الدبّ الروسي يروّض فيل أميركا ودمشق جسر النصر! محمد صادق الحسيني
الكوريدور العراقي بين إيران وسورية عبر العراق لا بدّ أن يُعاد فتحه بعد عملية تحرير تدمر التاريخية، مهما كلّف ذلك من ثمن لأنه أشبه بـ«سلاح الإشارة» لمحور المقاومة الذي تعرّضت له واشنطن عبر إحدى أدواتها وصنيعاتها وهي «داعش» في السنة المنصرمة، وهو ما يجب أن يُستعاد بأيّ ثمن، وسيحصل إنْ عاجلاً أو آجلاً…!
وتلاحم عمليتي تطهير العراق وسورية من الإرهاب هو الطريق إلى ذلك، ومن دون دور واشنطن الوقح والسافر…!
أعرف أنّ لغطاً واسعاً في صالونات السياسة يتردّد حول ما يسمّى التفاهم الروسي الأميركي…!
لكن الأمر ليس كما يحلو للبعض أن يفسّر أو يحلم…!
إنه الأميركي الذي يذعن لمعادلة «أربعة زائد واحد» مكرهاً، بعد أن التقط الروسي لحظة صعودنا في جبهة المقاومة فاستعاد ثنائية الحرب الباردة وحصّن أسوار الكرملين وانطلق من اجل وضع حدّ للأحادية الأميركية، ويحاول استحضار ما بعد الحرب العالمية الثانية تحالف دولي ضدّ النازية ويحوّلها إلى نسخة صالحة ضدّ «داعش» وأخواته الإرهابيات…!
لعلكم تتذكرون القمة التاريخية في طهران في العام 1943 والتي جمعت يومها ستالين بروزفلت بتشرشل، وسُمّيت بقمة النصر لأنها فتحت كوريدور زحفت من خلاله قوات الحلفاء ضدّ المحور انطلاقاً من الأراضي الإيرانية لفكّ الحصار عن ستالينغراد…!
اليوم دمشق تلعب دور جسر النصر ضدّ الفاشية والنازية الجديدتين، انطلاقاً مما يُسمّى بالتفاهمات الروسية الأميركية في ظلّ فضاء اتفاق طهران واشنطن حول النووي…!
صمود شعب سورية الأسطوري وجيشها المقاتل بأعجوبة في ظلّ ظروف حرب عالمية مصغّرة على أرضه، ومشاركة القوى الحليفة في هذه المعركة الدفاعية الاستراتيجية الكبرى، هو الذي جعل روسيا تصعد كقوة عالمية متجدّدة، وواشنطن تهبط ويأفل نجمها كقوة آيلة إلى التقهقر والانكسار…!
وهذا يعني أننا نحن في محور المقاومة من صار بإمكاننا أن نهلك ملوكاً ونستخلف آخرين…!
أيّ أننا نقوم بدور الرافعة لتحقيق وحدة الدولة الوطنية السورية واستعادة زمام المبادرة بيد المحور في الحرب المعلنة ضدّنا منذ ما يزيد على الخمس سنوات من جهة…
وأنّ الروس يلعبون دور المروّض للأميركي لينزل من عرش الأحادية ويقنع بدور واحد من أصل عالم متعدّد الأقطاب من جهة أخرى…!
وهذا ينفي تماماً كلَّ المقولات التي تتحدّث مرة عن بيع الروس لنا أو التفريط بحلفائها، أو تلك التي تروّج لمقولة وجود شهر عسل أميركي إيراني على حساب قضايا الأمة…!
وبالتالي ليس هناك صفقات على حساب أيّ من قضايا التحرّر والاستقلال، بل إنّ أميركا هي مَن تخسر ونحن مَن يربح، وهذا يتبلور ويتمظهر بالسياسة في العلاقات البينية في ما بات يُعرف بالتفاهمات التي تشي بحقيقة خسارة الآخر في الاستراتيجيا وربحنا نحن…!
ثمة مَن يتصوّر أن أميركا عقلت وصارت في جبهتنا وتريد العيش المشترك معنا ولن تتآمر بعد اليوم…!
والثاني لا يريد أن يصدّق أنّ أميركا يمكن أن تنهزم! نعم تنهزم وبالتالي تضطر لتقديم تنازلات…!
الأول جاهل أو خائن، فتراه يتكلم عن انتهاء عصر القوة وردع الصواريخ، والثاني محبَط ويعيش كآبة انكسارات الماضي ولا يريد أن يصدّق ما تصنعه معجزات المقاومة وثقافتها…!
القدر المتيقّن بين الأول والثاني هو أننا نتقدّم صعوداً، ولكن ببطء، فيما الخصم والعدو يتراجع نزولاً ولكن أيضاً ببطء،
لذلك فإنّ الخطوط البيانية لا ترى بسهولة بالعين المجردة، ولكنها تظهر جلياً لأصحاب البصائر…!
إنه موسم الهجرة إلى «مالاقا» حيث ملتقى «المحيطين الهندي والهادئ» والبحر الأصفر الصيني بالنسبة لواشنطن،
لذلك يظهر أوباما صريحاً في «ذي اتلانتيك»، فيبدأ بتسمية الأشياء بأسمائها: «تركيا فاشلة، والسعودية متحجّرة، وأوروبا متقاعسة وعجوز، وإيران عملانية وصاعدة أيّ أنه بدأ يقترب من الوقائع على الأرض …!
ويقول: انتهت لعبة الحرب على سورية والعراق واليمن ولبنان، اذهبوا وتفاهموا مع إيران كما فعلنا وإلا فاتكم القطار…!
وهذا قد يعني ما يعني أنّ حزب العدالة والتنمية قد يخسر التغطية الأميركية قريباً والأسرة السعودية قد يتمّ الاستغناء عنها أو رفع الغطاء عنها في أقلّ تقدير، وتصبح أشبه بالمحميات الهندية الحمراء بالنسبة لأميركا، وبالتالي فحكم آل سعود قد يتجه رويداً رويداً للخروج من المشهد السياسي الإقليمي ويصبح آيلاً للانقراض مع الزمن…!
ويبقى اليمن معجزة العصر الذي يقاتل وحده في حرب عالمية غير متكافئة تريد اقتلاعه كدولة ومجتمع وتاريخ وثقافة وحضارة من جانب «إسرائيل» وكلب حراستها وخيمة واشنطن ما قبل أوباما وما بعده…!
وهذا ما لن يحصل مطلقاً، بل إنه سرعان ما سينقلب عكسياً على قوى العدوان ويجعل مستقبل اليمن زاهراً سيداً للجزيرة العربية وسلطاناً على البحار والمضائق في جنوب غرب آسيا…
هكذا هي السنن الكونية دوماً.
انتظروا قليلاً وسترون النتائج المبهرة على شاشة بورصات العالم…!
(البناء)