مقالات مختارة

سورية لا تستوحش الطريق العلامة الشيخ عفيف النابلسي

 

يحاول البعض أن يروّج كاذباً أنّ روسيا استدارت بوجهها متخلّية عن سورية، لأن مصالحها تقتضي الانسحاب، وعدم إثارة الولايات المتحدة أكثر، بل أن تسعى لتتفق معها على تسوية تشمل حتى تقسيم سورية!

وبناء عليه يطلب هذا البعض من حزب الله أن يسحب عناصره ويرجع بهم إلى لبنان قبل اشتداد عاصفة التسوية.

في الجواب نقول: كيف صار عند هذا البعض تخفيض القوات الروسية انسحاباً أو استدارة أو تخلياً عن سورية والرئيس الأسد؟

فلا بد أنه توقف عند الجزء الأول من المعادلة الروسية الجديدة ولا يريد أن يرى جزءها الثاني وما قاله الرئيس الروسي تحديداً عن طبيعة هذا الإجراء وموجباته ودوافعه. ولنسلّم جدلاً أن روسيا ما عادت ترى مصلحة في دعم سورية الموحدة، وما عادت ترى في الرئيس الأسد ضرورة لبقائه.

فهل يجب على الرئيس الأسد أن ينسحب من المعركة، لأنّ روسيا قررت أن تنأى بنفسها نظراً لظروف خاصة بها؟

وهل يجب على حزب الله أن يعود إلى قواعده. لأن الحليف الأقوى له حساباته الدولية التي تمنعه من البقاء؟ فماذا عن تهديد الإرهابيين؟ هل توقف؟ هل التكفيريون لم يعد بمقدورهم شنّ هجمات على لبنان وتعريض أمنه وسيادته للخطر؟ هل التسوية نضجت إلى الحدّ الذي تكون فيه سورية بمأمن عن التقسيم والاعتداءات، والتي إن بقيت فستتراكم حتى تجعل لبنان عصفاً مأكولاً؟

ثم هل كان دفاع الجيش السوري عن سورية مرتبطاً بالدعم الروسي أم هو واجب على الجيش أن يقوم به عندما يجد الخطر أمامه، سواء جاءت قوى خارجية مساندة أم لم تأتِ؟ وهل قرار حزب الله بالدخول إلى سورية كان مرتبطاً بالأساس بمجيء القوات الروسية أم أنّه مرتبط بمصلحة لبنان وحماية الحليف وظهر المقاومة؟

في المحصلة: وعلى الرغم من التحليلات الساذجة حول قرار روسيا تخفيض عديدها وعدتها في سورية، فإن الجيش السوري مستمرّ في الدفاع عن وحدة سوريا في وجه الإرهابيين والداعمين لهم. وسوف يبقى حزب الله في سورية طالما أنّ هناك حاجة. لقد قاتل الجيش السوري مع بداية المؤامرة على سورية وحده من دون مساعدة أحد، حتى جاءت المساندة من حزب الله وقوى أخرى. ولقد قاتل حزب الله الصهاينة خلال عدوان 2006 في البداية وحده حتى جاء المدد من سورية وإيران. فدخول روسيا المعركة أو خروجها منه لن يرفع الواجب عن أبناء الأمة وأن هناك ضرورة لمواجهة الإرهابيين ومنع التقسيم وردع العدوان من أي جهة أتى. فنحن على قناعة بأنّ سورية لا تستوحش طريق الدفاع عن نفسها لقلة المناصرين أو لحسابات آخرين.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى