إيران تزداد قوة والسعودية قلقة:يعقوب عميدرور
ظهر خبران في هذا الاسبوع لا يرتبطان معا للوهلة الاولى أمام كل من يهتم بالشرق الاوسط. الاول هو اعلان إيران عن حصولها على الصواريخ المتطورة «اس 300» التي قامت بشرائها من روسيا، والتي تم اعاقتها من روسيا لفترة طويلة. والخبر الثاني هو نقل جزيرتي تيران وسنفير من مصر إلى السعودية واقامة جسر كبير بين السعودية ومصر في شبه جزيرة سيناء. ويتبين من تسلم الصواريخ المتطورة، أن إيران تقوم بتحسين قدرتها الدفاعية التي ستحتاجها في أي مواجهة في المستقبل، التي قد تنشأ بسبب التوتر بين الشيعة والسنة في ارجاء الشرق الاوسط. أو على خلفية امتلاك السلاح النووي أو عدم الايفاء بالاتفاق النووي.
هذه الصواريخ تكسر التوازن في مجال المدى والنوعية في كل ما يتعلق بتحديد التهديدات من الجو، والقدرة على ازالة تهديدات من انواع مختلفة.
الاتفاق حول الموضوع النووي حرر الكثير من العقبات التي استندت إلى قرارات دولية أو أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة عندما أرادت الضغط على إيران في كل ما يتعلق بشراء السلاح. وتعتبر صفقة الاسلحة هذه بمثابة السنونو الاول وهي لن تكون الأخيرة.
إن دولة مثل إيران، بعد أن كانت معزولة اقتصاديا لسنوات، تتحول الآن إلى هدف مفضل والى سوق بالنسبة للدول التي تريد التصدير. وبعض جهود البيع تتم من قبل الدول التي تعتبر أنه حان الوقت لاعادة إيران إلى أسرة الشعوب. وبسبب ذلك فلا حاجة إلى الاستمرار بمقاطعتها. وبالنسبة لدول اخرى فان كل سوق هي محلية دون أي حسابات بعيدة المدى.
وستنشأ منافسة بين من يريدون البيع أكثر لإيران. وفي المقابل، روسيا التي توجد في ضائقة اقتصادية خطيرة لن تتردد في اجراء أي صفقة سلاح، سواء كانت كبيرة أو صغيرة. فبيع السلاح هو البديل الذي بقي لها، باستثناء النفط. وهي ستفعل كل شيء من اجل الربح من ذلك. إيران هي زبون كبير، لذلك توجد هنا مصلحة متبادلة ـ الطرف الاول يريد المال والطرف الثاني يريد تحسين قدرته العسكرية. وكلما كان هناك التقاء للمصالح من هذا النوع بين إيران ودول اخرى، كلما زاد تدفق السلاح إلى إيران. والنتيجة واضحة: عندما يشعر الإيرانيون أنهم محصنون ولديهم القدرة على الرد العسكري، فهم سيشعرون أنهم قادرون على الاخلال بالاتفاق. البنية العسكرية الروسية تساعد في الدفاعات وتطوير الصواريخ في إيران يساعد في الهجوم. لهذا تقوم إيران بالاهتمام بهما معا.
إن هذا الواقع مقلق للدول السنية وعلى رأسها السعودية. ويضاف إلى ذلك اقوال الرئيس اوباما حول أمله برؤية إيران والسعودية تتقاسمان الشرق الاوسط فيما بينهما. السعوديون يفهمون المغزى من هذه الاقوال. لهذا ليس غريبا أنهم يحاولون تعزيز الطرف السني في المعادلة الشرق اوسطية. هذه المعادلة التي تفسر العلاقة بين السعودية ومصر.
كان واضحا في السابق أن مصر هي التي تقود السنة. وعندما قيل للسادات إن العالم العربي يعارض الاتفاق الذي وقعه مع إسرائيل رد قائلا «مصر هي العالم العربي». لكن الامر لم يعد كذلك.
الاحداث التي مرت على مصر في السنوات الاخيرة: الثورة الشعبية التي أسقطت مبارك، الحكم القصير والفاشل للاخوان المسلمين والانقلاب العسكري، ولا سيما مشاكل مصر الاقتصادية التي لم يتم حلها بل تفاقمت، كل ذلك جعل العالم العربي لا يعتبرها دولة قائدة.
سقوط مبارك يشير إلى فقدان مكانة مصر القائدة للعالم العربي. ولكن اضافة إلى الرموز، فان مصر توجد أمام تحد صعب بالنسبة لمشكلاتها الاقتصادية. ولم يقدم أحد بعد أي اقتراح منطقي للحل مع فرص واضحة للنجاح. مع ذلك ورغم الضعف، إلا أن مصر ما زالت الدولة العربية ذات العدد الاكبر من السكان ولها جيش حديث وكبير جدا وما زالت تؤثر.
تدرك السعودية ضعف السنة، حيث لا يوجد قائد كما في إيران. وهم يفهمون أن السعودية رغم الثراء وحراسة الاماكن المقدسة الإسلامية، إلا أنها ليست بديلا لمصر. فليس لها تاريخ سياسي مثل مصر، ولا توجد فيها مؤسسة دينية هامة مثل الازهر وفيها قليل من السكان وهي دولة صحراوية تقوم على الكثير من النفط. ولكن النفط فقط بدون ارث قيادي.
إن مصر بحاجة إلى السعودية من اجل اقتصادها، والسعودية بحاجة إلى مصر من اجل تعزيز قيادة العالم السني.
واتحاد الدولتين سيُحدث التوازن في وجه إيران، قائدة الشيعة، المسلم بها. على هذا الاساس يجب علينا فهم الزيارة الاخيرة لملك السعودية في مصر ووعوده باستمرار المساعدة السخية واستعادة الجزيرتين وخطة اقامة جسر يربط للمرة الاولى في التاريخ بين الدولتين.
الدولتان المتعلقتان ببعضهما في الصراع ضد إيران الشيعية وضد الحركات السنية الراديكالية، من الاخوان المسلمين وحتى تنظيم «الدولة الإسلامية»، الابن غير الشرعي للقاعدة.
في الوقت الحالي تقوم السعودية بتغيير سلوكها أمام الاخطار وتتحول إلى أكثر نجاعة بسبب خروج الولايات المتحدة من المعادلة. لأنه خلافا للسابق ليس لديها من تعتمد عليه ولهذا هي بحاجة إلى مصر.
يجب علينا الادراك أنه إذا اضطرت إسرائيل لمواجهة إيران في المستقبل لوقف محاولات الحصول على السلاح النووي. فستكون إيران قوية اكثر ومع قدرات جوية متطورة. وفي المقابل، لا توجد لإسرائيل اسباب لمعارضة التعاون بين مصر والسعودية. وقد يكون هذا اساسا للتنسيق معهما.
إسرائيل اليوم