تحرك أميركي.. خجول: قلق من إعدامات الفلسطينيين: حلمي موسى
أحيا فلسطينيو الـ48 أمس الذكرى الأربعين ليوم الأرض، بمسيرات حملوا فيها الأعلام الفلسطينية ولافتات كتب عليها «الأرض وطن» و «لا للتفريط بأرض الآباء والأجداد»، كما وقفوا دقيقة صمت حدادا على شهداء يوم الأرض.
في إشارة إلى الوضع المتردي الذي تعيشه السياسة الإسرائيلية جراء استمرار الاحتلال، طالب أحد كبار أعضاء الكونغرس الإدارة الأميركية بالتحقيق في الاتهامات بقيام جنود الاحتلال بإعدام فلسطينيين من دون محاكمة.
وكان مفاجئاً لإسرائيل قيام السيناتور الديموقراطي باتريك ليهي، الذي كان معروفاً بتعاطفه مع تل أبيب، بالطلب من وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن تعمد الأجهزة الرسمية إلى التحقيق في قيام وحدات من الجيش والشرطة الإسرائيلية بتنفيذ إعدامات لفلسطينيين من دون محاكمة.
وقد وجه ليهي رسالة إلى كيري يطالبه فيها بالتحقيق في تورط وحدات من الجيش والشرطة في إسرائيل في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وبينها تنفيذ إعدامات خارج القانون. وحملت الرسالة إلى جانب توقيع ليهي تواقيع عشرة من أعضاء مجلس النواب الأميركي من الحزب الديموقراطي.
ومعروف أن إجراء مثل هذا التحقيق يعتبر حاسماً في عدة اتجاهات مادية ومعنوية بالنسبة لإسرائيل، فالمساعدات الأميركية للدول عموماً، وبينها إسرائيل، مشروطة غالباً بمراعاة حقوق الإنسان وتجنب استخدام هذه المعونات، في انتهاكها.
وجاء في الرسالة، التي أعلن عن إرسالها أمس في موقع «بوليتيكو» الإخباري لكنها فعليا أرسلت في 17 شهر الماضي، أنه «وصل إلينا عدد مقلق من التقارير بشأن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان نفذت على أيدي قوات الأمن في إسرائيل ومصر». وأضافت ان «الأمر يتعلق بحوادث من الجائز تورط جهات تتلقى مساعدات عسكرية أميركية فيها. ونحن نطالب بأن تحدد هل هذه التقارير موثوقة وإبلاغنا بالنتائج».
وعرضت الرسالة عدداً من الأمثلة التي أوردتها تقارير «منظمة العفو الدولية» ومنظمات حقوق إنسان أخرى، عن حالات قامت فيها وحدات من الجيش والشرطة الإسرائيلية بتنفيذ إعدامات لفلسطينيين من دون محاكمة. وأشارت لعدة أسماء شهداء فلسطينيين في الهبة الشعبية الأخيرة، مثل فادي علون الذي أطلقت عليه القوات الإسرائيلية النار بعد اتهامه بطعن صبي يهودي، وسعد الأطرش الذي قتل في الخليل بعد اتهامه بمحاولة طعن جندي إسرائيلي، وهديل هشلمون التي قتلت عند حاجز في الخليل ومعتز عويسة. وعرضت الرسالة لشبهات بتنفيذ إسرائيل تعذيباً على الصبي الفلسطيني أحمد مناصرة، ابن الـ13 عاماً، الذي اتهم بطعن يهودي في القدس وكذلك حالة وسيم معروف.
وأوضحت رسالة ليهي، الذي كان في الأصل صاحب قانون حمل اسمه للربط بين المساعدات العسكرية واحترام حقوق الإنسان، أن طابع المساعدة الأميركية لإسرائيل من النوع الذي يتعذر مراقبته، ولذلك فإنهم طالبوا كيري بإطلاعهم عن الجهات القائمة المنوط بها مراقبة المساعدة العسكرية الأميركية للجيش الإسرائيلي. وقالوا في رسالتهم إنه «في ضوء هذه التقارير فإننا نطالبك بأن تعمل فوراً من أجل تحديد مدى صدقيتها وما إذا كانت تشكل مبرراً لاستخدام قانون ليهي (الذي يحدد معايير لوقف تقديم المساعدات الأميركية لوحدات الجيش المشتبه بتنفيذها انتهاكات لحقوق الإنسان)، وحال التثبت من ذلك اتخاذ التدابير المطلوبة بموجب القانون».
ويعتبر ليهي أحد أبرز أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، وهو يرأس حاليا لجنة الميزانيات والمساعدات الخارجية في الكونغرس. وقد سن في العام 1997 قانوناً يحظر على أميركا أن تموّل أو تزود أو تدرب وحدات عسكرية أجنبية يشتبه بتورطها في انتهاكات لحقوق الإنسان أو بجرائم حرب. وبموجب هذا القانون فإن وزارة الدفاع الأميركية، بين جهات مختلفة، ملزمة بالتدقيق في الضباط والجنود الأجانب الذين يصلون أميركا لتلقي التدريب.
وبحسب صحيفة «هآرتس» فإن ليهي حاول قبل بضع سنوات إدخال بند على قانون المساعدات الخارجية يقضي بأن تُفرض قيود على المساعدة العسكرية لإسرائيل، وخصوصاً على وحدات النخبة، الكوماندوس البحري («شييطت 13») والكوماندوس «شلداغ» ووحدة المستعربين «دفدفان» بشبهة ارتكابها انتهاكات ومساسها بفلسطينيين أبرياء، وبسبب أنه لا توجد جهة تحقيق تتأكد من أن أفراد هذه الوحدات لا ينتهكون حقوق الإنسان. وطالب ليهي بأن تفرض على المساعدات الأميركية لإسرائيل القيود نفسها المفروضة على دول أخرى تتلقى المساعدات مثل مصر، باكستان والأردن. ولكن طلب ليهي هذا لم يتحقق.
وفي كل الأحوال فإن مطالبة ليهي تسلّط الأضواء على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في المناطق المحتلة. وليس مستبعداً أن رسالة ليهي كانت بين الأسباب التي دعت كلا من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشي يعلون ورئيس الأركان غادي آيزنكوت لإدانة الجندي الذي أطلق مؤخراً النار على شاب فلسطيني بعد اعتقاله. وأكثر نتنياهو ويعلون وآيزنكوت مؤخراً من الكلام عن قيم وأخلاق الجيش الإسرائيلي وطهارة السلاح لديه. ولكن هذا الكلام يتنافى مع مطالبات الوزراء والحاخامات الإسرائيليين بأن لا يخرج حياً كل من يحمل سكيناً من أي محاولة لطعن يهودي.
(السفير)