كيري في بغداد: ما الهدف؟ حميدي العبدالله
قام وزير خارجية الولايات المتحدة بزيارة لم يعلن عنها مسبقاً إلى العاصمة العراقية. وعلى الرغم من أنّ زيارات المسؤولين الأميركيين، العسكريين وغير العسكريين، المفاجئة إلى العراق باتت تقليداً، على الأقلّ منذ الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011، إلا أنّ توقيت هذه الزيارة في ظلّ أزمة حكومية، وفي ظلّ الاستعداد لتحرير محافظة نينوى من «داعش»، يطرح أسئلة حول أهداف هذه الزيارة.
إذا كانت التصريحات تفصح أحياناً عن القضايا التي تمّ بحثها وليس كلّ القضايا، فإنه يمكن الاستنتاج في ضوء تصريحات وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري بعد لقائه مع المسؤولين العراقيين، أنّ هذه الزيارة ركز فيها على مسألتين أساسيتين، الأولى ضمان عدم تأثر الاستعدادات لبدء معركة تحرير نينوى بالأزمة الحكومية التي كان أبرز مظاهرها القائمة المقترحة للحكومة الجديدة التي تقدّم بها رئيس الوزراء حيدر العبادي، وعلى الرغم من أنّ سياسة الولايات المتحدة كانت حتى وقت قريب تسعى إلى عرقلة أيّ معركة جديدة ضدّ «داعش» لاستغلال وتوظيف سيطرة هذا التنظيم على أجزاء من العراق لابتزاز السلطات العراقية، والحصول على تنازلات تعيد النفوذ الأميركي إلى العراق إلى ما كان عليه قبل الانسحاب عام 2011، إلا أنّ الولايات المتحدة وبعد الانتقادات التي وجهت إلى حربها على «داعش» واتهامها بأنها غير جادّة في دحر هذا التنظيم الإرهابي، وفي ظلّ تمدّد أخطاره إلى مناطق جديدة خاضعة للهيمنة الأميركية، وبعد نجاح التحالف السوري الروسي الإيراني في توجيه ضربات قوية لهذا التنظيم، ولا سيما في تدمر والقريتين، باتت الولايات المتحدة أقرب إلى تبنّي سياسة هجومية أكثر حزماً في مواجهة داعش للحفاظ على مصداقيتها، لا سيما أنّ ظروفاً كثيرة ومعادلات تحول دون قدرتها على تحقيق إنجاز ميداني مهم ضدّ «داعش» على الجبهة السورية، لهذا ترى أنه من الملح تحقيق تقدّم في الجبهة العراقية ولمصلحة التحالف العراقي الذي لا يعارض عودة النفوذ الأميركي إلى العراق، ولهذا كان الهدف الرئيسي للزيارة ضمان عدم تأثر الاستعدادات الجارية، وآخرها استقدام قاذفات ب52 الأميركية، بالأزمة الحكومية العراقية. الثانية، وضع اللمسات الأخيرة على الاستعداد لمعركة نينوى من الناحية السياسية، أيّ ضبط إيقاع الفرقاء الذين سوف يشاركون في هذه المعركة، سواء الجيش العراقي، أو الحشد الشعبي الخاص لمحافظة نينوى، أو مشاركة الأكراد في المعركة، ومعروف أنّ هذه الأطراف، إضافةً إلى تركيا ليست علاقاتها في ما بينها على ما يُرام، وبالتالي فإنّ نجاح معركة نينوى ضدّ «داعش» تتطلب تنسيقاً أعلى وأمتن بين هذه الأطراف، والولايات المتحدة وحدها القادرة على تحقيق هذه الغاية.
(البناء)