ما هو الجديد في الأمر؟بقلم:بنت الأرض
أصاب قرار مجلس التعاون الخليجي تصنيف حزب الله المقاوم “كإرهابي” العالم العربي، وربما العالم برمته، بالصدمة والذهول. إذ كيف يمكن لبلدان تُسمّى عربية أن تصنّف الحزب الذي هزم “اسطورة التفوق الإسرائيلي” وحّرر جنوب لبنان وأعاد للعرب جميعاً في كل أقطارهم كرامتهم وعزتهم في عام 2006، كيف يمكن لهذه البلدان أن تصف هذا الحزب بالإرهاب وتقف في ذلك في خندق واحد مع العدوّ الإسرائيلي الذي يقتل بناتنا وأطفالنا وشبابنا ويقضم أرضنا وينتهك مقدساتنا صباح مساء؟.
ولكن وبنظرة سريعة إلى تاريخ هذه البلدان ونتائج سياساتها على العرب والعروبة تُري أن هذه الخطوة الأخيرة هي نتاج خطوات واضحة وملموسة تلحق بالغ الضرر بالأهل والأشقاء وتصبّ في خانة الأعداء. فمنذ وقوف السعودية ضد الحركة القومية في اليمن، ومنذ أيام عبد الناصر، هذه هي سياساتهم، وهذا هو جوهر أهدافهم. وقد كان لأنور السلادات بعد حرب تشرين التحريرية وعقده اتفاقية سيناء مع العدو الصهيوني عام 1974 والتي ضربت أول اسفين حقيقي للعلاقة بين سورية ومصر، لا بل ولجسد الأمة العربية برمتها، ومهّدت الطريق إلى كامب دافيد، كان له اليد الطولى في بدء تقسيم الجسد العربي وخاصة الجمهوريات الأساسية فيه وإيلاء الصدارة لدول البترودولار وإخراج “الاتحاد السوفياتي” في ذلك الوقت من مصر واستبداله بالولايات المتحدة ومن ثم تسخير مال الخليج لإنقاذ احتياطي الذهب في الولايات المتحدة.
وبعد كامب دافيد من الذي موّل صدام حسين وشجعه ودعمه بكلّ الوسائل في حربه المجنونة ضد بلدٍ جارٍ أغلق السفارة الإسرائيلية وفتح عوضاً عنها سفارة لفلسطين؟ ثمّ من الذي سمح للطيران الأميركي والقوات الأميركية أن تتخذ السعودية ممراً لضرب العراق في عام 2003 بينما رفض البرلمان التركي في ذلك الوقت السماح للطيران الأميركي بعبور الأجواء التركية لقصف العراق؟ ومن الذي مّول وسّلح واتخذ كل القرارات في الجامعة العربية ضد سورية، أوليست قطر أولاً والسعودية ثانياً، ومع أن سورية بإعتراف الجميع هي قلب العروبة النابض. ثمّ من الذي يقصف اليمن والشعب اليمني الآمن البرئ والحضارة اليمنية والتي هي جذوة الحضارة العربية أوليست الطائرات السعودية، والتي يقودها في معظم الأحيان طيارون إسرائيليون ومرتزقة، وماهي مبررات هذا العدوان السعودي السافر والمجرم على بلد عربي وتدميره؟ أوليست اليمن بغلاوة فلسطين وغلاوة لبنان، أوليست سورية بغلاوة العراق وغلاوة مصر، ماهو الجديد إذا في الأمر، إذا كان الدور الذي أُعطي لدول الخليج هو تسخير أموال البترول ضد العرب والعروبة ولصالح أعداء العرب والعروبة في فلسطين والعالم؟. أوليس هذا هو الهدف الأساس من إتفاقية سايكس بيكو أن تكون ثروات العرب بأيدي أعوان من خط ّهذه الإتفاقية ورسم الحدود الزائفة بين الأقطار العربية؟ وهاهي فرنسا وبريطانيا تقفان منذ بداية هذه الحرب على سورية في خندق قطر والسعودية وإسرائيل وتركيا ومن ورائهم جميعاً الولايات المتحدة ضد عروبة بلداننا وحضارة بلداننا ومستقبل أجيالنا على هذه الأرض الطاهرة.
الجديد في الأمر هو ألا يدرك العرب حتى اليوم وبعد كلّ هذا التاريخ الأسود لدول النفط أنهم جميعاً مستهدفون وأن ثقافة النفط التي زرعت ثقافة شراء العقول والضمائر يجب أن تدفن في بلداننا مرة وإلى الأبد وأن العودة إلى القيم العربية الأصيلة والشيم العربية الحقّة والأخلاق الإسلامية الصحيحة وقيم القرآن السمحة “أذلةٌ على المؤمنين، أعزةٌ على الكافرين” أصبحت ضرورة حتمية غير قابلة للتأجيل. الجديد في الأمر هو أن الشعب العربي في كافة بلدانه ومن اقصاه إلى أدناه يجب أن يسأل إلى متى يستمر هذا التآكل العربي وإلى متى يُسمح لهؤلاء الذي يشهد تاريخهم على خدمة أعداء هذه الأمة، إلى متى يسمح لهم بتمثيل العرب والعروبة في الغرب والشرق وإلى متى يسمح لهم بإدارة ما يسمى بجامعة عربية لاتخاذ قرارات مشينة بحق العرب والعروبة، وبحقّ أجيال المستقبل؟ إن انتفاضة الأحزاب والحكومة والمؤسسات في تونس والجزائر ضد هذه القرار وإدانة سورية والعراق ولبنان له خطوات مشرّفة يجب البناء عليها، ولكن لم يعد مقبولاً أن يبقى نبض الشارع العربي مجرّد نبض بل لا بد أن يتحوّل إلى عمل ويعلن وقوفه كله جميعاً في صف ّ المقاومين والشرفاء والمدافعين عن كرامة وحقوق هذه الأمة ويعلن سخطه الحقيقي وغضبه على كلّ من يفرّط بكرامتها ويتخذ من بلدانه وأرزاقه مطيّة لخدمة العدوّ الصهيوني. يجب أن لا يمرّ هذا القرار الأخير كما مرّت كل خطوات التواطؤ والتآمر، ولا بدّ أن ينتفض العرب من أجل اليمن، ومن أجل سورية، ومن أجل فلسطين، ومن أجل أنفسهم ومستقبلهم جميعاً.