الناتو يأخذ موطئ قدم له في سوريا تحت غطاء أزمة اللاجئين: فينان كانينغهام
ارسل حلف شمال الاطلسي التي تقوده الولايات المتحدة سفن حربية إلى البحر المتوسط تحت عنوان “تخفيف أزمة اللاجئين في أوروبا”. ومع ذلك، وفي نظرة فاحصة على مهمة السفن البحرية التابعة لحلف شمال الاطلسي نجد أن الوضع ليس مرتبط بحل ازمة اللاجئين، بل هو تعبئة لحرب كاملة على سوريا .
ويأتي ذلك في الوقت الذي استأنفت فيه المحادثات الاميركية –الروسية الدبلوماسية بشأن الازمة السورية ، مما يشير إلى أن الناتو يستعد للعمل العسكري مع تركيا من أجل إنقاذ الحرب السرية التي قادها لتغيير النظام في سوريا.
وشهدت تلك الحرب على بعض الخسائر التي منيت بها الولايات المتحدة وحلفائها الذين اججوا دور الميليشيات العميلة السرية للإطاحة بحكومة الأسد منذ مارس 2011، وتصاعدت هذه الخسائر منذ بدأت روسيا حملة القصف الجوي منذ أربعة أشهر للمساعدة في استقرار الدولة السورية.
بعد الاجتماع مع وزراء حلف شمال الاطلسي في بروكسل يوم الخميس، أعلن الأمين العام للحلف ينس شتولتنبرج انه “من دون تأخير” سوف يتم ارسال مجموعة بحرية دائمة مؤلفة من سفينتين و”ستكون مهمتها إجراء الاستطلاع والرصد والمراقبة لتهريب اللاجئين غير القانوني” ولمعابر بحر إيجة بالتعاون مع الجهات المعنية.
بالإضافة إلى عبور بحر إيجة، ستتولى مهمة حلف شمال الاطلسي مراقبة الحدود السورية التركية، ومرة أخرى بدعوى مكافحة الاتجار بالبشر من اللاجئين. وتعني المراقبة المزعومة أن الناتو سوف يعمل في شرق البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من قبرص، حيث مقر المجموعة البحرية الدائمة.
وقال شتولتنبرج وفقا للبي بي سي: “كان يجري تكثيف عمليات الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخبارية أيضا على الحدود بين تركيا وسوريا”.
وقد أمرت التعبئة العامة من قبل القائد العام لحلف شمال الاطلسي فيليب بريد لوف، وقد ميز نفسه بالخطابات المسعورة التي كان يطلقها على غرار الحرب الباردة ضد روسيا. دوره الجديد، يأخذ ظاهريا البعد الإنساني ولكن هذا لا يبدو مناسبا.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز: ” ان فيليب بريدلوف قائد قوات الناتو الاعلى المتحالف مع أوروبا، أمر بإرسال السفن الى بحر إيجه، والسفن هي من كندا وألمانيا واليونان وتركيا، بحسب المسؤولين“.
ونقلتنيويورك تايمز عنه قوله : “ان هذه المهمة قد حددت في الـ 20 ساعة الماضية، ولقد تم تكليفي الآن بأن أعود واحدد المهمة، كان لدينا بعض القرارات السريعة جدا، والآن علينا أن نذهب للقيام ببعض الأعمال العسكرية“.
يبدو أن القائد العسكري للناتو قد نسي انه في الأسبوع الماضي، ذكرت منظمة حلف شمال الأطلسي أن المجموعة البحرية الدائمة قد أكملت للتو عمليات تدريب “واسعة” مع البحرية التركية في شرق البحر الأبيض المتوسط، وفقا لموقع التحالف نفسه.
وتضم مجموعة الناتو الدائمة ثلاث سفن: اف جي اس بون (ألمانيا)، السفينة فريدريكتون (كندا) وسفينة بارباروس التركية، هذه السفن الحربية الثقيلة، أكبر من الدرجة التدميرية، ومليئة بمجموعة من الأسلحة، المضادة للطائرات والمضادة للسفن، والمضادة للغواصات وقوة نيران مضادة للصواريخ.
المجموعة البحرية التابعة للناتو – توصف بأنها “سريعة الرد ” – وأجرت تدريبات في الأسبوع الماضي في شرق البحر الأبيض المتوسط، وشملت المناورات تدريبات مع مقاتلات F-16 التركية وطرادات.
موقع صحيفة الاندبندنت البريطانية نقل عن الامين العام لحلف شمال الاطلسي ستولتنبرج قوله ان مهمة القوات البحرية ستشمل خمس سفن ويمكن أن يضمن ارسال المزيد من السفن.
وأضاف: “إلى أي مدى سفن الناتو سوف تتفاعل مع قوارب اللاجئين هذا لا يزال غير واضحا، وقال دبلوماسيون في حلف شمال الأطلسي أنه بدلا من التدخل المباشر، فلتجمع معلومات استخباراتية عن مهربي البشر وتسليمهم إلى قوات خفر السواحل التركية للسماح لهم بمكافحة التهريب “.
وقال شتولتنبرج إن الهدف هو “لا حول وقف أو دحر قوارب اللاجئين” ولكن عن المساهمة “في جمع المعلومات الهامة والمراقبة للمساعدة في مكافحة الاتجار بالبشر والشبكات الإجرامية“.
إذا سفن حلف شمال الاطلسي لم تتفاعل مع سفن اللاجئين، اذن لماذا هي هناك؟.
فكرة أن ترسل سفن حربية ثقيلة للتصدي لعصابات الاتجار بالبشر هذا أيضا ليس ممكنا. التجار نادرا ما يعبرون على قوارب مكتظة مع اللاجئين، فبعد أن يتم تسليمهم الرسوم الباهظة على الشواطئ التركية، يتم دفع القوارب إلى البحر من قبل المهربين الذين يختفون لاحقا.
وزير الدفاع الأميركي اش كارتر الذي كان يحضر أيضا اجتماع حلف شمال الاطلسي في بروكسل، تحدث عن مهمة جديدة مفترضة للإنقاذ: “هناك الآن عصابة إجرامية تستغل هؤلاء الناس الفقراء، وهذا يعتبر عملية تهريب منظمة، وهذه الطريقة لها أثر كبير …”.
النوايا الإنسانية واضحة في هذه المهمة حلف شمال الأطلسي تفتقر إلى المصداقية، كما لاحظ مراسل بي بي سي: “إن القرار يمثل تدخل التحالف الأمني الأول في أوروبا أزمة المهاجرين“.
والسؤال هو: لماذا الآن؟ في العام الماضي، لقي أكثر من 3000 شخص حتفهم على معابر البحر الأبيض المتوسط ووصل مليون الى الاتحاد الأوروبي. لذا، لماذا حلف شمال الاطلسي وجد لديه فجأة شعور بالإلحاح لمعالجة مشكلة اللاجئين في أوروبا؟ فهذا لا يزيد بشيء.
التناقض الصارخ هو عدم تطابق في السفن البحرية المتواجدة والغرض الإنساني المفترض. المجموعة البحرية الدائمة تهدف لشن حرب، وليس تشكيل خفر سواحل.
شرعت المهمة من قبل أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي ألمانيا وتركيا. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في تركيا عن دعمها علنا لدعوة الرئيس رجب طيب أردوغان روسيا لوقف عملياتها العسكرية في سوريا. وكررت ميركل ادعاءات حلف شمال الأطلسي بأن القصف الروسي زاد “سبب معاناة المدنيين”، وهو المسؤول عن الارتفاع الأخير في عدد الأشخاص الفارين من مدينة حلب السورية إلى الحدود التركية.
فقد مكن هذا الدعم العسكري الناجح لروسيا قوات الجيش السوري من تحقيق مكاسب استراتيجية مثيرة ضد الميليشيات المسلحة المناهضة للحكومة، ومعظمهم ممن لهم صلة بتنظيم القاعدة والمجموعات الارهابية التي تسللت وحصلت على السلاح من الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك تركيا وشركائها كالمملكة العربية السعودية وقطر.
وفي تقرير منفصل هذا الأسبوع، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن واشنطن وحلفاءها تتعرض لضغوط متزايدة بسبب النجاح العسكري الروسي في سوريا. وفي اعتراف مذهل ذكرت صحيفة نيويورك تايمز: “الروس قطعوا العديد من المسارات التي كانت تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية بشكل سري لتسليح المتمردين وفقا لبعض المسؤولين الحاليين والسابقين.
خسارة الحرب السرية في سوريا بسبب تدخل روسيا، دفع واشنطن الى النظر في “الخطة ب”، وأضافت نيويورك تايمز، «ما يعني بذل جهد عسكري أكبر بكثير لموجهة الأسد“.
تفسير ديناميكية خسارة الحرب السرية التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا احبط العلاقات بين واشنطن وتركيا والمملكة العربية السعودية، ومع أردوغان على وجه الخصوص الذي وبخ الأميركيين في خطاب ألقاها هذا الأسبوع.
نشر سفن الناتو الحربية في البحر الأبيض المتوسط تحت غطاء “وقف تدفق اللاجئين الى أوروبا» قد يكون رشوة من واشنطن الى تركيا لتعويضها عن الخسائر العسكرية التي تكبدتها في سوريا، وبالتالي اسكات أردوغان قليلا.
مرة أخرى، سيكون هناك خطة (ب) وسيكون هناك حالة طوارئ عسكرية حقيقية من حلف شمال الأطلسي التي تقوده الولايات المتحدة أكثر مباشرة في سوريا. وسنرى مع مرور الوقت.
انفورميشين كليرينغ هاوس
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان
– See more at: http://www.informationclearinghouse.info/article44225.htm#sthash.JygN33bS.dpuf