ماذا يريد الحريري ؟
غالب قنديل
يمكن اعتبار إطلالة الرئيس سعد الحريري عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال محطة بارزة في هجومه الهادف إلى تفكيك تحالف الثامن من آذار منذ إعلانه دعم ترشيح الوزير سليمان فرنجية وحيث اكد رفضه لانتخاب العماد ميشال عون وشن حملة من التحريض والكراهية ضد حزب الله .
يتحول دعم الحريري لترشيح الوزير فرنجية إلى تغطية يسوق بها مواقف تعادي جميع ثوابت ومباديء زعيم المردة فتحت هذه التغطية اطلق الحريري أشد المواقف عدائية وعنفا ضد الرئيس بشار الأسد رافضا أي اتصال لبناني رسمي بالحكومة السورية وكذلك فعل ضد حزب الله متبنيا لجميع الحملات العدائية التي تستهدف المقاومة بأشد مفرداتها تطرفا وانحيازا ولا تجد تلك المواقف ردا فعليا من المعنيين بالرد قبل سواهم بذريعة حفاظهم على قنوات تواصلهم الخاصة مع الحريري وهذا يشمل جميع الشخصيات من فريق الثامن من آذار التي عقدت لقاءات وتفاهمات مع الحريري وهي تعفي نفسها من الرد على هجماته العدائية التحريضية ضد المقاومة وسورية وكل من الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصرالله متجاهلين ان المس بالمقاومة وبمبدأ العلاقة مع سورية هو انتهاك لثوابت ميثاقية وطنية .
ما يعرضه الحريري كتسوية هو : خذوا فرنجية رئيسا وأعطونا قيادة حكومة لبنانية تعادي سورية وتتنصل من المقاومة وتلتحق بالمحور السعودي .وهنا يتجاهل الحريري ومجاملوه أن الطرف الآخر للمحور السعودي في المنطقة هو إسرائيل كما تقول جميع المؤشرات والمظاهر السياسية والعملية أي أن المطروح فعليا هو سلمونا فرنجية كرهينة برتبة رئيس لنعيد التحكم بمفاصل الدولة وبهياكلها الاقتصادية والإدارية والسياسية وكأن التجربة المنقضية لا تكفي لأخذ العبرة من كارثية النهج الحريري في السياسة والاقتصاد على السواء وكأن المشاكل المتراكمة اليوم وعلى رأسها قضية النفايات ليست عصارة ذلك النهج وحصيلته العملية وزعيم المستقبل لا يبدي أي ميل للاعتراف بأن فترة حكم فريقه للبنان كانت حافلة بالمصائب والعلل وتستدعي مراجعة ونقدا وهذا أبعد من المصالحات التي يجريها عشية الانتخابات البلدية ليوفر على تياره كلفة مالية وخسارة سياسية واضحة في زمن عسر لا يبدو قصيرا .
ما يجب وضعه في الحساب أن المناورة الحريرية تحت شعار دعم انتخاب احد زعماء الثامن من آذار لرئاسة الجمهورية تتكشف عن محاولة لكسر التحالف الذي يضم حزب الله والتيار الوطني الحر ولتجريده من شركاء عديدين تجري غوايتهم ومراودتهم بمعونة سعودية معروفة وبتغطيات متعددة ولا يجب نسيان ان الحريري الذي تجتاز شركته السعودية مأزقا صعبا وفق بيان رسمي لوزارة العمل في المملكة يضع عينه على صفقات استخراج النفط والغاز في تطلعه إلى تجديد مرجعيته السياسية كشريك في الحكم وهذه قطعة حلوى ضخمة ومغرية تتخطى كثيرا ما كانت عليه سوليدير بعد الطائف .
وما يستدعي التوقف هو سعي الحريري لمسح الذاكرة وللتنصل من أفعال كان يقودها مباشرة من خلال تورطه بالعدوان على سورية وما قام به معاونوه ومحازبوه ومعاونوه السياسيون والأمنيون من لبنان ومن تركيا والأردن لشحن السلاح ولتدريب المرتزقة وإيفادهم إلى سورية .
عندما يتعرض السياسيون لأحداث لم يمر عليها زمن طويل يفترض بهم ان يحترموا ذاكرة الناس الذي جرجروهم خلف رهانات خائبة لا تسترها نبرة عالية ولا كلمات نابية وكم يستحق هذا القول امام إنكار الرئيس سعد الحريري لحقيقة ان تيار المستقبل كان متدخلا في سورية منذ آذار 2011 وهو أقام غرف عمليات إعلامية لما يصفه الحريري بالثورة السورية كشفت عنها تحقيقات الصحف الأميركية وزارها المراسلون واجروا احاديث مع مديريها ومشغلي خدماتها الإلكترونية وتحت عباءة تيار المستقبل أقيمت غرف عمليات امنية وعسكرية أشرفت على إرساليات السلاح التي استقدمت إلى لبنان وخزنت في مناطق حدودية من البقاع والشمال قبل نقلها إلى الداخل السوري وعرفت منها شحنة الباخرة لطف الله 2 وما تم إخفاؤه ادهى وأعظم وفي حضن الحريري وفريقه تم تشغيل شبكة الهاتف الثالثة لمصلحة عصابات إرهابية في سورية وقد وصف المراسلون الأجانب ما جرى من تركيب إنشاءات واجهزة إرسال في مناطق لبنانية حدودية ونستطيع بالعودة لأرشيفات الصحف سوق الكثير من المعطيات عن اجهزة إرسال إذاعية وبث إعلامي غير مرخص من الأراضي اللبنانية موجه نحو سورية في سياق العمل التحريضي المتواصل لتمزيق الشعب السوري طائفيا ولنشر الفوضى والحض على حمل السلاح وممارسة الإرهاب والعنف .