هل سمعتَ بِصُدفةِ الجواسيس ؟! ناصيف ياسين
… وهكذا ، بعد سنواتٍ ، وبِحُكْم الصُّدفَة … الصُّدفة فقط ( هل مَنْ يُصدّق ؟! ) اكتشفت حكومة لبنان ، وعلى لسان وزير اتّصالاتها : بطرس حرب ، أنّ في البلد شبكة اتّصالاتٍ ” غيرِ شرعية ” ، زُرٍعَت لها مراكزُ بثٍّ ولواقطُ ، وأعمدةٌ بارتفاعٍ لا يخفى على سحالي الأرض ولا وسلاحفها ، وهي – بالصّدفة – بمحض الصدفة – تُشغّلها شركاتٌ إسرائيليةٌ مركزُها الكيانُ الصهيونيُّ في فلسطين المحتلّة ، وهو ما يعني ، أنّ حركاتنا وسكَناتنا مرصودة ، ليلَ نهار ، من عدوّنا . والأنكى من هذا ، أنّ مؤسّساتٍ سياسيّةً وعسكريّةً وأمنيّةً تشترك معها ، من قمّة الهرَم : رئاسة الجمهورية ( الفارغة أصلًا ) ، وما دون ؟!
ثمّ ، مع هذا ، يتحدّثون عن الحرّيّة والسيادة والإستقلال ، مع علمهم ، أنّ المُشغّلين لهذه الشبكة الجاسوسية ، والمُعلَنَةِ بلا خوفٍ ولا وجَل ، كانوا قد ضُبِطوا قبلها ، يعملون بنفس الصيغة ، في هوائيات جبل الباروك ، كعملٍ استخباراتيٍّ لصالح العدوّ الصهيونيّ ، فاعتُقِلوا لفترةٍ وجيزة ، ثمّ أُطلِق سراحُهم ، لِيعودوا كما كانوا…
علينا هنا ، أنْ نتذكّرَ ، ونستعيدَ ما طبّل، ويُطبّل له الحلف الصهيو / أمريكي / السعوديّ في لبنان ، حول أحداث 7 أيار عام 2008 ، يوم كان مروان حمادة وزيرًا للإتصالات ، ونُسٍجَت مؤامرةٌ ضدّ ” جهاز الإتصالات ” الخاص بالمقاومة الإسلامية ، هدفها – دون شكّ – والحالة هذه ، كان كشف أقوى نقطة قوّةٍ لديها ، وهي السِّرِّيّة اللازمةُ في التواصل وإدارة العمل المقاوم ضدّ الصهاينة .
هذا، يُشيرُ إلينا ، بالتّنبُّه والتّيقّظ ، دائمًا ، بأنّ أدواتِ التآمرِ وعناصرها المتنوّعة ، ما زالت تُحيط بهذا الوطن من كلّ جانب : تجسُّسٌ صهيونيّ ، وتهديداتٌ دائمةٌ من الإرهابيّين ، وتخفيف أحكامٍ لِمَن اعتُقِلَ منهم ، وإطلاق سراحٍ لِبَعضِهم ، ووصمٌ للمقاومة الإسلاميّة ” بالإرهاب ” ، وحرمانٌ للجيش من سلاحه المناسب ، وانعدامٌ لٍفُرَص العمل ، وطرْدٌ للعاملين في دول الخليج ، وتكديسٌ للنفايات في الشوارع ثمانية أشهرٍ لتبقى السمسراتُ على لقمة عيش المواطن دائمة ، حتى أصبحت تلوكنا ألسنةُ الإعلام العالمية من cnn وما يُاثِلُها ، وفسادٌ في كلّ المؤسّسات الرسمية … ثمّ يتحدّثون عن وطن ؟!
بالتأكيد ، مؤامرةٌ هذه أبعادُها ، لن تحلّها تجمّعاتٌ مدنيّةٌ مُنتّفة ، لا برامجَ حقيقيّة لها ، ولا وسائلَ كفيلة بتحقيق الشعارات … وباءٌ عُضالٌ مُستشرٍ بهذا المستوى من الخطَر والخطورة ، دواؤه تنظيمٌ ثوريٌّ جامعٌ ، يضع نصب عينيه برنامجًا اقتلاعيًّا تغييريًّا ، لكلّ هذه الزّمرة الحاكمة المُتحكّمة برقاب البلاد والعباد ، في بلد المرضى بطاعون الفساد ، يصحّ فيه القولُ الفَصْلُ :
” إنّ الفتى إنْ كان ذا بطشٍ : مساوئه شريفة !
لكن ، إذا كان الضعيفَ : فإنّ حجّتَهُ ضعيفة ! ” ؟؟
فلْيعملِ الحريصون ، ليُصبحوا ذوي بأسٍ ، ولكن : لغاياتٍ شريفة !