الأخوات في الضائقة: تسفي برئيل
على صفحة البيت لموقع «مركز النديم» الذي يقدم المساعدة النفسية لضحايا العنف، نشرت أرقام هواتف لمن يرغب في ايصال معلومات أو تقديم شكاوى بسبب التعذيب. خلال اكثر من 23 سنة على وجود المركز، تم جمع آلاف الشهادات عن استخدام العنف من قبل السلطات ضد الأسرى والنساء والاطفال. وقدم العلاج النفسي ونشر تقارير مفصلة استخدمتها منظمات حقوق الانسان في دول العالم، ومنها الولايات المتحدة.
مركز «النديم» نجح في الصمود حتى في عهد حسني مبارك الذي كان ينافس حبه لمنظمات حقوق الانسان، حب إسرائيل لها. في الشهر الماضي قامت الحكومة المصرية باغلاق هذه المؤسسة بحجة عدم وجود جهاز مالي. وفي هذا الشهر ايضا وضعت على المهداف منظمات وجمعيات لحقوق الانسان، عندما عادت المحكمة وناقشت الاشتباهات التي تقول إن هذه الجمعيات تحصل على الاموال من مؤسسات ومنظمات خارجية. «وهذا مناقض للقانون».
لا توجد هنا اتهامات جديدة. في كانون الاول 2011 بعد الثورة بسنة، قام الحكم العسكري المؤقت، الذي تعرض للانتقادات الخارجية والداخلية بسبب عدم احترام حقوق الانسان، بمحاكمة 43 شخص من نشطاء حقوق الانسان بتهمة الحصول على مليون ونصف دولار من الخارج. وحكموا بالسجن الفعلي. ومنذ ذلك الحين يستمر التعرض لمنظمات حقوق الانسان. ففي الاسبوع الماضي أبلغ اثنين من رؤساء الجمعيات، جمال عيد، رئيس الشبكة العربية للمعلومات حول المس بحقوق الانسان. وحسام بهجت، مؤسس «المبادرة المصرية لحقوق الانسان»، أبلغا أنها لا يستطيعان مغادرة البلاد.
الاثنان انضما إرهاب عشرات النشطاء الذين بعضهم معتقلون أو يتم استدعاءهم للتحقيق دون معرفة التهمة بالضبط. أي أنه لا جديد تحت شمس مصر. الحاق الضرر بجمعيات ومؤسسات حقوق الانسان والاعتقال والتعذيب ليست من اختراع نظام عبد الفتاح السيسي. ومشكوك فيه أيضا أن يؤدي الرد الأمريكي المتسامح الذي جاء على لسان وزير الخارجية جون كيري، إرهاب القضاء على هذه الظاهرة، أو جعل النظام يقوم بتغيير سياسته.
جاءت البشرى بالتحديد من البرلمان الأوروبي في القرار (الغير ملزم)، الذي أيده 588 عضو وعارضه 10 اعضاء، الذي اعتبر أن مصر تعتدي بشكل منهجي على حقوق الانسان، بما في ذلك التعذيب والاختطاف. النظام كعادته بدأ بالصراخ، واستنكر قرار البرلمان الأوروبي. ونفى أن مصر التي تحارب ضد الإرهاب، تخل بحقوق الانسان.
ويبدو أن مصر قد تعلمت شيئا من جارتها الإسرائيلية. «أين هو البرلمان الأوروبي عندما يتم قمع المظاهرات في أوروبا؟»، تساءل عضو البرلمان السيد الشريف وأضاف، «الاخلال بحقوق الانسان موجود في كل مكان.
فلماذا يتم الحديث فقط عن مصر؟». مصر تدعي أيضا أن القرار الأوروبي يستند إرهاب «معلومات غير دقيقة». والادعاء الثالث، الذي ليس غريبا علينا، هو «إن هذا تدخل في سيادة مصر». ومثلما هي الحال في إسرائيل، فان اغلبية وسائل الإعلام متعاونة في ملاحقة منظمات حقوق الانسان وتكرر مواقف النظام.
هذه الردود حول اتهامات البرلمان الأوروبي أثارت حفيظة البروفيسور محمد نور فرحات، المختص في القانون التشريعي والذي يقدم الاستشارة للامم المتحدة في مسائل حقوق الانسان وصياغة الدساتير. ففي مقال نشر في صحيفة «المصري اليوم» قال إنه رغم أن القرار الأوروبي غير ملزم، إلا أنه «يمثل ضمير العالم الأوروبي واللغة الجديدة التي يتحدث بها العالم، التي لا يعرفها النظام في مصر».
إن مصر، حسب اقواله، تؤمن أنه حينما تقول إنها تحارب الإرهاب فان العالم سيمنحها الموافقة على المس بحقوق الانسان. وردا على الادعاء المصري بأن دول اخرى تتعدى على حقوق الانسان، يسأل فرحات إذا كانت مصر مستعدة لقبول الاجحاف الذي يلحق بها بسبب وجوده في اماكن اخرى.
فرحات لا يعتبر من المنتقدين الذين يصرخون بشكل دائم ضد النظام. فهو ليبرالي وعضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي ويطالب ببناء مصر على المباديء العلمانية.
صحيفة «المصري اليوم» ايضا لا تعارض النظام، وأحد أصحابها هو رجل الاعمال نجيب سواريس، المؤيد للسيسي. لكن «المصري اليوم» أثبتت في السابق أن تأييد السيسي لا يعني الموافقة العمياء على سياسته.
إن نشر مقال فرحات الذي شمل تحذيرا من أن يكون من شأن احتجاج الرأي العام الأوروبي المس بالعلاقات بين مصر ودول الاتحاد، يفترض أن يشعل ضوءً احمرا في أروقة الحكم ويبدد قليلا من المعاملة المغرورة تجاه الاحتجاجات الدولية التي «تمس بالسيادة الوطنية». غير أنه مثلما في إسرائيل، مشكوك فيه أن يكون لهذا الانتقاد تأثير على سلوك النظام. فالجمعيات ستبقى تغلق ونشطاؤها سيعتقلون ويحاكمون. وبالتالي من يريد أن يرى صورة إسرائيل تنعكس اليه من المرآة يمكنه ببساطة أن ينظر عبر النافذة إرهاب الجيران.
هآرتس