العودة إلى جزيرتي تيران وصنافير: إيال زيسر
اندلعت حرب الأيام الستة بسبب جزيرتي تيران وصنافير، أما الآن، بعد مرور خمسين سنة على ذلك، تتحول الجزيرتان الصغيرتان في جنوب خليج ايلات، تيران وصنافير، إلى لبنة هامة في الحفاظ على اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر وتعميق التفاهم الهاديء بين إسرائيل والرياض.
في أيار 1967 أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر عن اغلاق خليج ايلات أمام الملاحة الإسرائيلية. وبذلك حاول أن يخنق مدينة ايلات التي كانت تعزز مكانتها كبوابة جنوبية لإسرائيل نحو افريقيا والشرق الاقصى. وقد قال المصريون إنه بسبب كون تيران وصنافير تحت سيادتهم، فمن حقهم منع الملاحة الإسرائيلية بين الجزر وبين شرم الشيخ والمدخل الجنوبي لخليج ايلات.
كانت جزيرتا تيران وصنافير في الأصل غير هامتين ولا يوجد فيهما سكان وجزءا من الاراضي السعودية. ولكن في الخمسينيات نقلت سيادتهما السعودية لمصر لأنهما لم تكونا مهمتين. أما بالنسبة لمصر فقد كانت جزءا من تعزيز التواجد المصري في جنوب سيناء وخليج ايلات.
الحصار الذي قام المصريون بفرضه على ايلات في تلك السنين ساهم في القرار الإسرائيلي في تشرين الاول 1956 في الخروج إلى عملية «كديش» التي كان أحد انجازاتها اعطاء ضمانات دولية للملاحة الإسرائيلية في ايلات. وفي خطاب الانتصار أمام جنود الجيش الإسرائيلي طلب بن غوريون التمسك بالأدلة على التواجد اليهودي في زمن الهيكل الثاني في جزيرة تيران.
الضمانات الدولية التي منحت لإسرائيل لم تكن لها أهمية فعلية. وعندما توجهت إسرائيل للولايات المتحدة في 1967 وطلبت منهم التدخل في هذه الأزمة لاجبار عبد الناصر على فتح الجزر أمام الملاحة الإسرائيلية. كانت اجابة واشنطن أنه لا توجد أي ضمانات كهذه.
وكما هو معروف، إسرائيل فتحت الخليج بالقوة وسيطرت خلال حرب الأيام الستة على جزر تيران وصنافير. ولكن عندما تم توقيع اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر، قامت باعادة هذه الجزر إلى السيادة المصرية. بالنسبة للسعودية، هذه الجزر لم تقدم أو تؤخر، لا سيما أن العلاقات مع مصر كانت تشهد المد والجزر واحيانا الصدامات الشديدة. وقد قطعت السعودية كما هو معروف علاقتها مع القاهرة بعد التوقيع على اتفاق السلام مع إسرائيل. إلا أن الدولتين حرصتا على أن لا تؤدي هذه الازمة إلى مواجهة علنية.
منذ ذلك الحين تغيرت خريطة المنطقة، وعادت مصر والسعودية إلى التعاون ـ ليس ضد إسرائيل، بل العكس، بالتنسيق والتعاون معها.
التعاون السعودي المصري هو أمر ضروري لبناء خط الدول العربية السنية المعتدلة الذي سيواجه موجة التطرف الإسلامي التي تهدد مصر والمملكة العربية السعودية ايضا. إن التعاون مهم ايضا لمواجهة التحدي الإيراني الذي يعتبره السعوديون التهديد المركزي لهم. أهمية هذا الخط كبيرة لا سيما في الفترة التي تدير فيها واشنطن ظهرها لاصدقائها في المنطقة وتمتنع عن تقديم أي التزامات قد تغرقها من جديد في المنطقة مثل تدخلها في العراق.
الاقتصاد والأمن هما الاسمنت الذي أقيم بهما الجسر المصري ـ السعودي، والجسر الذي تحاول الدولتان بناءه فوق مياه البحر الاحمر. وكجزء من هذه الخطوة وقعت الدولتان على اتفاقيات ترسم مجددا الحدود والملكية لصنافير وتيران. وهذا الامر احتاج موافقة إسرائيل التي تم إعلامها بتواصل غير رسمي وغير مباشر، لكنه ليس نادرا بين الرياض والقدس. فقد منحت السعودية مباركتها للالتزام الذي أخذته مصر على عاتقها حينما وقعت على اتفاق السلام مع إسرائيل حول التواجد الدولي الذي يضمن أن هذه الجزر ستبقى منزوعة السلاح وأن يبقى خليج ايلات مفتوحا أمام الملاحة الإسرائيلية.
إن مصالحة إسرائيل وتركيا، وفي نفس الوقت المصالحة بين مصر وتركيا إذا حدثت، ستكون لبنة أخرى في هذا الخط حول الأمن والاستقرار، الأمر الذي سيخدم مصالح جميع الجهات المعتدلة في المنطقة أمام التحديات والتهديدات التي تقف أمامها.
إسرائيل اليوم