هذا هو الخطر وليس المخرب:عمير فوكس
إن رد الجمهور الإسرائيلي على قتل المخرب في الخليل على يد أحد الجنود، يثير الدهشة. ومن دون الدخول في تفاصيل إذا كان هذا القتل كان قتلا متعمدا أو غير متعمد، لأن هذا الامر متروك لتحقيق السلطات والنيابة، فان الامر المقلق هو الموجة التي لم يسبق لها مثيل لمحاولة تبرير العمل.
عدد قليل من المبررين لهذا العمل يقومون بذلك دون رفض المعايير القانونية. أي انطلاقا من الموافقة على عدم قتل المخرب الذي تم تحييده. لذلك فان ادعاءاتهم تتركز حول «الشعور بالخطر» من قبل مطلق النار. لكن الكثيرين يفعلون ذلك وهم يرفضون بشكل مطلق عدم قتل المخرب الذي لا يشكل أي خطر. الادعاء في هذا السياق هو أن العمل مبرر لأن المخرب، أي مخرب، يستحق الموت. ولهذا فان الجندي الذي قام باطلاق النار لا يستحق الدفاع عنه فقط، بل يجب تأييده وتشجيعه واعتباره بطلا إسرائيليا. استطلاع المعهد الإسرائيلي للديمقراطية الذي أُجري قبل هذه الحادثة، أظهر أن أكثر من 50 في المئة من الجمهور الإسرائيلي يؤيدون قتل كل فلسطيني يقوم بمهاجمة اليهود، حتى بعد القاء القبض عليه وعدم وجود أي خطر من ناحيته.
إن الشعور بالخطر الحقيقي يفترض أن يحدث بناء على هذه المعطيات، التي هي برهان آخر على تفكك القيم الديمقراطية واحترام سلطة القانون في إسرائيل. ففي قضية الباص 300 كان منع قتل المخرب المحيد واضحا، لذلك تطلب الامر وجود جهاز كامل للانكار والاخفاء. لكن الامر الذي كان مفروغ منه في السابق، الآن يوجد خلاف حوله. فهذا أمر لا يحدث في يوم واحد. ولا يمكن تجاهل اسهام قادة الجمهور والعملية المتواصلة.
خطابات بعض الوزراء واعضاء للكنيست في حملة الانتخابات الاخيرة، التي تقضي بأن النتيجة الافضل لأي مواجهة مع مخرب، هي موته، هي التي أوجدت هذا الموقف المشوه الذي يناقض قيم الجيش الإسرائيلي والقانون الجنائي. إن هجوم القادة والحاخامات على رئيس الاركان بسبب تصميمه الواضح على الأوامر المتعلقة باطلاق النار، ساهم في إحداث البلبلة في المباديء التي أثرت على الجنود العاديين.
إن النقاش المتزايد حول الحاجة إلى تشريع عقوبة الاعدام، يؤدي إلى موقف يقضي بأنه طالما لم يتم سن هذا القانون فان الجنود أو المواطنين في الميدان يمكنهم أن يكونوا مسؤولين عن الاعدام عند الضرورة. وهذا ينطبق ايضا على محاولة القتل، الامر الذي يؤكد أن اقتراح عقوبة الاعدام للقتلة، إذا كانت ستتم الموافقة عليه، لن يكون كافيا بالنسبة لمن يريد الانتقام في اوساط الجمهور المحرَّض. ويمكن القول إن اليوم الذي سيقترح فيه عضو كنيست قانون الاعدام على كل محاولة للقتل، ليس بعيداً.
ويمكن القول إن اطلاق سراح المخربين في صفقات التبادل لا يبرر هذا التوجه، لكن لا يجب تجاهل تأثير هذه المواقف على الجمهور، بسبب اهانة العملية القضائية الجنائية. وعندما ستضطر الحكومة في المستقبل إلى اجراء صفقة كهذه فيجب عليها أن تأخذ ذلك في الحسبان.
لا يجب الاستغراب من حالة التطرف وتراجع القيم الديمقراطية في اوساط الجمهور. فالتشريع العنصري والنقاش العنصري في الكنيست والرأي العام في إسرائيل يشجعون ويؤججون العنصرية. وخصوصا الحديث عن قتل المخربين وعن عقوبة الاعدام، الامر الذي يعطي الشرعية للقتل غير العادل. إن كل شخص يؤمن بالمباديء الديمقراطية والليبرالية يجب عليه أن يشعر بالخطر الواضح والفوري. ويبدو أن نقطة اللاعودة في الحفاظ على هذه القيم أصبحت قريبة.
إذا لم يتم اتخاذ اجراءات فورية لتعزيز تعليم الديمقراطية واحترام الانسان وسلطة القانون. واذا لم يتم اتخاذ اجراءات فورية ضد العنصرية. واذا لم يتوقف النقاش غير المسؤول لقادة الجمهور فليس مضمونا أنه يمكن اعادة العجلة إلى الوراء.
نتان الترمان كتب في «العمود السابع» عن المجزرة في كفر قاسم: «لا يجدر بنا أن نخاف من ضعضعة المعنويات/ لأن المعنويات التي ترى الخطر/ في قرار حكم يندد بجرائم القتل الواضحة/ فهي معنويات تضعضعت ولا يمكن اصلاحها».
هآرتس