عن «الفرصة الذهبية» لتجنيب لبنان نار المنطقة: نبيل هيثم
لا يبدو أن «الفيتوات الرئاسية» ستسقط في المدى المنظور، ما يعني ان مجلس النواب سيبقى مقفلا حتى تنفك العقد، خاصة أن الرئيس نبيه بري مهّد لسقوط جلسة 2 آذار بإشارته أن «لا مؤشرات إيجابية متوقّعة لتلك الجلسة، على رغم كلّ المساعي الجارية ».
ولأن «الفيتوات» هي الاقوى، يقتل المعنيون الوقت، كل بحسب ما يرغب ويشتهي:
ـ بالرهان على حشد أكثرية نيابية للجلسة، كما يفعل سعد الحريري، فيما ذلك مستحيل في سلة نصاب مثقوبة سياسيًّا وكيديًّا.
ـ بالتسلية بتغريدات مجاملة وتهاني بعيد الميلاد العوني الحادي والثمانين، وتمنيات سمير جعجع بأن يكون الاتفاق بينهما «ناجزا قبل عيد ميلادك (عون) القادم»، ورد الجنرال بتقريب المسافة الزمنية وتمنيه ان يصبح «اتفاقنا ناجزا في نهاية زمن الصوم».
ـ بمحاولة البحث عن أسباب الترشيح. وسعد الحريري مقتنع ان دعم جعجع لعون هدفه قطع الطريق على سليمان فرنجية، وأراد ان يسمع من جعجع نفسه. وثمة رواية سردها «عارفون» في مجلس خاص تشير إلى أن الحريري، وخلال زيارته رئيس «القوات» في معراب، سأله عن السبب، وكانت المفاجأة حينما قال جعجع ما مفاده «رشحت عون نكاية فيك.. كما فعلت بي».
ـ بانتظار المستحيل كما يفعل ميشال عون الذي ينتظر ان يأتي اليه من يقول له أن سليمان فرنجية قد انسحب من معركة الرئاسة.
أمام هذا الانتظار البرتقالي، تعكس الصورة في بنشعي ما يلي:
ـ ثباتا على ما تم الاتفاق عليه بين الاقطاب في بكركي.
ـ تأكيدا متجددا ان فرنجية ماض في ترشيحه، وفكرة انسحابه غير واردة، والرهان على هذا الانسحاب رهان خاسر سلفا.
ـ افضل المخارج هو أن تأخذ اللعبة الديموقراطية مجراها في مجلس النواب.
ـ هناك فرصة جدية لاتمام الاستحقاق الرئاسي، وكل الدعم الدولي والاقليمي والداخلي متوفر لها، فلماذا لا ننتهزها؟
ـ الخشية من ألا يبقى لبنان بمنأى عن النزاعات الاقليمية، اليوم هناك فرصة ذهبية، ويخشى أن تتدحرج أزمات المنطقة أكثر وتتحول النار إلى لبنان.
ـ انتخاب رئيس جمهورية مهم جدا ولكن ليس معنى ذلك انه هو الحل، بل هو المدماك الذي يمكن أن نعود ونبني البلد على أساسه من جديد، وهذا ما تم الاتفاق عليه مع الحريري.
ـ الكيمياء ما بين فرنجية والحريري في أعلى مستوياتها. والاتصال بينهما يومي ومتكرر، وتبادل رأي وأفكار وتشاور في أمور صغيرة وكبيرة، سياسية وغير سياسية. وما يزيد تلك الكيمياء عمقاً أن اتفاق فرنجية ـ الحريري «ليس اتفاقا ثنائيا أملته مصلحتي أو مصلحته، لقد اتفقنا أن نشتغل لمصلحة البلد ونقطة على السطر، مع تمسكي بمبادئي وقناعاتي وبعروبتي التي هي من صميم عملي السياسي، وبحلفائي وبتنسيقي معهم، وبأنني ثابت على ما عرف عني بأنني لا ولن اطعن في الظهر».
ـ استياء بالغ من اصرار بعض المسيحيين على الظهور وكأنهم مسيحيون اكثر من فرنجية، وانهم هم المسيحيون الاصليون والآخرون «تقليد».
ـ ما زالت علامات الاستغراب موجودة في بنشعي من «الهجمة الشرسة على فرنجية»، وثمة تساؤلات مقابلة: ما هي مبررات هذه الهجمة؟ لقد جرت ما سميت مصالحة معراب بين جعجع وعون، وهناك من اعتبر الامر طبيعيا، ولم يقاربها بسلبية او انتقاد، بينما قامت القيامة على فرنجية وذهب البعض الى حد تكفيره سياسيا عندما التقى في منتصف الطريق مع الحريري وتصالحا، وبنتيجتها كان طرح الترشيح. فلماذا يجوز للبعض اجراء مصالحات في ما بينهم، ولا يجوز لفرنجية ان يجري مصالحات مع فرقاء لبنانيين اساسيين مثل الحريري؟
ـ مصالحة معراب تعطي جعجع فقط، ولذلك هي محكومة بالانفراط والافتراق مجددا ولو بعد حين، وفرق شاسع بين مصالحة لـ «المصلحة» وبين مصالحة لـ «المصالحة». تتقاطع هذه الملاحظة مع قراءة كنسية مستاءة من «فرصة متاحة حاليا لانتخاب الرئيس، يجري تفويتها». الكلام الكنسي متمسك بـ «اتفاق بكركي»، حينما اتفق الاقطاب المسيحيون الاربعة على الا يكون هناك «فيتو» من احدهم على ترشيح اي منهم، الا ان مصالحة معراب لم تبهره «صحيح ان قوة المسيحيين في توحدهم والمصالحة في ما بينهم، لكن شرط ان تكون المصالحة دائمة وثابتة وليس ظرفية مؤقتة او مصلحية، ولذلك هناك عدم الرضى على اتفاق معراب لأنه لم يشكل عنصر جمع للمسيحيين، بل قسمهم، والغى قسما كبيرا منهم واشعرهم بالمرارة، وصورهم على انهم على هامش المسيحيين، فضلاً عن أنه زاد الارباك، فطرفاه يدركان انه لا يفتح طريق بعبدا.
الكلام الكنسي، مستند الى موقف فاتيكاني «مستاء من سوء ادارة المسيحيين في لبنان لسياستهم العامة.. ولا يخفي حماسته لسليمان فرنجية وتزكيته رئيسا».
(السفير)