مقالات مختارة

طرح مُقترحات عمليّة لمواجهة أعباء النازحين محمد بلوط

 

برّي يُمهّد لمساعدات أوروبيّة للبنان : أمننا بخير.. والحوار الوطني ضمانة

بروكسل ـ

خرج الرئيس نبيه بري امس بعد جلسة العمل المثمرة التي عقدها مع نظيره البلجيكي بانطباع ايجابي يمكن البناء عليه لتوفير عناصر المساعدات الاوروبية للبنان خصوصا في مواجهة اعباء ازمة النازحين السوريين.

وعبر في دردشة مع الوفد الاعلامي المرافق عن ارتياحه لنتائج المحادثات التي اجراها مع رئيس البرلمانين الاوروبي والبلجيكي وعدد من اللجان خصوصا لجهة التجاوب والتفهم للاقتراحات العملية التي طرحها من اجل هذه المساعدة الاوروبية، والتي تتعلق بالقروض التفضيلية التي يمكن ان تساعد في الاستثمار بمجالات معينة كالزراعة على سبيل المثال، والتي تعود بالفائدة على لبنان وعلى النازحين من دون ان تشكل عنصرا يساهم بطريقة او باخرى على التوطين.

ومع ان بري قد ركز على الحل السياسي في سوريا كحل حقيقي لتداعيات ازمتها بما في ذلك قضية النازحين، فانه ادرج عدداً من الاقتراحات العملية الاخرى واهمها دعم فوائد سندات الخزينة الذي لا يشكل اعباء على الخزينة الاوروبية لكنه في الوقت نفسه يساعد لبنان على الصعيد الاقتصادي والمالي.

ووصف بري تجاوب البرلمانيين الاوروبي والبلجيكي مع هذه الاقتراحات بانها كانت جيدة وتدعو الى التفاؤل خصوصا انهم ابدوا اهتماما بمثل هذه الطروحات ووعدوا بالعمل لدى المفوضية الاوروبية على ترجمتها.

الامر الثاني الذي اشار اليه رئيس المجلس ان مطلب دعم الجيش اللبناني لقي ايضا تفهما واستعداداً لا سيما بعد ان شرح لهم بالتفصيل الدور الذي يلعبه الجيش والقوى الامنية في تعزيز الاستقرار الامني في لبنان وحمايته من خطر الارهاب في الداخل وعلى الحدود الشرقية والشمالية.

وطمأن الجالية اللبنانية ان الوضع الامني بخير. كما عبّر عن ذلك امام السلك الديبلوماسي العربي ملاحظا انه على عكس ما حولنا.

وتطرقت المحادثات ايضا الى ما يمكن ان يقدمه الاتحاد الاوروبي وبلجيكا من مساعدات في المجالات التعليمية والصحية والانمائىة، واتفق على توسيع الاهتمام في هذا الامر.

وحظي بري بحفاوة خاصة أكان على المستوى البلجيكي او الاوروبي حيث وصف رئيس البرلمان البلجيكي ان زيارته هي «مهمة وتأتي في لحظة مهمة» بينما عبر رئىس البرلمان الاوروبي عن تقديره للدور الذي يلعبه واصفا اياه بأنه «شخصية بارزة معروفة على المستوى العالمي».

وفي لقائه مع السفراء العرب حرص الرئيس بري على شرح مخاطر الفتنة المذهبية التي يجري العمل لها ليس في لبنان بل في المنطقة، مؤكدا على اهمية الحوار الذي يرعاه اكان على مستوى الحوار بين حزب الله والمستقبل او على صعيد الحوار الوطني.

وفي كلمته امام الجالية اللبنانية اكد «ان الحوار الوطني مستمر وهو يشكل ضمانة وحدة لبنان». ولفت تفاؤله «بأننا اصبحنا اقرب من اي وقت مضى من انجاز الاستحقاق الرئاسي على قاعدة التوافق الوطني».

عقد بري في اليوم الثالث من زيارته لبروكسل جلسة عمل مع رئيس البرلمان البلجيكي سيغريد براك تركزت حول تقديم المساعدات للبنان في مواجهة ازمة النازحين السوريين وفقا للاقتراحات التي عرضها معه ورئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز، خصوصا في ما يتعلق بتأمين القروض التفضيلية لمشاريع استثمارية يستفيد منها لبنان والنازحون، ودعم فوائد سندات الخزينة عدا عن مشاريع تتعلق بالتعليم والصحة، بالاضافة الى سبل دعم الجيش اللبناني وتعزيزه. وعلم انه جرى التفاهم والاتفاق مع البرلمانين الاوروبي والبلجيكي على هذه الاقتراحات التي كانت موضع ترحيب، مع العلم ان لجنة الصداقة مع لبنان في البرلمان الاوروبي سترفع عريضة نيابية في هذا الشأن الى المفوضية الاوروبية.

وتناول بري مع نظيره البلجيكي في الاجتماع الذي عقداه ظهر امس في مبنى المجلس الاوضاع في لبنان والمنطقة. وجدد الرئيس بري التأكيد على الحل السياسي في سوريا.

وتحدث الرئيسان بري وبراك الى الصحافيين بعد مائدة الغداء التي اقامها رئيس مجلس النواب البلجيكي على شرفه والوفد المرافق.

وقال براك: «اتفقنا على متابعة هذا الاتفاق في اطار التعاون بيننا. وقد سعدت للدعوة التي وجهها اليّ بري لزيارة لبنان. ولا بد لي من ان أنوه بالمقترحات العملية التي طرحها في شأن النازحين السوريين في لبنان».

وقال بري: «اعتقد انه حصل تفهّم اكثر في موضوع مساعدة لبنان لمواجهة ازمة النازحين، والاقتراحات التي تقدمت بها هي اقتراحات عملية لا تحمّل اعباء على الخزينة الاوروبية، لكنها تفيد لبنان كثيرا واللاجئين».

وبعد الظهر حضر بري جلسة عامة لمجلس النواب البلجيكي استهلها الرئيس براك بالترحيب به ودعا النواب الى التصفيق تحية له.

ـ لقاء السفراء العرب ـ

وكان بري استهل اليوم الثالث من زيارته بلقاء السفراء العرب المعتمدين في بروكسل، وقال امامهم انه ما يزال يرى «ان مفتاح الحل في المنطقة هو الحوار السعودي ـ الايراني الذي لا بد منه من اجل الامتين الإسلامية والعربية».

واضاف: «للاسف لقد اصبح جلوس العرب الى طاولة واحدة أمراً نادراً. وما دمنا متفرقين فأعتقد أن مصيرنا سيكون أسوأ. وأنا لا اريد ان اعطي جواً متشائماً، لكن للاسف هذا هو الواقع والحقيقة. وبرسم مَن لا يعلم فإن سايكس ـ بيكو إنتهى وقد اصبح الخطر يطاول الجميع».

وقال: «الفتنة هي في اكثر من دولة ومنطقة وان الحساسية المذهبية تستغل الى ابعد الحدود مع العلم بأن لا شيء اسمه الدين الشيعي او الدين السني، بل كلنا مسلمون».

واذ شدد على السعي «الى التضامن والوحدة من خلال الحوار»، قال: «لقد سارعنا الى ايجاد حوار حمى لبنان من الفتنة، وأوجدنا المظلة له هو الحوار الوطني لنحمي الحكومة أيضاً. وقد خرجنا بنتيجة عكس ما حولنا. ففي لبنان الامور اليوم في لبنان معكوسة. لقد أوجدنا الأمن، لكن في السياسة لا نزال بلا رئيس منذ نحو سنتين، والحكومة تمر احياناً بارباكات وهزّات وتكون شبه معطلة، ولبنان اليوم واحة أمنية بالنسبة الى المنطقة».

ورد بري على اسئلة عدد من السفراء، فقال: «منذ عام 1948 كانت قبلتنا السياسية فلسطين، وكان قبلة لكل العرب والمسلمين، بل المسيحيين أيضاً وهي التي كانت تجمعنا، وكنا موحدين عليها. فهل لا تزال فلسطين أولوية أو قبلة سياسية؟ نحن العرب بمن فيهم الفلسطينيون تقسّمنا وتشتتنا بعد أن أصبحنا نرى ان القضية الفلسطينية ليست الأولوية عندنا. وهنا مصدر العلة. المطلوب اليوم العودة الى هذه الأولوية، وأن نعيد فلسطين الى الواجهة».

حضر اللقاء عميد السلك الديبلوماسي العربي سفير المغرب وسفراء: مصر، السعودية، الأردن، سلطنة عمان، السودان، فلسطين، البحرين، العراق، ممثل مجلس التعاون الخليجي، القائمون بأعمال سفارات الجزائر والإمارات وسوريا وقطر واليمن.

ـ لقاء الجالية اللبنانية ـ

ومساء اول من امس اقامت السفارة والجالية استقبالا حاشدا على شرف بري في مقر إقامته، وصافح افرادها، ثم القى كلمة قال فيها:

«اننا اصبحنا اقرب واقرب من اي وقت مضى من انجاز الاستحقاق الرئاسي على قاعدة التوافق الوطني كالعاده لا غالب ولا مغلوب لأن هذا الامر يخدم متطلبات العيش المشترك، واشار الى ان الحوار الوطني بين كافة المكونات الوطنية وممثليها مستمر وهو يشكل ضمانة وحدة لبنان ارضاً وشعباً ومؤسسات وانه وطن نهـائي لجميع ابنائه».

واكد ان الحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله الذي انعقد في اربعة وعشرين لقاء تمكن من خفض سقف التوترات واجهاض كل انواع الفتنة المذهبية وقد جرى فيه تطوير نقاط الالتقاء وتضييق الهوة حول نقاط الاختلاف ضمن الدين الواحد واكد ان بإمكان اللبنانيين ادارة اتفاقاتهم واختلافاتهم وحفظ الوطن حديقة باردة للاختلافات الاقليمية مهما عصفت رياح الاختلافات الاقليمية وزادت الحوارات الساخنة الجارية على غير ساحة.

وقال: انه رغم التوترات السياسية التي عكست نفسها سلباً على ادوار مجلس النواب التشريعية والرقابية الا ان المجلس تمكن في جلسة 12 و 13 تشرين الثاني 2015 من اصدار جملة تشريعات اكدت ان لبنان حريص على سمعة اسواقه المالية ونظافة اليد مالياً وانه ليس موقعاً لتبييض المال السياسي والتجاري ولا المتصل بالممنوعات او الارهاب وان السوق المالي والمصرفي اللبناني لازال الاكثر قوة وخبرة وفعالية في الشرق الاوسط وبالتالي فإن وضع لبنان ورجال الاعمال اللبنانيين على منظار التصويب هو برأينا اجراء ناتج عن مجرد اتهامات تتطلب تبرئة المتهم حتى تثبت ادانته.

واكد ان تجفيف موارد ومصادر الارهاب تتطلب البحث خارج لبنان عن هذه الظاهرة اذ ليس هناك مال ينتمي للبنان يتحرك في اطار صورة حركة مخططات الارهاب لا في الماس ولا في تجارة السيارات ولا في خلاف ذلك او دور الارهاب في تهديد الامن والاستقرار الاقليميين والدوليين.

وشدد على ان لبنان تصرف بأخوة ومسؤولية حيال مشكلة النازحين تماما» كما تصرفت سوريا تجاه لبنان خلال الضغوط الناتجة عن حروب اسرائيل على ارضه. ولا انسى ولا يمكن ان انسى ان مئة وستين الف لبناني من جنوب لبنان نزحوا الى سوريا في حرب العام 2006 واستقبلتهم سوريا برعاية كاملة. صحيح ان المئة والستين الفا ليست كالمليون ونصف مليون ولكن القصة قصة مبدأ قصة انسان قصة ان هؤلاء اخواننا وجيراننا وعرب مثلنا.

وطمأن بري الجالية قائلاً: ان جيشكم الباسل والاجهزة الامنية يقومون بجهود مضاعفة لمنع تسلل التهديدات الامنية عبر حدود الوطن وحدود المجتمع وكذلك لمنع استفادة اسرائيل من تفكك المنطقة لتصعيد التهديدات للبنان بالترافق مع الخروقات اليومية المتواصلة للقرار الدولي 1701، واشار الى ان يبقى الاساس ان موقع بلدنا في الحرب ضد الارهاب الضاغط على حدودنا الشمالية والشرقية من جهة وعلى حدودنا الجنوبية بأرهاب الدولة والتهديدات الارهابية على حدود مجتمعنا، واكد ان الثلاثي شعبا وجيشا ومقاومة مكنوا لبنان من ردع الارهاب بكل صوره.

واكد ان السلام السوري يشكل ضرورة لبنانية والحوار السعودي ـ الايراني يشكل حاجة لبنانية ويفتح الابواب امام الحل اللبناني وان السلام اللبناني يشكل ضرورة وقاعدة ارتكاز لتعميم السلم الاهلي في الاقطار العربية كما ان صيغة التعايش اللبناني تشكل انموذجاً لاقطار الشرق بدل الهرب الى الامام وتقسيم المقسم وفلسطينياً لا بد من التأكيد على موققنا الى جانب الشعب الفلسطيني الباسل في قيامته المباركة الجديدة بوجه الاحتلال والقمع الاسرائيلي، ولو بالسكين، ونرى ان القضية الفلسطينية كانت ام القضايا، وعندما تخلينا عنها تخلينا عن انفسنا وتقسمنا وتقسم الفلسطينيون.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى