مفاتيح العداء لحزب الله
غالب قنديل
يمكن لأي باحث موضوعي ان يلاحظ الترابط العضوي بين الحملات على حزب الله ومصدرها المركزي تاريخيا هو الكيان الصهيوني كما يستطيع ان يتتبع الحركة المسعورة للوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاتخاذ تدابير عدائية ضد الحزب ومؤسساته الإعلامية وجمهوره وحيث كانت الإجراءات تنطلق بإيعاز من تل أبيب مباشرة بعد كل جولة من الصراع بين الكيان الصهيوني والمقاومة وهو ما راكم مجموعة من القرارات والقوانين العدائية في الغرب انطلقت من اتهام الحزب وسائر حركات المقاومة المعادية لإسرائيل بالإرهاب وما بني على ذلك من إجراءات وتدابير ضد الجمهورية العربية السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية بتهمة دعم الإرهاب التي نسجت على ذات المنوال .
أولا على امتداد أكثر من ثلاثين سنة كانت الرجعية العربية تدعم تلك التوجهات بقيادة المملكة السعودية التي لم توفر وسيلة لمحاصرة حزب الله في الداخل والخارج وقد شاركت في تمويل حملات الشيطنة الأميركية الصهيونية وترويجها عبر آلتها الإعلامية التي لم تقف يوما مع المقاومة بل كانت تتبنى الخطاب الصهيوني وهي تقدمت الصفوف دوما في العمل الهادف للنيل من سمعة المقاومة وهيبتها وإنكار إنجازاتها بل ومحاولة قلب الصورة كما جرى بعد حرب تموز كما أن السعودية وحكومات خليجية أخرى عوضت شركات أميركية وأوروبية وبسخاء ما خسرته نتيجة التدابير والقرارات العدائية التي استهدفت حزب الله ومما بات معروفا في كثير من الدوائر الإعلامية الغربية على سبيل المثال ان مالا سعوديا وخليجيا كثيرا دفع لشركات الأقمار الغربية بهدف تعويضها عن إنزال قناة المنار وحجبها بعدما تيقنت إسرائيل خلال عدوان نيسان 1996 أن ما بثته القناة واوصلته إلى الرأي العام الغربي كان مادة مثيرة وفاعلة ولدت ضغوطا معنوية ساهمت في فضح حكومات الغرب التي شاركت الكيان الصهيوني في حروبه على لبنان وخططه لتصفية المقاومة وبالتالي أفقد إسرائيل تغطية مهمة مما ساهم في تعجيل خضوعها لتفاهم نيسان الشهير الذي املاه الزعيم العربي حافظ الأسد على وزير الخارجية الأميركي.
ثانيا الحكومات الرجعية العربية بقيادتها السعودية لم تكن يوما مع المقاومة وهي شاركت في التآمر عليها منذ ولادتها والوقائع لاتعد ولا تحصى وقراءة اتفاق الطائف التي وفرت شرعية دستورية لبنانية للمقاومة هي قراءة سورية كاملة خضعت السعودية للتعايش معها مكرهة بعدما اخفقت محاولات أذرعها اللبنانية لنقضها وهي اليوم تصعد من شراسة حملتها السياسية والعملية لأن المقاومة التي يقودها حزب الله استطاعت ان تقيم البرهان على إمكانية سحق هيبة الردع الإسرائيلية التي تسترت بها الحكومات الرجعية منذ هزيمة حزيران 1967 لترويج مشاريع السلم الأميركي المذل الذي يكرس هيمنة الكيان الصهيوني في المنطقة والتي بنيت عليها خرائط الأتوسترادات وخطوط نقل النفط والغاز وخطط التطبيع التي تعهدتها المملكة السعودية وإمارة قطر منذ مفاوضات مؤتمر مدريد وهي الخطط والمشاريع الواقعة راهنا في صلب الحرب على سورية والرئيس بشار الأسد بعد سنوات من المراودة والمساكنة الخبيثة مع دور سورية القومي في المنطقة ولبنان ونتيجة شراكة حزب الله وسورية الأسد في تدمير الردع الصهيوني وبناء قوة ردع معاكسة في المنطقة دمرت معها أحلام وأوهام الممالك والمشيخات الحالمة بتنفيذ مشروع الهيمنة الأميركي الصهيوني.
ثالثا شكل نموذج المقاومة الشعبية المنتصرة بقيادة حزب الله كنسا لجبل الأكاذيب والأوهام التي روجها معسكر الاستسلام العربي وخنق هذا النموذج في نظر الرأي العام العربي يصبح ضرورة وجودية للحكومات التي كلفها الغرب الاستعماري بحماية إسرائيل والمجاهرة بالعلاقة معها في مرحلة تبدل البيئة الاستراتيجية بعد انكسار هيبتها امام المقاومة اللبنانية والفلسطينية في قطاع غزة ولبنان بينما يعتبر الصهاينة نهوض الشعب الفلسطيني في انتفاضته الثالثة وانطلاق نواة مقاومة شعبية جديدة إحدى ثمار نهج المقاومة كما قدم امثولته حزب الله الذي يوفر الدعم للانتفاضة والمقاومة ويصيب مقتلا في نهج الاستسلام العربي ولذلك تجد إسرائيل ان محاصرة حزب الله هي حاجة لحمايتها من تعاظم المخاطر الوجودية وانتشار نموذج المقاومة في تحدي الغطرسة الصهيونية وهو ما صدرت اوامر واشنطن للحكومات العربية الدائرة في فلكها لتحقيقه.
رابعا عملت الرجعية العربية بقيادة سعودية وبالأمر الأميركي على تفعيل الشبكات الأخوانية والوهابية لإطلاق قوى التكفير لتدمير الدولة الوطنية السورية المقاومة والتي تبدو اليوم أقرب إلى انتصارها وحيث تشكل مساهمة حزب الله في المعركة ضد الإرهاب احد مواجع الفشل السعودي هناك وفي البلدان التي عملت المملكة وأعوانها على إغراقها بالتوحش الدموي بهدف إخضاعها ولذلك فقد كان المخطط السعودي الداعم لانبثاق داعش في العراق وسيلة متخيلة لتمزيق العراق ولتعميق الاحتراب المذهبي وكان اداة مجربة لتمزيق اليمن وإخضاعه ولما فشلت خرجت المملكة إلى حرب بربرية تتوالى إدانتها في كل انحاء العالم وتلك الخطط الجهنمية انطلقت لحماية إسرائيل ولمنع اليمن والعراق من التحول إلى دولتين شريكتين لمحور المقاومة في دعم المقاومة الفلسطينية واحتضانها ما تعتبره المملكة بحق نتيجة لقيام حزب الله بنقل خبراته إلى قوى شعبية مقاتلة نجحت في التصدي للعدوان على اليمن وتحقق نجاحا في مجابهة داعش في العراق وبالتالي فحزب الله علامة فارقة لفشل خطة أميركية تعهدتها السعودية لحماية إسرائيل عبر وحش التكفير الذي ساهم الصهاينة في دعمه داخل سورية .