قمة اسطنبول ورهانات أردوغان: ميرنا قرعوني
انطلقت يوم أمس الخميس 14 نيسان في اسطنبول القمة الـ13 لمنظمة التعاون الإسلامي بمشاركة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب رؤساء برلمانات، ووزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة.
يعلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الكثير من الآمال التي طالما انتظرها منذ توليه الحكم، فهو كان قد راهن على جعل تركيا دولة اسلامية ذات مرجعية عابرة للحدود، وقام بدعم «الاخوان المسلمين» في مصر وسورية وتونس، كما عمل جاهداً على انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، وفي سبيل تحقيق ذلك نفذ جميع الإملاءات الأوروبية والأميركية والسعودية خلال السنوات الماضية، وابرزها تسهيل عبور الارهابيين الى سورية وفتح حدوده البحرية للاجئين والمهاجرين والتغاضي عن نقل السلاح وغيرها من الأمور التي جعلته طرفا مباشراً في الصراع الدائر في المنطقة، وانعكست مؤخرا بارتدادات خطيرة على الداخل التركي الذي يشهد الكثير من التوترات والخلافات وصولا الى وقوع الانفجارات بكثرة في الآونة الاخيرة، ما يكشف ان السحر انقلب على الساحر، فكل ما كان يطمح أردوغان إلى تحقيقه من خلال السياسات التي اتبعها انقلب ضده، ففي مصر على سبيل المثال، وبعد دعمه حكم الاخوان المسلمين بكل الطرق الممكنة، انتهى حليفه محمد مرسي وراء القضبان وهو كان راهن بقوة على هذا التحالف.
نتيجة لذلك الدعم التركي لتنظيم الاخوان لم تشارك مصر في القمة على مستوى الرئاسة بسبب الاعتراض الشعبي على ذلك، وهكذا يمكن القول إن الرهان على المصالحة المصرية ـ التركية فشل قبل بدء أعمال القمة الاسلامية في ظل غياب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبالتالي فالرئيس التركي يتكل على الحليف السعودي للعمل كوسيط مع القيادة المصرية.
أمام أردوغان الكثير من التحديات التي تتخطى المصالحة المصرية ـ التركية، وأبرزها السعي الى ابراز التأثير التركي في العالم الاسلامي. ويبدو انعقاد القمة الإسلامية فرصة أمامه قد لا تتكرر، إذ تتجمع فيها ملفات كثيرة منها العلاقات المتأزمة بين إيران والمملكة السعودية. وفي ظل حرص تركي على العلاقات مع إيران، رغم تقاربه الوثيق مع السعودية، خصوصا في الملفين السوري واليمني، يطمح اردوغان في هذا السياق إلى إنشاء حلف قوي لاحتواء الصعود الإيراني منذ توقيع الاتفاق النووي ورفع العقوبات. وعلى الرغم من وجود مؤشرات على سعي أردوغان لتطويق الدور الإيراني بمساعدة الحليف السعودي الذي يجمعه مع تركيا ميل صريح لفتح قنوات اتصال مع «إسرائيل» وتطوير شراكات نفطية وتجارية.
فقد خص الرئيس التركي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الثلاثاء، باستقبال حافل في القصر الرئاسي بأنقرة، وقلده أعلى وسام يمنح للقادة الأجانب وهو وسام الجمهورية، مشيداً بدوره في تطوير العلاقات بين البلدين.
مع غياب العاهل الأردني الملك عبد الله والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن قمة اسطنبول، تكون تركيا قد فقدت حليفين بارزين في المنطقة كان يمكن التعويل عليهما في بناء حلف بوجه إيران وسورية وحزب الله، وفي وقت يتردد فيه ان السعودية تعمل أيضا على تسخير القمة الإسلامية للنيل من إيران، يشارك الرئيس الإيراني حسن روحاني بكل ثقة في قمة اسطنبول، وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف احتج في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول الثلاثاء على طرح السعودية لأربعة بنود معادية لإيران وبندا ضد حزب الله في مشروع بيان القمة، مؤكدا أن هذا السلوك يتنافى مع روح التضامن الإسلامي ويصب في مصلحة «إسرائيل». كما ندد ظريف بمحاولة استغلال منظمة التعاون الإسلامي من قبل بعض الأعضاء كأداة ضد إيران، ويدل ذلك على الحضور الايراني البارز والاصرار على الوقوف في وجه اي اقتراحات ضدها او ضد حلفائها.
تحت شعار «الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام»، انطلقت قمة اسطنبول، وقد اعتبر أردوغان في خطابه الافتتاحي أن «مشكلة الإرهاب والعنف هي أكبر مشكلة يعاني منها العالم الإسلامي .. بسبب تنظيم القاعدة تم تدمير أفغانستان، والآن الأمر يتكرر بسبب تنظيم داعش، وحركة الشباب وبوكو حرام». وانتقد «ازدواجية المعايير عند الدول الغربية كغض الطرف عن الاعتداءات التي ضربت أنقرة واسطنبول ولاهور والتركيز على بروكسل».
والسؤال المطروح هنا هل سيتخلى أردوغان عن دعم المنظمات الارهابية بعد قناعته بفشل هذا المسار، وهل يغير سياساته بعدما باتت تركيا تحت خطر ارتداد الإرهاب في الداخل التركي؟
(البناء)