مقالات مختارة

إسرائيل لم تعد مستعجلة لمصالحة الأتراك!: حلمي موسى

 

يكاد لا يمرّ يوم من دون خــروج وســائل الإعلام العــبريّة بأنباء تتعلّق بجهود المصالحة التركيّة ـ الإسرائيليّة. وبرغم الرغبة التي تبديها الولايات المتحدة في حدوث المصــالحة بين الطرفيــن، فإنَّ لكلٍ من الحـــكومتين التركيّة والإسرائيليّة مصــالحهما الخاصّة في هذه المصالحة. إذ يصعب على الماسكين بزمام الأمور في الدولتين، تبرير الانتقــال خلال فترة زمنــيّة بســيطة من أوثق حالات التحالف إلى أشدّ حالات العداء، في ظلّ خسائر متراكمة للطــرفين جراء هذا الخلاف .

ونقل موقع «والا» الإخباري عن مصادر عسكريّة إسرائيليّة قولها، يوم أمس، إنّ هناك «تقدّماً في المفاوضات بين إسرائيل وتركيا». ونظراً لأنّه لم يتمّ الإعلان عن أيّ اجتماع جديد بين طاقمَي المفاوضات من الجانبَين، فليس مستبعداً أنَّ التصريحات والتسريبات التي تُطلق، بالتوازي، بين أنقرة وتل أبيب، تفسَّر على أنّها إمّا صيانة لزخم المفاوضات، أو على الأقل، جزء من تهيئة الرأي العام في الدولتين لإعلان الاتفاق.

ونقل المراسل العسكري للموقع، أمير بوحبوط عن مصادر أمنيّة تأكيدها حدوث تقدّم في المفاوضات بين إسرائيل وتركيا، لكنّها أبدت تحفّظاً، خصوصاً أنَّ «التجربة مع الأتراك تفيد باستحالة ما سيحدث في اللحظة الأخيرة». وبذلك أكَّدت كلام نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، اسماعيل هنية، الذي أشار في خطبة الجمعة، إلى وجود تقدّم بشأن إنشاء ميناء في غزة.

وأضاف المراسل، أنَّ المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة تقول في الغرف المغلقة إنَّها تؤيّد إنشاء ميناء في غزة، بشرط أن يرتبط ذلك بظروف واضحة تخفّف الضغط الاقتصادي عن القطاع وتمنع انفجار أزمة في الشارع الفلسطيني، تقود إلى معركة عسكرية ضدّ إسرائيل.

وكانت إسرائيل قد درست بدائل لإنشاء ميناء في قطاع غزة. وشملت الأفكار التي عُرضت في الماضي، إقامة ميناء عائم على جزيرة اصطناعيّة ترتبط بالقطاع بجسر، ويُدار من قبل قوة متعددة الجنسيات وبرقابة إسرائيليّة، وميناء في قبرص، تنقل منه البضائع إلى غزة بعد فحص أمني مشدّد.

وكتب بوحبوط أنّ وضع «حماس» السياسي ليس جيداً، وكذا حال القطاع الخاضع لحصار إقليمي، خصوصاً لجهة النشاط على الحدود المصريّة. وأشار إلى خلاف بين القيادتين السياسيّة والعسكريّة للحركة، إذ تريد الأخيرة الأموال من إيران، لكنّ الأمنيّين الإسرائيليين يعتقدون أنَّ القرارات تتّخذ بموافقة جانبي الخلاف في «حماس». وتدرك القيادة العسكرية الإسرائيلية أنه إذا لم يوضع حلّ لأزمة الطاقة والمياه في القطاع، فإنَّ الوضع سينفجر خلال خمس سنوات، ولذلك ينبغي إنشاء محطّات طاقة لإنتاج الكهرباء تشكّل أساساً لإنشاء محطات تحلية مياه. فضلاً عن ذلك، تدرك هذه القيادة أنَّ وتيرة إعادة إعمار القطاع غير كافية.

ولهذا السبب، صارت تركيا نقطة ضوء بالنسبة إلى «حماس» للخلاص من الوضع الصعب الذي يعيشه القطاع منذ حرب صيف العام 2014.

صحيح أنَّ قطر لم توقف مساعداتها لـ «حماس»، لكن خلافاً لما كان قائماً قبل الحرب الأخيرة، تنسّق حالياً كل خطواتها مع السلطة في رام الله على غير ما يرضي قادة الحركة. وترغب إسرائيل في المصالحة مع تركيا، آملةً أن تؤثّر نتائجها على منع تصعيد محتمل في غزَّة لبضع سنوات مقبلة. ولذلك ترى المصادر العسكرية الإسرائيلية، أنَّ المجلس الوزاري المصغر، سيبحث قريباً الأمر ويدرس المطلب التركي بإنشاء ميناء في غزة.

وبحسب بوحبوط، فإنّه رغم الأهميّة التي توليها المؤسسة العسكريّة الإسرائيليّة للمفاوضات مع تركيا، إلّا أنَّ القرار لن يتّخذ في تل أبيب من دون التشاور مع الرئيس المصري. وأوضح أنَّ إسرائيل عزّزت مؤخراً التنسيق الأمني مع مصر، وأنَّ للسياسة المصرية دوراً كبيراً جداً في الضغط الممارس على «حماس»، في وقت لا ترغب إسرائيل في تصدّع منظومة العلاقات هذه مع القاهرة.

وكانت مراسلة الشؤون العربية في صحيفة «يديعوت»، سمدار بيري، قد كتبت أنَّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يخطّط منذ الآن إلى حدث مغطّى إعلامياً، يعلن فيه إنهاء القطيعة والنزاع مع إسرائيل. وقد حرص على أن ينقل للإسرائيليين المجتمعين مع طاقم تركي للبحث عن صيغة المصالحة رسالة مفادها أنَّ «إسرائيل كانت ولا تزال حيوية لتركيا، المستعدة لأن تعود إلى صيغة العلاقات الوثيقة التي سادت قبل وقوع قضية مرمرة».

وأوضحت بيري أنَّ كثيراً من الجهات والمصالح الأمنية تقف خلف الرغبة في الاتفــاق. وقالــت إنَّ السلــطان التركي يعتزم، بعد التوصّل إلى اتّفاق، الوصول بنفسه إلى غزّة، ليقــف أمام الكاميرات ويعلن نهاية الحصار بفضل جهوده. وقد حرص أردوغان على أن يوضــح أنَّه لا يعتزم الدخول إلى غزَّة عبر حاجز ايرز الإسرائيلي. كما يدرك عــدم قدرته على الوصــول عبر البحر. فماذا يبقى؟ مصر ترفض أن تفتح له معبر رفح، والسيسي لن يبسط له بساطاً أحمر إلى غزَّة.

وفي نظر بيري، تريد تركيا الاتفاق، وإسرائيل لم تعد في عجلة من أمرها. والمشكلة في نظرها أنَّ إسرائيل متردّدة حول أيّهما الأفضل لها: التنسيق الاستراتيجي مع مصر، أم استئناف الطلعات الجوية العملياتية في سماء تركيا، فيما تتجه العيون الالكترونيّة نحو سوريا ولبنان.. ولاحظت أنَّ ما يزيد الوضع تعقيداً لإسرائيل، هو الصراع القائم علناً بين أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بسبب حرب الأخير على «الإخوان المسلمين»، فيما تحاول السعودية إصلاح العلاقة بين مصر وتركيا، وروسيا لا تريدها أصلاً.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى