بقلم ناصر قنديل

حكومات في سورية واليمن والعراق

ناصر قنديل

– ليست مجرد مصادفة فرضتها الاستحقاقات الدستورية والمواعيد الملزمة هي التي تفسّر ظهور حكومات جديدة هذا الشهر في كلّ من سورية والعراق واليمن. ففي سورية التي ستشهد حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية بعد عشرة أيام، يفرضهما الاستحقاق الدستوري كان ممكناً التحكم بالمواعيد وجعلها في نهاية المهل الدستورية وليس في بداياتها لو لم تكن هناك حاجة سياسية لتسريع المهمة بما يتيح الفصل بين الحكومة الجديدة والحكومة الموحدة المفترضة كحصيلة للمفاوضات من جهة، ويفرض تشكيل حكومة تحميها أغلبية نيابية توفر دعماً سياسياً وشرعياً للوفد المفاوض، وتشكل الشريك المقابل لتمثيل الموالاة في الحكومة الموحّدة عندما يصل التفاوض في جنيف إلى هذه المحطة، بينما التأخير إلى حزيران كان سيخلق تشوّشاً حول الوضع الحكومي المستحق تغييره بحصيلة الانتخابات، ويصير معلقاً على انتظار مفاوضات يفترض أن تنتهي بعد أسابيع، ويكون الانتظار هنا إضعافاً لموقع سورية التفاوضي وبقاء المجلس والحكومة الحاليين بين نيسان ونهاية حزيران جعل ظهر الوفد المفاوض في جنيف ضعيفاً، لكن الأهمّ الذي لا يغيب عن بال أحد أنّ كلّ مقاربة الدولة السورية لمعادلة الحكومة الموحدة تأتي من بوابة أولوية الحرب على الإرهاب، وبات الأمر محور شراكة بين الدولة السورية وأغلب الدول الكبرى، خصوصاً أميركا وروسيا.

– إذا كانت سورية، حيث الاستحقاق الدستوري عامل حاضر في التمهيد لحكومة جديدة، تبدو الحاجة السياسية والصلة بالتسويات حاضرة أكثر، فكيف في العراق حيث لا شيء يفرض دستورياً تغيير الحكومة، وحيث عنوان الضغط الشعبي الذي وقف وراء التغيير الحكومي، قد لا ينتهي بتشكيلة نهائية وربما يفتح مخاضاً حتى تتوفر عبر التوازنات السياسية الظروف والتحالفات والتفاهمات اللازمة لولادة حكومة قوية قادرة على مواصلة قيادة الحرب على «داعش» نحو النصر قبل نهاية العام، بعدما صار واضحاً أنّ حكومة عراقية متماسكة وقادرة على استنهاض بنية عراقية شعبية وعسكرية، يمكن الرهان على فاعليتها وسط المكوّنات العراقية على تنوّعها من جهة، والرهان على قدرتها في حمل أعباء الجولة الأشدّ قسوة في الحرب على الإرهاب.

– في اليمن، لا شرعية أصلاً من الزاوية الدستورية للرئيس الافتراضي المنتهي الصلاحية الذي يُجري التغييرات، ولا مواعيد ولا استحقاقات، لكن نضج الذهاب للتفاوض بعد الفشل الذريع في حملتَيْ تعز وصنعاء اللتين قادتهما السعودية، صار لا بدّ من تعزيز الوضع التفاوضي بترتيبات تتهيّأ لما بعد التفاوض، بحفظ الأدوار وتوزيع الحصص بين الركائز التي يعتمدها السعوديون وأهمّها إيجاد الكرسي الذي يجلس عليه رجلها المعتمد في اليمن علي محسن الأحمر، وهذا التغيير اليمني محاولة لوضع السقوف التي تحمي المصالح والنفوذ السعوديين في اليمن، في مرحلة التفاوض محاولة لحماية الممكن منها في مرحلة التسوية.

– المنطقة تتجه نحو إقفال الملفات وخياطة الجروح، رغم الكثير من الضجيج الإنكاري، الذي يُطلقه الواقفون على الرصيف، والذين لا يتبلّغون من مشغليهم حقيقة ما يجري إلا في اللحظة الأخيرة وبالحدود الضرورية لمعرفة ما يُطلب منهم فعله، بدون شروح وبدون حق توجيه أسئلة.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى