مقلد للشرق الجديد: منذ حرب تموز لا ودائع سعودية في الجهاز المصرفي اللبناني والنهج الاقتصادي اللبناني يتطلب مراجعة شاملة
رأى الخبير الاقتصادي والكاتب حسن مقلد في حديث لوكالة أخبار الشرق الجديد حول التأثيرات المحتملة للإجراءات السعودية والخليجية والتدابير التي يجري التلويح بها بحق لبنان واللبنانيين، ان هناك مستويين للانعكاسات، المستوى التقني المباشر الحقيقي والمستوى النفسي.
وقال مقلد: ” تقنيا، منذ عشر سنوات حتى اليوم لا يوجد ودائع سعودية في الجهاز المصرفي اللبناني اي منذ حرب تموز الى اليوم، وذلك خلافا لكل ما يحكى، السعودية بهذا الجانب كانت تأخذ موقفا من لبنان والوديعة التي كانت عندها مليار دولار، وفوائد هذه الوديعة على مدى السنوات العشر الماضية كانت تعاد تباعا للسعودية”.
واضاف: “اليوم مصرف لبنان لديه 50 مليار دولار احتياطي من ضمنها 8 مليار دولار اموال موجودة( اي ليست ذهب)، فمهما كانت قيمة الوديعة 500 مليون متبقية او مليار او 100 مليون لا تؤثر ابدا على وضعية مصرف لبنان لجهة الاحتياط النقدي، وحجم الودائع السعودية المقدرة في الجهاز المصرفي اللبناني كان مليار الى مليار ونصف من اصل 152 مليار دولار، من المؤكد ان احتمال سحبها لا يطرح تأثيرا دراماتيكيا على القطاع المصرفي من الجانب التقني”.
وتابع مقلد قائلا: “معنويا، سيكون لهذا النوع من التدابير المتداولة تأثير نسبي ، ولكنه محصور في الضرر المعنوي من غير ان يقود لتداعيات نقدية او مالية اما اذا تم اللجوء الى تدابير اخرى، فالتدبير الاساسي المزعج هو طرد اللبنانيين الموجودين في الخليج او جزء منهم، فهذا سيكون له تأثيرات على عائلات لبنانية تعمل هناك ، و كما سيؤثر ذلك على حجم التحويلات التي تأتي من اللبنانيين المقيمين بالمملكة مما سيؤدي إلى انعكاسات اجتماعية سيئة، وهذا يعني اننا نتعاطى مع جهة تشن حربا بكل معنى الكلمة وتنفذ عقابا جماعيا ضد الشعب اللبناني”.
وحول التدابير المطلوبة لمواجهة هذه الاجراءات والتدابير والوقاية للحد من آثارها، قال مقلد: ” اليوم نحن بوضع يسمح لنا امتصاص هذه الصدمات دون ترك اي أثر علينا، نحن محضرون مسبقا كجهاز مالي ومصرفي بوضعية اقتصادية لاستقبال هذا الموضوع كون الضرر الذي يمكن ان ينتج ان اوقفوا الاستيراد من عندنا، فالدول الخليجية ثاني اكبر سوق لصادراتنا ولكن العراق وحده يمثل ثلث هذه السوق”.
وختم مقلد قائلا: “اذا أردنا الحديث عن تدابير جدية لا يمكن ان نتكلم عن تدابير بالمفرق، وأول تدبير على الدولة اللبنانية ان تتخذه هي ان تصدق انها تدير بلدا لديه اقتصاد مستقل ودورة اقتصادية مرتبطة بها وليست بلدا تابعا ومركبا على ارتباطه بالخارج، هذا يعني ان لهذا علاقة بإعادة صياغة المفهوم اللبناني للاقتصاد الوطني خلافا لما قامت عليه السياسة الاقتصادية الريعية منذ العام 92 وجرى الإصرار عليها بدلا من تنمية القطاعات الإنتاجية وخلق فرص العمل وتنويع الشراكات الاقتصادية المجدية مع القوى الصاعدة في العالم والمنطقة ، ما يعني ان يكون لنا زراعتنا وصناعتنا المستقلة وانتاجنا المستقل ولا ينبغي أن يقوم كل ما نبنيه على قياس الحاجات الوظيفية الخليجية التي استنفذت قدرتها على مد قطاع الخدمات اللبناني بأسباب الحياة بل يجب ان يبنى التوجه الاقتصادي على القياس اللبناني والعربي والاجنبي وليس على قياس خليجي حصري، والتدابير الهادفة لإعادة هيكلة اقتصادنال يجب ان تقوم على نظرة وطنية جديدة وهوية وطنية للاقتصاد اللبناني”.