نصرالله : معادلة الردع الشامل
غالب قنديل
طور سماحة السيد حسن نصرالله قائد المقاومة قوانين الردع في وجه الكيان الصهيوني للمرة الأولى في حدث تاريخي جديد صاغه بلغته المباشرة وبرموز مفتاحية يعتمدها في تثبيت المعادلات التي خصصها سابقا لجغرافيا الصراع مع العدو عندما كان يضع أهدافا لردود المقاومة على ضربات العدوان : مدنا مقابل مدن ومطارا مقابل مطار ومرفأ مقابل مرفأ إلى آخر القائمة المتراكمة منذ حرب تموز.
انتقل قائد المقاومة هذه المرة من معادلات الردع الموضعي إلى قاعدة الردع الشامل والاستراتيجي من خلال إعلانه ان المقاومة سترد على أي عدوان بلا حدود او سقوف او خطوط حمراء وهو شرح ذلك بإشارات يفهمها قادة العدو جيدا من خلال الإعلان عن قدرة المقاومة على تدمير المفاعلات النووية في ديمونة وغيرها ( مع التشديد ! ) ومعاهد الأبحاث النووية ومواقع عديدة على امتداد فلسطين المحتلة وفي أي نقطة من ترابها السليب تقوم عليها منشآت يعرف القادة الصهاينة انها حال قصفها تتحول إلى مايشبه خزانات الأمونيا قرب حيفا التي احدث تلويح السيد نصرالله بالقدرة على قصفها ردا على العدوان المحتمل زلزالا لم تنته تداعياته داخل كيان العدو .
إنه الردع الشامل الذي تمتلك المقاومة أدواته المتعددة ويهجس بها قادة العدو الذين ينشغلون بالتقارير عن سلاح الصواريخ الذي يعترفون بأن المقاومة تطوره منذ ما بعد حرب تموز وتضاعف قدراته وتقنيات عمله ومداه الجغرافي ودقة إصابته لأهدافه مما سيحول العديد من المواقع الصهيونية المستهدفة إلى قنابل نووية مدمرة وحارقة وحيث اعترف وزير الحرب الصهيوني موشي يعلون امس بالذات بأن الحرب الخاطفة لم تعد صالحة لمحاولة تدمير ترسانة حزب الله التي قدرها بمئة ألف صاروخ وهو بذلك كان ينعي العقيدة العسكرية الصهيونية التي قامت على الحروب الخاطفة منذ اغتصاب فلسطين .
تتناول التقارير الصهيونية الأمنية والعسكرية المتداولة في مقالات الخبراء العسكريين المعتمدين في الصحف الصهيونية تعاظم قدرات حزب الله على الرصد الدقيق للمواقع الصهيونية والتطور المستمر لسلاح الصواريخ بينما ترصد قيادة جيش الاحتلال تطور الخبرات القتالية للمقاومة نتيجة خوض المعارك الجارية على أرض سورية ضد عصابات الإرهاب التكفيري في ظروف طبيعية وتضاريس جغرافية متعددة وحيث كتب الكثير من الدراسات والمقالات التي نشرتها الصحافة الصهيونية عن تطور نوعي لقوات المقاومة وإمكاناتها وحيث يكتفي قائد المقاومة بإشارات تثير المزيد من الحيرة والتكهنات الصهيونية وتدعو إلى توقع المزيد من المفاجآت في أي حرب قادمة يشنها العدو ستكون حماقة مؤكدة كما جزم السيد نصرالله.
الكيان الصهيوني يودع الحرب الخاطفة ويخسر زمام المبادرة الذي امتلكه منذ زمن بعيد بفعل تطور قدرات حزب الله بينما المقاومة تنتقل إلى الردع الشامل ذلك هو المشهد الاستراتيجي الذي رسمته مقابلة سماحة السيد حسن نصرالله مع الزميل غسان بن جدو التي بثتها قناة الميادين .
إسرائيل المردوعة لن تجرؤ على رفع التحدي وشن حرب على لبنان في ظل التوازن الجديد الذي أرساه المقاومون ونظريات انشغال حزب الله في سورية ليست سوى تمنيات وأوهام صهيونية فاختبارات القوة التي قام بها الصهاينة خلال السنوات الخمس الماضية أعادت رسم توازن الردع وتعرف القيادة الصهيونية ان الضجيج السعودي ضد حزب الله وقرارات الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي وتطور العلاقات بين الكيان الصهيوني وبعض الحكومات العربية بانتقالها من السر إلى العلن جميعها لن تعوض سقوط هيبة الردع ولن تعيد زمام المبادرة إلى تل أبيب ولن توقف الانتفاضة الفلسطينية او تحد من عمليات المقاومة الفتية الجديدة التي انطلقت في انحاء فلسطين المحتلة عامي 48 و67 بل إن القادم من الزمن سيشهد انتعاشا جديدا للحركة الشعبية العربية الداعمة للمقاومة في مختلف البلدان العربية والتعبيرات التي ظهرت مؤخرا دفاعا عن المقاومة وتضامنا معها ضد الفجور الذي مارسته الحكومات الرجعية العربية ليست سوى اول الطريق لكرة ثلج متدحرجة ويعرف الصهاينة ان أي عدوان على لبنان سيثير هذه المرة من التداعيات في البلدان العربية ما يشعل ساحات كثيرة حتى في قلب شبه الجزيرة العربية المسورة بستار الصمت.
قائد المقاومة العربية سماحة السيد حسن نصرالله يضاعف كوابيس الكيان الصهيوني ويبسط امام الجمهور الصهيوني بالوقائع الصلبة فحوى الخطر الوجودي الذي سيثيره أي مغامر من قادة العدو إذا فكر بشن حرب على لبنان ومع تأكيده عدم سعي حزب الله إلى الحرب فإنه يجعل احتمالاتها أضعف بكثير من أي فترة سابقة وهذه هي الحماية الفعلية للبلاد التي يتنكر بعض اهلها لتضحيات المقاومين دفاعا عن بلدهم ويردد بعض زعمائها كلاما سفيها ضد القوة الحامية والرادعة التي هي كنز لبنان الثمين.