واشنطن للأكراد: ورقة لا حلفاء حميدي العبدالله
أدلى الرئيس الأميركي باراك أوباما وأكثر من مسؤول أميركي بأكثر من تصريح منذ أن قامت قوات سورية الديمقراطية بقيادة «وحدات الحماية الكردية» بالسيطرة على بعض البلدات الواقعة تحت سيطرة «جبهة النصرة» وحلفائها في محيط إعزاز، بالطلب إلى الأكراد «بعدم استغلال الأوضاع» والسيطرة على هذه المناطق كما جاء على لسان الرئيس الأميركي باراك أوباما. بمعنى آخر أنّ أكراد سورية غير مسموح لهم بقتال الجماعات الإرهابية بما في ذلك «جبهة النصرة» وأنّ ما هو مسموح لهم من قبل الولايات المتحدة فقط قتال «داعش» وليس في كلّ المناطق السورية، بل فقط في المناطق التي قد يقوم الجيش السوري بطرد «داعش» منها، ولهذا السبب رفضت الولايات المتحدة تحرك الأكراد غرب نهر الفرات بعد سيطرتهم على تل أبيض وعين عيسى في ريف الرقة الشمالي، على الرغم من أنّ تنظيم «داعش» هو الذي يسيطر على البلدات والقرى الواقعة غرب نهر الفرات بمحاذاة الحدود التركية حتى مدينة اعزاز.
الولايات المتحدة لم تعلن مرة واحدة وقوفها إلى جانب مطالب الأكراد سواء في العراق أو تركيا أو سورية. في العراق مثلاً رفضت المساعي التي بذلت من قبل أكراد العراق للحصول على أسلحة بشكل منفرد ومن دون المرور بموافقة الحكومة العراقية، وفي تركيا لم تؤيد الولايات المتحدة المطالب التي يدعو أكراد تركيا الحكومية إلى تلبيتها، ولا تزال تضع حزب العمال الكردستاني على لائحة القوى الإرهابية.
جلّ ما توافق عليه الولايات المتحدة في تعاملها مع الأكراد في سورية والعراق وتركيا، تقديم الدعم لهم عندما يكونون ورقة لتنفيذ السياسة الأميركية. فأكراد العراق استخدموا من قبل الولايات المتحدة لترويض الحكومة المركزية العراقية، ومنعها من الذهاب بعيداً في استقلالية قرارها عن السياسة الأميركية، وفي سورية وظف الأكراد لمحاربة «داعش» فقط في المناطق التي قد تخرج عن نطاق السيطرة والاستراتيجية المرسومة من قبل واشنطن، وأكراد تركيا كانوا دائماً ورقة وفزاعة يجري التلويح فيها عندما يكون لدى واشنطن قناعة بأنّ سياسات أنقرة لا تتطابق تماماً مع السياسة الأميركية.
واشنطن تعامل الأكراد، سواء في العراق أو سورية أو تركيا، كورقة تستخدم لتعزيز سياساتها وتطبيق استراتيجياتها في المنطقة لا حلفاء.
للأسف الشديد إنّ الأكراد في سورية والعراق على وجه الخصوص لم يدركوا بعد مرامي هذه السياسية الأميركية الخطيرة على وجودهم وعلى تطلعاتهم في نيل حقوقهم. ولم يدركوا بعد أنّ الولايات المتحدة تستخدمهم لخدمة استراتيجيتها وغير معنية بمطالبهم وحقوقهم التي يقدّمون الدماء من أجلها.
(البناء)