الانتفاضة الأكثر خطرا: ايتان هابر
في الانتفاضة الاولى وفي الانتفاضة الثانية كانت عمليات لم يكن عدد القتلى والجرحى فيها بعيدا عن العدد الاجمالي للعمليات في الاشهر الستة من الانتفاضة الحالية ـ مثل العملية الفظيعة في فندق بارك، العملية في الدولفيناريوم او العملية الانتحارية المزدوجة في مفترق بيت ليد، وعمليات كثيرة اخرى في الباصات وفي المجمعات التجارية. فلماذا إذن يبدو أننا نتأثر بعمليات السكاكين في هذا الوقت اكثر مما تأثرنا في حينه؟ أولا، تأثرنا جدا في حينه ايضا، بيد أن الزمن الذي انقضى اطفأ حافة الاحساس. ولكن اضافة إلى ذلك، فان الانفعال الجماهيري ـ وبالتأكيد الإعلامي ـ كثير بالذات في الانتفاضة الحالية، لان الاحساس العام ـ هكذا يبدو لنا ـ هو أنه لا توجد وربما ايضا لن توجد نهاية لهذه العمليات. فبعد الانتفاضة الحالية ستأتي التالية، وبعدها واحدة اخرى وواحدة اخرى. ولعل هذا لن ينتهي ابدا؟
لقد فصلت اسباب اندلاع الانتفاضة الحالية من على صفحات كل صحيفة وعلى كل شاشة تلفزيونية. وظهر أفضل المحللين كي يشرحوا كل رمشة فلسطينية. كلهم خبراء عظماء، وليس فيهم من سيقول امرا ذا مغزى فيعفينا من الحاجة لان نقتل وان نتعرض للقتل. فلنساهم إذن بنصيبنا. لافضل رأيي، فان هذه الانتفاضة خطرة علينا اكثر من سابقتيها لانها ملقاة على عاتق الشبيبة الفلسطينية المحبطة والسئمة. هم على ما يبدو، من ناحيتنا، جيل ضائع. وهم سيكبرون مع الكراهية والسكاكين، وسيجعلون ايام صباهم اسطورة فلسطينية. سنلتقيهم في لاحق الطريق.
الحقيقة هي انه لا يوجد الكثير مما يمكن عمله ضد اعمال الإرهاب كهذه. فالوجوه المفعمة بالاهمية والاقوال التي يطلقها قادة الدولة وقوات الامن تخفي فقط عظمة الارتباك لدى الجميع. وتتدفق الاقتراحات وتغرق محافل الامن. والاشخاص الذين عملوا على البحث عن حلول منذ العهود التي كان فيها وزير الامن الداخلي اردان والمفتش العام ألشيخ طفلين صغيرين قد سبق أن جربوا، رووا وسمعوا كل شيء. وعليه، فان الاقتراحات الجديدة هي للاستخدام الاذاعي والتلفزيوني فقط ـ فأحد لا يأخذها على محمل الجد. ففي الماضي سبق أن طردوا وهدموا وقتلوا وفعلوا كل ما يمكن ـ ولا يزال، صورة القاتل الذي يركض على طول شاطيء البحر في يافا ستتكرر مرة اخرى ومرة اخرى على الشاشة الصغيرة، باشكال مختلفة، في الانتفاضة التالية ايضا وفي تلك التي ستأتي بعدها. هذه هي حياتنا في هذا العالم. وفي هذه الاثناء، فليبعدوا، وليهدموا وليبحثوا. واذا لم يحل هذا المشكلة، فهو يمكنه على الاقل ان يجلب اصواتا في الانتخابات. وهذا ايضا شيء ما.
الجديد في هذه الانتفاضة، خلافا للانتفاضتين السابقتين، هو الشعور بان هذه المرة ليس لهذا الامر نهاية. أبناء الاولاد الفلسطينيين الحاليين ـ الذين يشارك بعضهم بنشاط في الانتفاضة ـ سيكونون جزءا من الانتفاضات التالية ايضا. الاطفال الصغار اليوم هم المقاتلون غدا. وهم سيتعلمون على نحو افضل أسرار استخدام السكين، وسيخرجون إلى الشوارع عندما يكون كل مواطن إسرائيلي، صغيرا كان أم شيخا، هدفا. الالوان على بوسترات الشهداء من الانتفاضة الحالية ستبهت كي تخلي المكان للشهداء الجدد. ليس لدى الشعب الفلسطيني مال، ليس له طعام، ولكن لديهم أناس كالرمل الذي على شاطيء البحر. قد نكون نستخف بهم، ولكنهم لا يستخفون بنا.
يديعوت