بقلم غالب قنديل

نصرالله راية العروبة وصوتها

 nasrallah jamel

غالب قنديل

خطاب السيد حسن نصرالله الهاديء والواضح حول ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين لخصته عبارة توجه بها إلى المملكة السعودية : مشكلتكم معنا ، معفيا حلفاء الحزب وأصدقاءه من تبعات الموقف داعيا الجمهور إلى سلوك هاديء يمنع الانجرار إلى أي استفزاز قد يعرض البلاد إلى هزة امنية وكان حازما في ذلك وبقوة .

تصميم السيد على الموقف لا يعني ان من الجائز لأي كان التقاعس او التقاعد عن اتخاذ الموقف القومي المبدئي والأخلاقي من الدور السعودي الخطير في المنطقة بجميع وجوهه وتعبيراته السرية والعلنية التي بلغت حدودا تستدعي الصد والردع منذ العدوان على سورية وصولا إلى المذبحة المتواصلة في اليمن.

إن الحزب تحاشى كثيرا بلوغ هذه اللحظة على الرغم مما يمتلكه من معطيات ومعلومات عن نشاط سعودي كثيف لمحاصرته واستهدافه منذ أكثر من عشرين عاما وقد سايرت قيادة المقاومة طويلا وأعطت الفرص للقيادة السعودية وحافظت على الحد الأدنى من التواصل معها في شؤون لبنانية وعربية كثيرة لمسايرة اوهام بعض القوى اللبنانية ولو أراد السيد حسن نصرالله ان يعرض حلقات التآمر على المقاومة والدور السعودي فيها لأثار الكثير الكثير من المواجع والجراح .

البعد الأخلاقي في خطاب قائد المقاومة مجسد في انتصاره لمظلومية الشعب اليمني الذي يقتل بالجملة منذ حوالي السنة تحت نظر العالم وصمته المشين رغم بعض الإدانات الخجولة التي صدرت مؤخرا عن البرلمان الأوروبي ومنظمة العفو الدولية وهذا البعد مكرس أيضا بتصدر حزب الله لعمليات كسر الصمت عن مأساة شعب البحرين وثورته السلمية وبدور حزب الله الكبير في التصدي لخطر الإرهاب التكفيري الذي يضرب المنطقة بأسرها ويهدد لبنان وحيث تحمي المملكة منابع التكفير وحضنه المالي والعسكري وذراعه الإعلامية.

جدران الصمت الشاهقة قائمة منذ عقود حول المملكة التي عملت في السر والعلن ضد سورية منذ سنوات فهي قادت العدوان على سورية في الثمانينيات لمعاقبتها على رفض كمب ديفيد وسعت لنسف دورها في لبنان حتى فرض الأميركيون على الرياض مصالحة دمشق والخضوع لقواعد الشراكة معها في لبنان وثابرت المملكة على توظيف دورها ونفوذها اللبناني في محاولات متكررة لضرب المقاومة اصطدمت بقرار الرئيس حافظ الأسد رغم قدرة الرياض على تدبير تواطؤ شخصيات سورية على حزب الله مثل عبد الحليم خدام وغازي كنعان وسواهما بمعونة الولايات المتحدة وفرنسا.

ولمن يجب أن يتذكر فتماما كما هي اليوم كانت السعودية في الثمانينيات تمول معسكرات تدريب المسلحين في الأردن وترسلهم للقتال في سورية وكانت تلك المعسكرات بقيادة ولي العهد الأردني السابق الأمير حسن كما تآمرت السعودية يومها ضد الرئيس حافظ الأسد مع حكم صدام حسين ومع ميليشيات القوات اللبنانية التي خزنت الأسلحة والمتفجرات وقدمت المأوى لمسلحي وكوادر الأخوان الذين اختاروا مخابئهم في احياء بيروت الشرقية كما يروي روبرت باير الذي كان يدير محطة الاستخبارات الأميركية في بيروت خلال الثمانينيات وقامت السعودية مع هؤلاء الشركاء برعاية جبهة تضم الأخوان المسلمين وجناح رياض الترك من الحزب الشيوعي السوري ( رغم دور المملكة في قيادة حملات مكافحة الشيوعية بإشراف أميركي ) وأرسلت الشاحنات المفخخة إلى دمشق ودربت وسلحت عصابات إرهابية تحت إشراف كل من الملك حسين والرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي عادت فورطته في الحرب على إيران قبل ان تبيع جلده ورأسه لجورج دبليو بوش .

السعودية هي التي روجت لمصالحة إسرائيل تحت عنوان عملية السلام بضمانات أميركية وروضت قيادة المقاومة الفلسطينية بعد اقتلاعها من لبنان عام 1982 فأوصلتها إلى اوسلو تحضيرا لوضع ياسر عرفات بين حدي التواطؤ بتسليم خلايا الفدائيين في الضفة او القتل غيلة على يد الموساد وهكذا فالمملكة لم تحرك ساكنا حول اغتيال أقرب القادة الفلسطينيين إليها ومسحت ضماناتها المتكررة له وتابعت دورها المكرس لتصفية قضية فلسطين وجن جنونها من اعتراض حزب الله لذلك المسار بدعم مقاومة فلسطينية تحاكي تجربته المنتصرة على الاحتلال الصهيوني ولطالما سعت المملكة لمحاصرة المقاومة اللبنانية وضربها وكان اصطدامها بموقف الرئيس الأسد وبمتانة الحلف السوري الإيراني الحاضن لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين وهذا اهم دوافع الحقد على سورية والتآمر عليها واستهداف الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصرالله منذ العام 2000 .

العروبة هي تحرير فلسطين والعروبة هي المقاومة ورفض الاستسلام والعروبة هي أحلام الناس المقهورين بين المحيط والخليج والعروبة هي المنكوبة بحكم آل سعود الذين كرسوا ثروات الجزيرة العربية لحماية منظومة الهيمنة الاستعمارية والصهيونية على المنطقة والمملكة تقصد بالعروبة خضوع كل العرب خلفها للمشيئة الأميركية الصهيونية وتكيف جميع العرب مع المذلة الكبرى المجسدة بالهيمنة على بلادهم اقتصاديا وسياسيا وامنيا كما هي حال المملكة الخاضعة التي يستخدمها المخططون الأميركيون لبسط سيطرتهم في الشرق ولتصفية نزعات الاستقلال والتحرر الوطني ولحماية إسرائيل .

مجددا تثبت المقاومة اللبنانية بقيادة السيد حسن نصرالله أنها حركة استقلال وتحرر عربية قدمت نموذجا تاريخيا في طريق الانتصار على الكيان الصهيوني وتحرير الإرادة الشعبية والوعي الشعبي من ترهات الوهم السعودي الاستسلامي ولذلك فهي مستهدفة من قبل الحلف الأميركي الصهيوني والأمر كان سيكون نفسه لو كانت هذه المقاومة حليفة إيران او الصين ولو كانت تعتنق البوذية ام أي عقيدة اخرى فكيف وهي تعتنق الإسلام وتتحدى زيف الإدعاء السعودي الذي يغلف بدعايته الدينية تبني التكفيرية الوهابية لتمزيق المجتمعات العربية والإسلامية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى