ما هي الخطة ب التي تحدّث عنها كيري حميدي العبدالله
في سياق تعليقه على الاتفاق الروسي- الأميركي واحتمالات نجاحه أو فشله حذّر وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري من أنّ فشل الاتفاق وإطالة أمد الحرب قد يقود إلى تقسيم سورية، مردفاً بالقول إنه في حال فشل تطبيق الاتفاق، فإنّ الولايات المتحدة سوف تنتقل إلى الخطة ب .
تساءل الكثيرون عن الخطة ب التي تمتلكها الولايات المتحدة. لا شك أنه في السياسة الخارجية الأميركية، وإزاء قضايا معقدة مثل القضية السورية، دولة كبرى مثل الولايات المتحدة يجب أن يكون لديها خطة ب ، بل يمكن القول إنّ الخطة ب هي جزء تقليدي في السياسة الخارجية الأميركية إزاء القضايا الكبرى والمعقدة.
لكن الأهمّ من الحديث عن وجود الخطة ب من عدمه، هو التعرّف إلى ماهية هذه الخطة. لم يتسرّب في وسائل الإعلام الأميركية أو على لسان المسؤولين في الولايات المتحدة أيّ معلومات حول هذه الخطة، ولهذا فإنّ أيّ استنتاج بشأنها سيكون نابعاً من تحليل وتكهّنات وليس مستنداً إلى معلومات ووقائع. وليس من الصعب استنتاج ماهية هذه الخطة بعناوينها العريضة والأساسية، لأنّ أيّ خطة بديلة هي افتراض، ولا يمكن أن تكتسب طابعها الدقيق إلا عند وضعها موضع التطبيق.
في إطار التوقع والتحليل يمكن تحديد ماهية هذه الخطة في إطار واحد من الاحتمالات الآتية:
ـ الاحتمال الأول، تدخل عسكري مباشر طالما طالبت به جماعات في الولايات المتحدة، وضغطت من أجل القيام به دول مثل السعودية وتركيا وقطر، وحلمت به فصائل المعارضة السورية المرتبطة بالولايات المتحدة، تكون بوابة هذا التدخل المباشر هجوم بري على المنطقة الشرقية في سورية بذريعة مكافحة داعش، والسيطرة على هذه المنطقة لفرض واحد من الخيارات الآتية على سورية وحلفائها: 1 – قبول تقاسم السلطة مع المعارضة، 2 – تقسيم سورية، 3 – استمرار حرب الاستنزاف فترة طويلة.
ـ الاحتمال الثاني، تزويد تشكيلات المعارضة بأسلحة نوعية بهدف إرباك هجمات الطيران، وتحديداً صواريخ أرض جو، قادرة على إعاقة عمل الطائرات السورية والروسية، ومن خلال ذلك خلق معادلة جديدة تسمح لمسلحي المعارضة باستعادة زمام المبادرة والتقديم من جديد لاستعادة المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري، ولا سيما في ريف حلب، وربما في ريف درعا أيضاً.
ـ الاحتمال الثالث، حثّ حكومات المنطقة على تجنيد المزيد من المسلحين وتدريبهم وتقديم الدعم لهم وإرسالهم إلى سورية، أيّ التخلي عن المطالب الأميركية بتقييد حركة انتقال المسلحين إلى سورية خوفاً من التحاقهم بالتنظيمات المصنّفة من قبل الغرب إرهابية، ولا سيما تنظيم داعش، بل العودة إلى اعتماد داعش وغضّ النظر عنها وتخفيف الضربات التي تستهدفها وتشجيعها على مهاجمة مواقع الجيش السوري، على غرار ما حصل في العراق وسورية في عامي 2014 و2015.
قد تكون إحدى هذه الاحتمالات أو أكثر هي مضمون الخطة ب التي تحدّث عنها كيري، ولا بدّ من أخذ هذه المسألة على محمل الجدّ، وعدم التصرّف وكأنّ واشنطن قد رفعت الراية البيضاء.
(البناء)