هجمات على نصف مليون «عنوان» إلكتروني لبناني
تساءلت صحيفة “السفير” لماذا أمن المعلومات ليس أولوية رسمية لبنانية؟
وقالت الصحيفة، لا أحد يجيب على هذا السؤال. فقط إعلانات وزارية متكررة عن إنجازات تتمثل باكتشاف خروق إسرائيلية، إما مباشرة أو من خلال امتطاء مصالح تجارية لشركات لبنانية، يسهل إغراؤها بالخدمات العابرة للحدود. وهو ما حصل مع «شبكة الباروك»، وما حصل مع الشبكات التي اكتشفت مؤخراً، وتبين أن بعض معداتها من صنع إسرائيلي، كما تتعاقد مع شركات في قبرص، مرتبطة مباشرة بإسرائيل.
لا أحد يؤمن أن إيقاف الخروق بالكامل هو أمر ممكن، فحماية الأمن السيبراني، على سبيل المثال، أمر تُخصِّص له دولٌ كبرى أموالاً طائلة من دون أن تتمكن من القضاء عليه نهائياً (اختراق أدوارد سنودن وجوليان أسانج للمواقع الرسمية الأميركية والعالمية، على سبيل المثال لا الحصر).
وإذا كان البث الفضائي هو الآخر يصعب ضبطه تماماً، وكذلك محطات التجسس الكبرى الموجودة في إسرائيل وقبرص، فإن حماية شبكات الاتصالات والإنترنت من الاختراق البشري أو التقني «أمر لا يحتاج سوى إلى الإرادة»، بحسب مسؤول تعامل عن قرب مع ملف التنصت الإسرائيلي.
ما سبق لا يبتغي أبداً التشكيك بأهمية اكتشاف شبكات الإنترنت غير الشرعية مؤخراً، لكن الإصرار على الابتعاد عن سبل الوقاية يطرح أكثر من علامة استفهام بحاجة لأن تجيب عليها الحكومة مباشرة.
ويؤكد أكثر من خبير تقني أنه برغم أن الوقاية التامة من الخروق أمر شبه مستحيل، إلا أن أحداً لا ينكر أن بعضاً من الوقاية، يثبت على الأقل أن في لبنان دولة تحمي مصالحها ومصالح أبنائها.. أو هي تحاول ذلك، وهو ما يؤدي إلى أن يحسب كل من يريد أن يعتدي على الاتصالات أمنياً أو تجارياً.. ألف حساب.
الحماية لا تقتصر على المعدات المتخصصة. هو نظام متكامل، يفترض أن يبدأ، كما يؤكد مسؤول في «أوجيرو»، بفرض قيود صارمة على إدخال أي معدات اتصالات غير مرفقة بموافقة الجهات الرسمية المعنية، من أي من المعابر اللبنانية. وقبل ذلك، يقر مصدر في وزارة الاتصالات أن الأولوية تبقى لمحاكمة كل مرتكب مهما علا شأنه، وأي أمر أقل من ذلك، كما حصل في «شبكة الباروك»، هو تشجيع على المزيد من تخطي القانون، الذي يسهل على إسرائيل الاستفادة منه، من خلال شركاتها المنتشرة في الدول المجاورة.
ولعل المفاجأة تكمن في أن المرتكبين لم يرتدعوا كما كان متوقعاً، إنما انتقلوا إلى مرحلة الدفاع عن ارتكاباتهم إعلامياً، ومهاجمة مصالح مشتركي الإنترنت عملياً؛ إذ تواجه وزارة الاتصالات و «أوجيرو» منذ بدء تفكيك الشبكات غير الشرعية في 26 شباط الماضي، هجمات سيبرانية يومية متواصلة تطال السعات الدولية والمواقع اللبنانية، بلغت ذروتها يوم الجمعة الماضي، مع محاولة المهاجمين الدخول إلى نصف مليون عنوان بروتوكول إلكتروني (IP) بشكل متزامن وعلى مدى 10 ساعات، ما أدى إلى استنفار «أوجيرو» لمواجهة هذه الهجمات، حيث لجأت إلى تغيير بروتوكولات الإنترنت بشكل مستمر، وبشكل متناسق مع تغير وجهة الهجمات، ما أدى عملياً إلى تعطل 60 جيغابيت في الثانية.