك من امل في احداث تغيير او خرق ايجابي من دون مساعدة الخارج.
وبرأي هذه الاوساط ان العوامل الخارجية المؤثرة تكاد تكون غائبة في الوقت الحاضر، فالولايات المتحدة الاميركية لديها اولويات في المنطقة تتقدم على مسألة الانتخابات الرئاسية. اما العوامل الاقليمية فهي بدورها ليست ايجابية خصوصاً في ظل استمرار النزاع والازمة بين الرياض وطهران لا سيما بعد اندلاع حرب اليمن وما رافقها من تفاقم التوتر بين البلدين.
وفي ظل هذا المشهد الداخلي المعقد والواقع الاقليمي والدولي غير المشجع، لم يكن بمقدور الرئيس الفرنسي الا اعطاء النصيحة والدعم للبنانيين من اجل انتخاب رئيسهم.
(الديار)