عربدة اليمين الإسرائيلي تتجلى في الكنيست: إقرار أولي لقانون «تعليق» نيابة فلسطينيي الـ48 حلمي موسى
بعد مناقشات عاصفة، أقرت الكنيست الإسرائيلية بالقراءة الأولى القانون العنصري المثير للجدل، والمسمى قانون «التعليق»، والذي بموجبه يمكن إبعاد عضو كنيست عن المجلس طوال فترة ولايته .
ورأت أوساط قانونية أن هذا القانون يتعارض مع الديموقراطية، وهو يتنافى مع القواعد الدستورية المقرة، ولا يصمد أمام أي التماس في المحكمة العليا. ولكن حكومة بنيامين نتنياهو تبنت هذا القانون، واعتبرته أحد أسلحتها المسلطة على رأس الأقلية العربية في إسرائيل وممثليها في الكنيست لإبقائهم على السكة المحددة في إسرائيل.
ومن المعروف أن إقرار القانون بالقراءة الأولى ليس سوى خطوة أولية، تتبعها خطوات فنية وقانونية عبر لجان في الكنيست قبيل إعادة عرضه على الكنيست للقراءتين الثانية والثالثة بغرض إقراره. ورغم ذلك جابهت محاولةَ إقرار القانون بالقراءة الأولى معارضةٌ قوية، حيث لم يقر إلا بغالبية 59 صوتاً ضد 53 صوتاً. وكان بين أول المعترضين على قبول هذه النتيجة المستشار القضائي للكنيست، الذي رأى أنه كان ينبغي للمشروع أن يقر على الأقل بغالبية 61 عضو كنيست، وهو ما لم يتم.
في كل حال، من الواضح أن إقرار هذا القانون، موجه بشكل أساسي ضد أعضاء الكنيست العرب، خصوصاً بعد أن اجتمع عدد منهم بعائلات شهداء فلسطينيين تحتجز السلطات الإسرائيلية جثامينهم، ما اعتبر إسرائيلياً كنوع من «الخيانة الوطنية». ورغم أن كثيرين فسروا تشجيع رئيس الحكومة الإسرائيلية على إقرار هذا القانون نوعاً من محاولة كسب تأييد في صفوف اليمين بعد تراجع شعبيته، إلا أن آخرين اعتبروا خطوته ضربة لأنصار الحفاظ على النزعات الديموقراطية.
وقد عبر التصويت على القانون عن المأزق الذي تعيشه الحكومة الإسرائيلية في تعاملها مع إدارة الكنيست. فالائتلاف الحكومي، الذي يعد 61 صوتاً، ويملك فقط غالبية صوت واحد، لم يفلح في اختراق جدار المعارضة، حتى في قضية كهذه يعتبرها «وطنية». وكان لافتاً أن حكومة نتنياهو عجزت حتى عن كسب تأييد حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان الذي تغيب نوابه عن التصويت.
ويقضي قانون تعليق العضوية الذي بادر إليه نتنياهو، بتمكين الكنيست من تعليق عضوية أحد أعضائها لباقي ولايته إذا وافق على ذلك 90 عضو كنيست، أي ثلاثة أرباع المجلس. وفي حالات معينة يمكن للكنيست أن تبعد العضو تماماً عن المجلس، بحيث يحل مكانه من يأتي بعده في القائمة التي فاز ضمنها.
وقبل التصويت أبلغ المستشار القضائي للكنيست رئيسها يولي أدلشتاين، أنه يفضل أن ينال مشروع القانون بالقراءة الأولى غالبية 61 صوتاً، باعتبار أنه ينطوي على تغيير ضمني للمبادئ الثابتة في القانون الأساس للكنيست، وخصوصا بند المساواة فيها. ولكن رئيس الكنيست، «الليكودي»، الذي يخدم أغراض رئيسه نتنياهو، لم ينظر لهذه التوصية، وقبل نتيجة التصويت التي كانت، كما سلف 59 ضد 53 صوتاً.
وأثناء النقاشات على مشروع القانون قالت وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، من «المعسكر الصهيوني»، إن إقرار المشروع لن يضيف ثقلاً إلى أمن إسرائيل، «لكن كل هذا يحدث لأن الحكومة جبانة وضعيفة ولا تعرف كيف تواجه الإرهاب. أنتم الضعفاء في هذه القصة ونحن الأقوياء».
أما زعيم «المعسكر الصهيوني» اسحق هرتسوغ فاعتبر القانون أقرب إلى «محكمة ميدانية يقيمها ساسة. وعند إقرار القانون ستقع مصيبة على الديموقراطية الإسرائيلية. إنه قانون لا حاجة له، ليس بسبب عدد أعضاء الكنيست المطلوب، وإنما أولاً لأن هناك أدوات متوفرة في الكنيست وخارجها. فالقانون الذي يضع مصير عضو كنيست بأيدي أعضاء كنيست آخرين، خلافاً لرغبة ناخبيه، هو قانون مرفوض من أساسه، خطير، يقتحم الحدود ويزعزع الديموقراطية الإسرائيلية».
أما الوزير زئيف ألكين فأجمل النقاش قائلاً إن «زيارة عائلات المخربين ولدت القانون، لكن بعدها برزت أسباب أخرى لعرضه. أعضاء الكنيست في هذا المجلس خرجوا ضد الدول العربية التي صنفت حزب الله كتنظيم إرهابي. فالدولة التواقة للحياة ملزمة بأن تدافع عن نفسها، وليس عبر التغريدات التي تدين أعضاء الكنيست العرب».
وقال عضو الكنيست عن «الليكود» أمير أوحنا إن «المخربين واجب قتلهم»، وهذا ما حفز آخرين من «الليكود» على الصعود للمنبر والمطالبة بـ «القضاء على الإرهاب». ووفرت الكنيست، مساء أمس الأول، فرصة لعربدة اليمين الذي أفرغ مكنونات صدره العنصرية، ليس فقط في النواب العرب وإنما أيضا في كل من حاول القول إن القانون يتعارض مع الديموقراطية.
وكان نتنياهو قد وضع كل ثقله خلف مشروع القانون هذا، معلناً أنه يرمي «لتعليق عضوية أعضاء الكنيست الذين يساندون الإرهاب. وأنا أنتظر ممن يؤيدون ذلك أن يصوتوا لمصلحة القانون، ولا يتركوا هامشا لأنصار الإرهاب».
(السفير)