مقالات مختارة

الأسد يتحول!مكانته المتعززة تتحول من مشكلة إلى حل وتبرز فشل السياسة الشرق أوسطية للرئيس أوباما: يوسي ملمان

 

بعد عشرة اشهر من انسحاب الجيش السوري بلا معركة وسماحه لمقاتلي «الدولة الإسلامية» (داعش) باحتلال مدينة تدمر التاريخية، عادت قوات الرئيس بشار الاسد لتسيطر عليها، موقعة خسائر فادحة بمئات القتلى والجرحى بالداعشيين.

لم يعمل الجيش السوري وحده. فقد استعان بالغارات الجوية المكثفة لسلاح الجو الروسي ـ الذي انسحب ظاهرا من سوريا، ولكنه لا يزال عمليا يعمل بكامل القوة ـ وبالمستشارين الإيرانيين، وبمقاتلي حزب الله وبميليشيات من المقاتلين الشيعة ـ الافغان.

لقد حزت تدمر في وعي العالم بسبب تدمير الاثار والكنوز الاثرية فيها، التي تعود إلى الاف السنين، على ايدي برابرة داعش. ولكن فضلا عن الانجاز الثقافي المتمثل باستعادة المدينة وآثارها لسيطرة المتحضرين (اعمار الدمار يستغرق سنين)، فان لاحتلالها اهمية استراتيجية ومعنوية.

تقع تدمر على محور مركزي بين دمشق ودير الزور في شرقي الدولة، على الحدود مع العراق. ويمكن الافتراض بان جيش الاسد سيستغل زخم الانتصار كي يتقدم نحو دير الزور ـ التي بني على مقربة منها المفاعل النووي، الذي قصف لشدة الحظ (تصوروا انه سقط في ايدي داعش) في 2007 على ايدي سلاح الجو الاسرائيلي، ونحو اعادة السيطرة على معابر الحدود مع العراق.

كما أن احتلال تدمر يضعف قدرة داعش على الدفاع عن الرقة، التي أعلن عنها كعاصمة الخلاف. عمليا، يوجد داعش الان محاصرا من ثلاثة جهات. من الشمال الشرقي، على طول الحدود التركية، تتقدم القوات الكردية. من الغرب جيش الاسد، ومن الشرق جيش العراق، الذي يصعد هجماته على الموصل، المدينة الثانية في حجمها في الدولة والمعقل المديني الاكبر لداعش.

يوجد جيش داعش في انسحاب مستمر. وهو يتكبد الهزائم في ميدان المعركة. قادته الكبار يقتلون. آخرهم، كما أكد البنتاغون، كان نائب الزعيم ابو بكر البغدادي. ثمة في اوساطه حالات فرار. وتنكشف مواجهات عنيفة بين المتطوعين الاجانب ورجال التنظيم المحليين ـ من سوريين وعراقيين. ومنشآت النفط، التي شكلت اساس مداخيله، تضررت بشدة في القصف. ولن يبعد اليوم الذي يتبدد فيه داعش كفكرة وكخيال هاذ لاقامة خلافة إسلامية على نمط القرن السابع.

فكرة داعش لن تختفي، ولكن شدة وقوة جاذبيتها ستضعف. وعندما يحصل هذا، سيتقلص داعش إلى حجومه الحقيقية. عصابة عنيفة من السُنة البعثيين في العراق، وسيعود لما هو في جوهره: تنظيم إرهابي على نمط القاعدة، وان كان أكثر تطورا ووحشية. وستؤثر هزائم داعش ايضا على مؤيديه، ممن أقسموا له الولاء وستضعفهم؛ من بوكو حرام في نيجيريا إلى انصار بيت المقدس في سيناء وفي اوروبا.

يمنح الانتصار في تدمر جيش الاسد حقنة معنوية كبيرة للغاية. فبعد أن ثبت حكمه في دمشق وفي قاطع الشاطيء العلوي، وبعد توجيه انظاره شرقا وشمالا، لن يبعد اليوم، الذي يحاول فيه جيش الاسد أن يستعيد لنفسه السيطرة في جنوب الدولة، قرب الحدود مع الاردن، حيث بدأت قبل خمس سنوات الثورة ضد النظام وعلى قاطع الحدود مع اسرائيل. يمكن التقدير بانه إذا ما وعندما يحصل هذا، سيعود الهدوء إلى هضبة الجولان.

يحسن الاسد وضعه في المفاوضات مع المعارضة على التسوية السياسية، فيما يكون في الخلفية، بشكل مفاجيء، وقف النار الهش يحترم منذ نحو شهر. مكانة الاسد المتعززة تتحول من مشكلة إلى حل، وتبرز فقط أكثر فأكثر فشل السياسة الشرق أوسطية للرئيس الأمريكي براك أوباما.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى