بقلم غالب قنديل

خطة البث الرقمي

غالب قنديل

الموقف الذي توصلت إليه لجنة الإعلام النيابية وأعلنه رئيسها وما صرح به وزير الإعلام حملا تأكيدا على مبدأ قانوني ودستوري هو كون الإعلام الوطني اللبناني مرفقا سياديا وهو ما يطرح مسؤوليات على الدولة أبعد من حدود الرعاية التي غالبا ما تطالب بها المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة من باب التسهيلات والإعفاءات الضريبية ومكافحة المنافسة غير المشروعة التي تترجم مفهوم التعامل مع هذا القطاع بوصفه صناعة منتجة وهذا حق بديهي تجاهلته السياسات الحكومية منذ اتفاق الطائف حتى اليوم .

من المعالم البارزة لتوصيات الجلسة كما عبر عنها كل من النائب حسن فضل الله والوزير رمزي جريج إحياء فكرة الشبكة الوطنية للبث التلفزيوني الرقمي التي شكلت محور خطة الانتقال إلى البث الرقمي التي أقرها مجلس الوزراء عام 2012 وبناء على تفويض المجلس لوزيري الاتصالات والإعلام صدر قرار بتشكيل اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ الخطة في العاشر من أيار 2013 وباشرت اللجنة عملها على الفور وأجرت سلسلة من الاتصالات التحضيرية التي شملت القطاع الإعلامي التلفزيوني وانجزت سلسلة الأعمال التحضيرية للتنفيذ بما في ذلك إجراء بث تجريبي تلفزيوني رقمي من محطات إرسال تابعة لتلفزيون لبنان وبالتعاون مع سائر المؤسسات التلفزيونية الوطنية .

في العاشر من نيسان 2014 رفعت اللجنة تقريرا شاملا لوزيري الاتصالات والإعلام عن حصيلة ما انجزته وما واجهت من عوائق إدارية ومالية تتطلب معالجة بقرارات تتخذ في مجلس الوزراء لجهة صرف الاعتمادات وتحديد الجهات المخولة الإشراف على المناقصات بعدما قامت اللجنة بتحضير دفتر الشروط التقنية لشراء اجهزة الإرسال ومنصات الضغط الرقمي وحددت الخطوات التنفيذية المتمثلة بتاهيل مراكز البث العائدة لتلفزيون لبنان التي اعتمدت وفقا للخطة إضافة إلى مواقع اخرى تستكمل الخريطة الوطنية للتغطية وتمت تلك الخطوات بالتنسيق مع الاتحاد الدولي للاتصالات الذي ثبتت اللجنة لديه رسميا الأقنية المطلوب استخدامها للبث الرقمي إلى جميع المناطق اللبنانية وبالشروط الفنية المتطورة المعتمدة عالميا وبعدما حصلت في تحضيراتها التقنية على مشورة خبيرين دوليين انتدبهما الاتحاد الدولي للاتصالات بناء لطلب اللجنة.

الشبكة الوطنية للبث الرقمي هي مشروع جاهز للتنفيذ والقرار الحكومي هو الذي يمكن ان ينقله إلى الواقع بعدما حال اضطراب الوضع الحكومي وحجم جداول أعمال الجلسات دون طرح الموضوع للنقاش الذي يفترض ان يحسم القرار اللبناني بالسير في تنفيذ الخطة والبت في اختلاف التقدير حول مبدأ الانتقال إلى البث الرقمي الذي برز خلال المناقشات بين وزارتي الإعلام والاتصالات الذي أشار إليه الوزير رمزي جريج.

الشبكة الموحدة هي التعبير عن الدور السيادي للدولة وغيابها يفسح المجال لحال الفوضى ولشبكات البث غير المرخص التي تستمر بالأمر الواقع والشبكة التي تديرها الدولة هي تعبير عن واجبها الذي تنص عليه المواثيق والقوانين الدولية بتوفير شروط متكافئة للمواطنين اللبنانيين في الحصول على البث الإذاعي والتلفزيوني بأفضل الشروط التقنية وباقل كلفة مادية بدلا من ترك الامر لتراكم ظواهر البث غير الشرعي وغير المرخص غير الخاضع لضوابط قانونية من حيث محتوى البث ومضمونه وشروطه الفنية.

الفوائد والفرص التي توفرها الشبكة الموحدة ستسمح بتوسيع مساحة التعدد الإعلامي وتقدم للمتلقي فرصا مضافة للتعامل مع مزايا تقنية تفاعلية في العملية الإعلامية والمنصة الوطنية للشبكة الوحدة كما أعدت لها لجنة البث الرقمي تتسع لخدمة الأنترنت وتدخلها إلى بيوت اللبنانيين مباشرة .

الثورة الرقمية الوطنية من خلال الشبكة الموحدة ستتيح أيضا للبنان ان يحذو بالدول المتقدمة التي اعتبرت الشبكات الأرضية مرفقا سياديا يتيح لها التمتع بقدرات على التواصل مع مواطنيها في كل الظروف وخصوصا في حالة الكوراث الطبيعية والحروب التي قد تعطل وسائل الاتصال الأخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى