ماذا تقول السعودية عن حلفائها وعن اللبنانيين؟ شعب الكرامات وحكومة المكرمات: ناصر قنديل
– كتبت صحيفة «الجزيرة» السعودية المملوكة من العائلة المالكة والناطقة بلسانها، وقرأ اللبنانيون، مقالاً افتتاحياً يتناول الأزمة السعودية ـــ اللبنانية، وفيها ما ينتظر اللبنانيون أن يقرأوا ردّ مسؤوليهم وحكومتهم عليه، إلا إذا رضي المسؤولون ورضيت الحكومة بأنّ في السعودية ديمقراطية تسمح بالقول إنّ هذا رأي الجهة التي قالت ، وإنه مجرد رأي شخصي لا يعبّر عن رأي المملكة التي لا تعبّر عنها إلا حكومتها، والسعودية رفضت قبول هذا التوصيف على لبنان، واعتبرت ما يقوله فريق لبناني ملزم لحكومته ما لم تتخذ بحقه إجراء رادعاً وتأديبياً. هذا علماً أنّ القول بالتعدّدية اللبنانية المستعصية على الضبط قول واقعي بمثل القول بالأحادية السعودية، واللبنانيون ينتظرون كلام مسؤوليهم وحكومتهم في ما قيل عنهم وفيهم بصيغة تشبه البيان الرسمي.
– تقول «الجزيرة» السعودية إنّ حزب الله الذي يستهدف المملكة برأيها، يحظى بمشاركة حكومية، لأنّ «الأطراف اللبنانية رضخت للإرهاب صاغرة وهذا شأنهم»، ولذلك على اللبنانيين أن يدفعوا الثمن و«يجب أن نضغط اقتصادياً»، «كي يشعر المواطن اللبناني الذي راعيناه كثيراً»، «أنه مسؤول بصمته»، وعلى اللبنانيين «أن يدفعوا الثمن وإنْ كان على حساب لحمتهم الوطنية» واستنتجت «الجزيرة» السعودية «أنّ اللبنانيين لم يأخذوا سلمان الحزم على مستوى الجدية فظنوا أنّ رئيس وزرائهم، إذا شدّ رحاله إلينا واعتذر ستعود المياه إلى مجاريها» وتضيف: «لقد وقفنا إلى جانبهم وتحمّلناهم فكانت النتيجة، وبكلّ نكران للجميل أن عضّوا اليد التي وقفت معهم وأنقذتهم مراراً سياسياً واقتصادياً»، والسبب برأي «الجزيرة» أن اللبنانيين لا يفهمون إلا لغة القوة والحزم، ولهذا أذعنوا لسورية سابقاً، كما وصفت «الجزيرة» السعودية.
– الكلام واضح، والمقصود واضح، وهو ليس بالتأكيد لا حزب الله ولا حلفاؤه ولا حلفاء سورية، فهؤلاء بنظر «الجزيرة» السعودية هم الإرهاب، والمقصود بالرضوخ للإرهاب صاغرين هم الآخرون، الذين عضّوا اليد السعودية التي امتدّت إليهم، وتوهّموا أنّ زيارة رئيس الحكومة ستعيد المياه إلى مجاريها ولم يأخذوا سلمان الحزم على محمل الجدّ، والقصد هنا أطراف سياسية هي بالتحديد الأطراف المحسوبة على السعودية، أما المواطنون اللبنانيون فتنظر إليهم السعودية وللحكومة، كمؤسسة دستورية بمعزل عن قواها السياسية، من خلالهم، بالعين ذاتها التي نظرت من خلالها «إسرائيل» في عدوان تموز 2006، وتستخدم اللغة ذاتها، أنّ على اللبنانيين أن يدفعوا الثمن ليضغطوا على حزب الله، وأنّ الحكومة التي لم تضغط على حزب الله يجب أن تعامل كمسؤولة عن الصدام «الإسرائيلي»، وتالياً السعودي، معه.
– السعودية قالت كلمتها أخيراً فهل سنسمع كلمة لبنان، أم ستستمرّ سياسة التوسل والاستجداء، وتتكرّر لغة حرب تموز، بمحاولة المشاركة في تسويق الضغوط ومراقبة نتائجها أملاً بقطف ثمارها تنازلات سياسية، كما كان كلام الرئيس فؤاد السنيورة يومها عن الفصل السابع، وكلام الرئيس سعد الحريري عن السلاح، سيبقى كلامهم اليوم من الفئة ذاتها وللهدف ذاته، أم أنّ بين اللبنانيين رئيس حكومة تمّت إهانته شخصياً بما كتب ونشر، سيفور دمه ويغلي عندما يقرأ هذا الكلام ويتناول سماعة الهاتف ويخاطب على الأقلّ السفير السعودي في بيروت ليقول له، بلّغ الرياض، إذا كنتم لم تتقبّلوا للبنان المتعدّد أن يكون فيه أكثر من رأي، فلا تضحكوا علينا بالقول إنّ المنشور هو مجرّد رأي شخصي لكاتب، وإذا كنتم رفضتم اعتبار الحكومة مسؤولة فقط عما يصدر عنها، ونحن بلد هذه حقيقته الفعلية، فلا تظنوا أحداً سيصدّقكم إذا قلتم إنّ الحاكم السعودي ليس مسؤولاً، إلا عما يصدر عنه رسمياً، وطالما قلتم ما قلتم، ووصفتم اللبنانيين كما وصفتم، وقرّرتم معاقبة اللبنانيين حتى يرضخوا لمشيئتكم، وتجويعهم بهدف تركيعهم، فإني أبلغكم سحب طلب الزيارة الذي تقدّمت به للقاء مسؤولي بلدكم، على الأقلّ حتى تختبروا وسائل حرب أعلنتموها على اللبنانيين، وتكتشفوا بأنفسكم ما إذا كان اللبنانيون شعباً يمكن أن يتسوّل، على حساب كرامته، مكرماتكم؟
(البناء)